التحالف الجاسوسى الأمريكى الروسى - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 7:03 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

التحالف الجاسوسى الأمريكى الروسى

نشر فى : السبت 24 ديسمبر 2016 - 9:30 م | آخر تحديث : السبت 24 ديسمبر 2016 - 9:30 م
اقتَرَحَ الرئيس الروسى على الرئيس الأمريكى توحيد جواسيسهما، توفيرا للنفقات، طالما كان الجواسيس أنفسهم يعملون لصالح الدولتين. هذه نكتة معروفة من عهد الزعيمين الراحلين، السوفييتى «خروشوف» والأمريكى «كنيدى»، لكن أصح منها ما وقع فعلا وهو إعلان الرئيس الأمريكى المنتخب «ترامب» خفض الوقت المخصص للنظر فى تقارير المخابرات الأمريكية من ساعة يوميا إلى ساعة أسبوعيا. فما جدية مخابرات تستقبله بنبأ اجتياح القوة «السايبرية» الروسية «واشنطن» لدعم انتخابه للرئاسة، وما قيمة ديمقراطية الدولة الديمقراطية العظمى إذا أمكن تغيير نتائج أهم قراراتها بـ«الريموت» من موسكو؟!

كمية الملفات التى يقال إن قراصنة «السايبر» الروس سرقوها من شبكة أجهزة الكمبيوتر فى «الحزب الديمقراطى الأمريكى» تفوق بالطول عند وضعها واحدة فوق الأخرى «نصب واشنطن» التذكارى فى العاصمة الأمريكية، والبالغ ارتفاعه نحو 170 مترا. والتفاصيل المعلنة عن سرقتها نسخة من مسلسل الفيلم الأمريكى الممتع «أنتَ ترانا الآن»، حيث تتداخل الوقائع والشخصيات والصدف بشكل لا يُصدق. فمثلا «الدوقات»، وهو اسم فريق التجسس «السايبرى» الروسى المرتبط بالكرملين، فى الواقع وليس فى الفيلم، سعى «المكتب الفيدرالى» الأمريكى طوال سنوات للحيلولة دون اختراقه بريد «البيت الأبيض» السرى، وبريد «وزارة الخارجية»، وحتى بريد «قيادة القوات المشتركة».

وكالمفارقات الهزلية فى الفيلم، يحاول فى الواقع وكيل المخابرات الأمريكية أسابيع عدة إبلاغ مقاول تأمين الحماية التقنية لشبكة «الحزب الديمقراطى» بأن «الدوقات» اخترقوه، وسرقوا ملفات «هيلارى» مما يهدد فرصها فى الفوز. لكن المقاول الذى كان يسعى للحصول على معلومات عن «الدوقات» بوساطة محرك البحث «جوجل»، اعتقد أن وكيل المخابرات الذى ينبهه إلى الخطر شخصية مختلقة للإيقاع به. وهكذا تسير الأحداث، ليس فى الفيلم ولكن فى واشنطن، حيث المسافة بين «المكتب الفيديرالى» ومقر «الحزب الديمقراطى» أقل من كيلومتر، ومع ذلك لم يكلف أى طرف نفسه الذهاب شخصيا لاستقصاء الموضوع.

وفى الحلقة الثانية المثيرة، من مسلسل الحدث، وليس الفيلم، يحوِلُ قرصانا معلومات روسيان خطيران اسمهما «الدب المتونس» و«الدب المزخرف»، الملفات المسروقة إلى «ويكيليكس». وابتهج «أسانج»، صاحب «ويكيليكس» اللاجئ منذ سنتين فى سفارة الإكوادور بلندن عندما تسابقت الصحف العالمية فى نشر الوثائق المسروقة بمجرد عرضها فى موقعه، واعتبرتها السبب فى خسارة «هيلارى» الانتخابات. هنا بَلَغَت قوة اندماجى بقراءة التقارير على شاشة كمبيوترى أننى ارتعبتُ حين ظهرت رسالة من «جوجل» تُحذِر: «أحدُهم سرق كلمة سرك»، وأوشكت أن أمتثل لأمر «غيِر كلمة السر» عندما أدركتُ أن الرسالة ليست موجهة إلى، بل إلى مقاول أمن شبكة كمبيوتر حزب «هيلارى»!

وتذكرتُ أن توقيت اختراق القراصنة، والذى يوافق ساعات الدوام الرسمى فى روسيا، اعتبرته المخابرات الأمريكية دليلا على تورط موسكو بسرقة الوثائق، نكتة من العهد السوفييتى، وتقترحُ كنكتة «خروشوف» و«كنيدى» لحل هذه اللخبطة التاريخية عن طريق عقد تحالف استراتيجى جاسوسى أمريكى روسى، ليس بهدف الاقتصاد فى الإنفاق فحسب، بل لأن شبكة الإنترنت العالمية منهارة، حسب «والتر إيساكسون»، رئيس «معهد أسبين» المشهور ببحوثه الدولية. والحروب «السايبرية» الجارية من مظاهر الانهيار، وأحدث وقائعها إعلان «ياهو» سرقة قراصنة المعلومات مليار عنوان مشترك فيها، تتضمن معلومات حساسة كالأرقام السرية للمشتركين، وهواتفهم، وتاريخ ميلادهم. ولم تشف «ياهو» بعد من آثار غزو نصف مليون «سبام» وهى رسائل عشوائية تشلُ كل عنوان يتعرض لهجماتها. وطَرَحت أخيرا مجموعة قراصنة تدعو نفسها «سماسرة الظلال»، ملفات «وكالة الأمن القومى» الأمريكية للبيع بالمزاد. وإذا أخذنا بالاعتبار حجم النشاطات عبر الإنترنت فى الأعمال والتسويق والتعليم والإعلام والاقتصاد، فسندرك القيمة الاستراتيجية لعقد تحالف جاسوسى أمريكى روسى.
التعليقات