ينبغى أن نفرق جيدا فى نقاشاتنا وقبلها فى عقولنا الباطنة بين معنى الدولة ومعنى الحكومة، فلوهلة ٍقد يختلط المعنيان فى حس السياسى فضلا عن رجل الشارع فيرتب بناء على هذا الخلط التصورات ومن ثم الأحكام الخاطئة .
قد تفشل الحكومة فى أداء وظيفتها ولا يعنى ذلك بالضرورة فشلا للدولة بكل مؤسساتها، وقد ننتقد الأداء السياسى لوزراء بأعينهم وتزداد وتيرة انتقادنا حدة مع تعاقب الأيام، ولا يعنى ذلك بالضرورة أيضا انسحاب نقدنا إلى المؤسسات التى يتربع هؤلاء الوزراء على قمتها.
كنت قد دبجت كلاما حول هذا المعنى قبل أنباء الاستقالة المفاجئة لحكومة الببلاوى، ولا أجد أن المناسبة ستغير من الكلام كثيرا.. فأداء الحكومة الضعيف أمام حجم التحديات والمشكلات لاسيما الاقتصادية منها، لم يكن يغرى أحدا بالدفاع عنها بل كان يدفع إلى ضرورة العمل على إسقاطها حرصا على إنقاذ البلاد من تدهور أكثر حدة بات يلوح فى الأفق.
وفى نفس الوقت كان المخلصون من أبناء هذا الوطن يعلمون أن الهجوم بنفس الوتيرة على مؤسسات الدولة المختلفة لن يؤدى إلى الإصلاح المنشود قدر ما سيزيد من مناخ فقدان الثقة وسيثمر مزيدا من الإحباط لدى المواطن العادى.
حكومة الببلاوى فى مجموعها كانت أقل فى الأداء بكثير من طموحات الشعب المصرى، وباستثناء مجموعة وزارية محدودة كان غياب التجانس وتضارب القرارات والارتباك أمام الأحداث الطارئة هى أبرز سمات تلك الحكومة المستقيلة.
الوقت ضيق قبل انتخابات الرئاسة.. نعم، لكن استمرار النزيف ليس اختيارا محمودا على أية حال.. الاختيار التقليدى الذى كنت أميل إليه دائما، إجراء نوع من التعديل على التشكيل الحالى ريثما نصل إلى الانتخابات، لكن الآن لا أجد مفرا من التغيير بالكلية.
وليكن ثمة اتفاق ضمنى أو معلن أن تظل الحكومة القادمة تعمل حتى بعد انتخاب رئيس جديد لتعطى الفرصة كاملة كما أخذتها سابقتها، ولنوفر أقل قدر ممكن من الاستقرار.