نشرت مجلة THE EAST AFRICAN مقالا للكاتب «جورج أوموندى» يتناول فيه الجدل الدائر حول تنازل كينيا عن السيادة على ميناء مومباسا للصين لتأمين سداد قروض من بنك إكسيم الصينى لتشييد خط سكك حديدية.
لقد استخدمت الحكومة الكينية ميناء مومباسا لتأمين قرض بمليارات الدولارات حصلت عليه من بنك إكسيم الصينى لبناء خط سكك حديدية، بما يعرض هيئة الموانئ الكينية ذات السيولة النقدية إلى الاستيلاء عليها واستغلالها من قبل الصين فى حال عدم القدرة على سداد القرض.
ويظهر تقرير تم تسريبه من قبل مكتب مراجع الحسابات العام أن الحكومة الكينية قد تخلت فى عام 2013 عن سيادتها على الميناء من أجل استخدامه كضمان للقرض الصينى. ورفض مراجع الحسابات العام «إدوارد أوكو» تأكيد أو إنكار صحة الوثيقة، التى تم نشرها على نطاق واسع على المنصات الرقمية، مصرا على أن تقاريره تقدم رسميا إلى البرلمان وليس للجمهور من خلال وسائل التواصل الاجتماعى.
وصرح قائلا «أى تقارير صادرة عن مكتبى يتم نقلها من مكتبى إلى البرلمان». وأضاف أن التقرير المتداول على وسائل التواصل الاجتماعى ليس رسميًا.
وكان لدى هيئة الموانئ الكينية فترة امتدت إلى 27 نوفمبر الماضى للرد على الاستفسارات التى أثيرت وفقا للتقرير المسرب. ووجد مراجعو الحسابات أن أصول هيئة الموانئ الكينية كانت ملتزمة بشكل مباشر كضامن لقروض بقيمة 32 مليار شيلينج كينى (3.3 مليار دولار) قدمتها الصين لكينيا فى عام 2013.
وزارة الخزانة
يعتقد أن الرئيس ووزارة النقل والخزانة لعبت أدوارا رئيسية فى التوسط فى الصفقة، التى تم عقدها خلال زيارة الرئيس أوهورو كينياتا إلى بكين. وتقول الوثيقة التى تم تسريبها إن بنك إكسيم الصينى قد حصل على السلطة للتقدم كمساهم رئيسى فى هيئة الموانئ الكينية فى حالة التخلف عن سداد القرض، وإنشاء حساب ضمان لعائدات الوكالة واستخدام العائدات المجمعة لتغطية عجز تسديد القروض. ومن الجدير بالذكر أن هيئة الموانئ الكينية انتجت عائدات بقيمة 42.7 مليار شيلينج (427 مليون دولار) فى العام المنتهى فى يونيو 2017، أى بزيادة قدرها 7.9 فى المائة عن العام السابق، وفقا لأحدث التقارير المالية.
وتتعرض أصول هيئة الموانئ الكينية للاستغلال لأنها وقعت على الاتفاقية حيث تخلت الحكومة عن الحصانة على أصول الهيئة بموجبها، هكذا جاء فى رسالة مكتب المراجعة الوطنية إلى إدارة هيئة الموانئ الكينية بتاريخ 16 نوفمبر.
ومن المفارقات، أن شركة السكك الحديدية الكينية ــ وليس هيئة الموانئ ــ هى التى تمتلك أصول السكك الحديدية وتشرف على تسيير أعمالها كقطاع نقل يفترض أن يولد إيرادات لسداد القروض. كما أن خدمة نقل الركاب والشحن التابعة للسكك الحديدية، التى بدأت العام الماضى، لم تحقق حتى نصف الإيرادات المتوقعة فى دراسات الجدوى، ما أثار المخاوف بشأن قدرة كينيا على خدمة القرض.
«غير صحيح»
رفض جيمس ماشاريا ــ وزير النقل والبنية التحتية ــ هذا التقرير وأعلن أنه غير صحيح. قائلا: «نحن نعلم أن هذا لا يمكن أن يكون صحيحًا، أى فكرة التنازل عن سيادة بلد ما. لذا دعونا لا نتحدث عن ذلك».
ويضيف الكاتب أنه بالإضافة إلى القرض، قدمت الصين أيضا المواد الخام والمهندسين والأسهم المتداولة لمشروع السكك الحديدية. وعندما تم إطلاق خدمة الشحن الخاصة بشركة السكك الحديدية فى العام الماضى، قامت كينيا مرة أخرى بإسناد هذه المهمة لشركة اتصالات صينية. وتُظهر الوثيقة المسربة أن مكتب المراجع العام شكك فى ما يعتبره عقدًا غير متوازن، مضيفًا أن «الاتفاق متحيز نظرًا لأن أى نزاع مع البنك الصينى سيُحال إلى التحكيم فى الصين التى لا يمكن ضمان نزاهتها فى حل الخلاف».
من القرض الصينى لمسار مومباسا ــ نيروبى، تم إنفاق ما يقارب 319 مليار شيلينج كينى (3.2 مليار دولار) بشكل مباشر على تشييد السكك الحديدية، حيث تم صرف 225 مليار شيلينج كينى (2.1 مليار دولار) على عملية التشييد وباقيها يتم استخدامها فى شراء القاطرات والعربات.
نقود غير كافية
إن القرض سيتم سداده خلال 15 سنة مع فترة سماح مدتها خمس سنوات. ويعنى هذا أنه من المتوقع أن يتم سداد أصل أول دفعة فى العام المقبل وهذا هو أساس القلق المتزايد بشأن عدم كفاية السيولة التى تدرها السكك الحديدية من خدمات الشحن والركاب. وفى سبتمبر، صنفت كينيا من بين البلدان الأكثر تعرضا لخطر فقدان الأصول الاستراتيجية لصالح الصين بسبب الديون حيث بلغ الدين 558.8 مليار شيلينج كينى (5.55 مليار دولار).
إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى
النص الأصلي