ربما المدرسة الثالثة - خولة مطر - بوابة الشروق
الإثنين 23 ديسمبر 2024 3:47 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ربما المدرسة الثالثة

نشر فى : الأحد 23 يوليه 2017 - 8:40 م | آخر تحديث : الأحد 23 يوليه 2017 - 8:40 م

عن اتحادات الطلبة كان النقاش قد احتد والشلة تجتمع للمرة الأولى منذ فترة طويلة وهى حقيقة لم تعد شلة فقد تفتتت وكل راح فى سبيله. يلتقون عبر رسائل المعايدة المقتضبه والمكررة ربما وفى أعياد أخرى تتسرب الأسماء إلى ما بعد الذاكرة فتختفى فى زحمة الأيام والوجوه الجديدة والخوف من الوصمة والخجل أحيانا عند البعض الذى يعمل جهده على شطب المرحلة بأكملها وربما هذا من حقهم ولكن ربما عليهم أن يتوقفوا بعض الشىء ويعيدوا النظر فى الكثير من حسنات ذاك الاتحاد وتلك المرحلة.
عاد نقاشهم الذى كان عن الاتحاد الوطنى لطلبة البحرين الذى توزعت فروعه على عواصم مختلفة، والذى شهد الكثير من المشادات والاختلافات بين الفصائل الفكرية والحزبية المختلفة فيما لم يكن كل أعضائه ربما منتمين او تابعين لفكر أو تنظيم ولكن كان دائما شيئًا ما أو قضية ما تفرقهم وقضايا أيضا تجمعهم أحيانا. فلم يختلفوا أبدا على فلسطين ولكنهم اختلفوا على الفصائل الفلسطينية وانقسموا بينها أيضا؛ منهم من كان مع فتح، وآخرون مع الجبهة الشعبية أو الجبهة الديمقراطية وآخرون مع تنظيمات فلسطينية أخرى. بقيت فلسطين بوصلتهم رغم كل الاختلافات.
***
عاد نقاش الشلة إلى تلك المرحلة.. بعض السيدات الآن أو الجدات كن فتيات يافعات يرتدين المينى جيب ويرقصن على أنغام الأغانى التراثية أو حتى الروك آند رولا فى سهرات الشلل الطلابية المختلفة. وكثيرا ما كانت كل الشلة من طلاب وطالبات، شباب وبنات يجتمعن ليغنين معا أغانى الثورة والشيخ إمام فيرددون «رجعوا التلامذة.. » و «الفلاحين» و«شيد قصورك»، وفى مرحلة أخرى كان مرسيل المهيمن مع بعض الانتشار لخالد الهبر.. ومعه خالد الشيخ الباقى دوما بأغانيه المميزة رغم بعده واختفائه.
اليوم يقف الأجداد أمام أنفسهم، كثيرون تقاعدوا من أعمالهم وتفرغوا للأحفاد، وربما بعض القراءة والنشاطات الاجتماعية مع منظمات المجتمع المدنى، وآخرون لا يزالون يعملون بجد فى مجالات مختلفة.. ينظرون إلى الخلف أحيانا، يعاودون الحديث عن بعض ما جرى.. بعض النساء الجدات وحتى الرجال يعتبرونها مرحلة ضائعة من تاريخهم أو أنهم ضيعوها فى الحديث عن الوهم والأوهام وأنهم لم يعرفوا كيف يستمتعون بها كما كل شباب جيلهم حينها.. وآخرون لا يزالون يدركون أن الاتحاد الوطنى لطلبة البحرين قد شكل المدرسة الثالثة فى حياتهم أو حياتهن. فبعد المدرسة والعائلة جاء الاتحاد ليرسخ رغم الكثير من الملاحظات، الكثير من القيم و المعرفة والارتباط بالعالم وقضاياه والإنسانية وربما أيضا أهمية حقوق الإنسان ودور الموسيقى والفن والصداقة بين الجنسين دون ملابسات ثقافية أو مجتمعية، بل الصداقة الحق التى بقى كثير منها حتى الآن رغم تباعد وتفرق الدروب.. كان الاتحاد مدرسة لأنه ورغم عيوبه الكثيرة التى ظهرت بوضوح مع الزمن، رغم أن بعض أعضاء الاتحاد كانوا على علم بها فإن التشدد الفكرى حينها حال دون الوقوف عندها ومعالجتها، رغم كل ذلك بقى هو المركز الذى يجمع الطلاب البحرينيين فى عواصم الكون حتى وصلوا إلى الولايات المتحدة وكندا بعد أن بدأت الحرب الأهلية فى لبنان ولم تعد الجامعة الأمريكية خيارا متاحًا.
***
كان الاتحاد يجمع الطلاب البحرينيين وكثيرًا من الخليجيين أيضا عندما كان الخليج أكثر وحدة وأهله أكثر ألفة وأقل تشددًا وانحيازًا. وبقى لسنوات مكانا للنقاشات الساخنة التى تزداد حدة سخونتها أحيانا حد الاشتباك، ولكنها بقيت مكانا لفهم العديد من القضايا والتعريف بالعديد من النظريات السياسية والاجتماعية خاصة فيما يتعلق بالمرأة ومكانتها، ولذلك لن يستطيع أحد أن ينكر رغم صعوبة الثقافات السائدة واختلافات البيئة الاجتماعية التى ينحدر منها الطلاب والطالبات أن حالة من الاحترام لعضوات الاتحاد بقيت واستمرت حتى اخترقت الفتيات البحرينيات حينها الحاجز وحصلنا على مناصب قيادية فى فروع الاتحاد.. لم يكن الوضع نفسه فى كل مكان طبعا ولكنه بالتأكيد أفضل من التشرذم وفقدان البوصلة والقدوة اليوم، وهو شكل المرجع أحيانا لكثير من الأخلاقيات الأساسية رغم أنه ككل التشكيلات الطلابية والاجتماعية والسياسية الأخرى لم يستطع أن يعلم كل أعضائه معنى الانفتاح وتقبل الآخر واحترام القيم وغيره، ولكن الكثير من أعضائه السابقين وحتى من ينتقده منهم بشدة لا يستطيع أن ينكر أن كثيرًا مما هو عليه اليوم هو نتاج لتلك المرحلة الغنية بكل أخطائها وعيوبها ونواقصها ولا يستطيع المرء إلا أن يتذكره بكثير من الحنين خاصة وعند الحديث مع كثير من الشخصيات العربية المرموقة اليوم فكرا وإعلاما وسياسة، والتى تكرر كان الطلاب البحرينيون مميزين جدا، وكنا نزورهم فى مقر اتحادهم ونلتقى بهم فى الكثير من الندوات واللقاءات الثقافية.. هناك حاجة للاعتراف بهذه المدرسة رغم الكثير من نواقصها حتما فهى كانت المدرسة الثالثة.

خولة مطر  كاتبة صحفية من البحرين
التعليقات