المثقفون وحقوق الإنسان - سامح فوزي - بوابة الشروق
الأربعاء 26 مارس 2025 6:55 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

المثقفون وحقوق الإنسان

نشر فى : الثلاثاء 25 مارس 2025 - 7:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 26 مارس 2025 - 5:30 ص

 

عقد المجلس القومى لحقوق الإنسان، الأربعاء الماضى، مائدة مستديرة مع عدد من الأكاديميين والمثقفين والإعلاميين تحت عنوان «دور النخب الفكرية وقادة الرأى فى دعم وتعزيز حالة حقوق الإنسان فى مصر». غلب على تناول المسئولين فى المجلس الحديث عن «فن الممكن»، بينما هيمن «فن ما يجب أن يكون» على مداخلات بعض المشاركين، وهم معارضون من اتجاهات متباينة، سواء فى شكل النظام السياسى، أو علاقة السلطة بالمواطن. وأيا كانت مساحة التباعد فى الرؤية، فإنه جيد أن يلتقى مثقفون وإعلاميون وحقوقيون من خلفيات مختلفة، ويتحدثون عن حالة حقوق الإنسان فى مصر، وسبل تعزيزها، وذلك لعدة أسباب منها: أهمية الاستماع إلى وجهات نظر معارضة، حتى لو كانت آراؤها راديكالية طالما أنها تنطلق من أرضية وطنية، لأن هذا دليل على قوة الدولة، وثباتها، وإدراكها لتعددية الرأى والفكر. يضاف إلى ذلك أن المجلس القومى لحقوق الإنسان، يمد جسور الحوار مع مختلف التيارات والاتجاهات حول قضية أساسية هى النهوض بحالة حقوق الإنسان، التى لا يختلف أحد عليها بما فى ذلك الدولة ذاتها، التى أطلقت الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان عام 2021. وبالتالى ينصب السؤال على ماهية مسارات التحرك؟

حين تحدث المسئولون فى المجلس القومى لحقوق الإنسان، السفيرة مشيرة خطاب، والسفير محمود كارم، والأستاذ محمد أنور السادات، ومدير برنامج الحوار الأستاذ مجدى عبد الحميد، أدركت على الفور أنهم يتحدثون عما أسميه «فن الممكن»، بمعنى التغيير من خلال الحوار، سواء مع مؤسسات الدولة، التشريعية والقضائية والتنفيذية، أو المثقفين أو مؤسسات التعليم أو الإعلام أو صناع الدراما، أو أى مؤسسات أو قوى أخرى، وهم يدركون أنه من خلال الحوار والتفاهم وبناء الشراكات يمكن تحقيق نتائج أفضل، أو ممارسة تأثير على مؤسسات صنع القرار فى اتجاه تعزيز حقوق الإنسان. فالنقد وحده لا ينتج أثرًا، ما لم يقترن بالحوار. فى هذا السياق لا يتحرك المجلس بوصفه مؤسسة سياسية أو تشكيلا حزبيًا، لكنه يدرك وضعه الاستشارى فى مجال حقوق الإنسان، ويسعى إلى التواصل، والمساندة الفنية، وتقديم الخبرة لدعم حقوق الإنسان، فكرا وممارسة.

فى المائدة المستديرة تناول الدكتور أنور مغيث ــ فى ورقته ــ دور المثقفين فى حقوق الإنسان، وتعرض الأستاذ سمير مرقص فى التعقيب على الورقة إلى جوانب مهمة تتعلق بالتحديات والفرص، وهو ما فتح المجال أمام التفكير فى مساهمة المثقفين فى دعم حقوق الإنسان، بحيث يصبح همًا أساسيًا لهم فى البحث والكتابة، ليس هذا فقط، بل نولى أهمية إلى القيادات الوسيطة الأكثر اتصالا بالجمهور، وتلعب دورا فى تشكيل وعيه تجاه العديد من القضايا مثل المعلمين، والإعلاميين، ومنتجى الخطابات الدينية، والمشتغلين بإنتاج المحتوى على السوشيال ميديا، وغيرهم.

الخلاصة، أن هناك جهودا كبيرة ينبغى أن تُبذل لتجسير الفجوة بين النص والواقع؛ حيث إن لدينا بالتأكيد نصوصا قانونية مهمة فى الدستور والقوانين والاستراتيجيات القومية، ومن بينها الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والتى تحقق بعضها، ولا يزال البعض الآخر فى الانتظار، وينبغى أن تـُبذل الجهود لتحويل النص إلى واقع، وهذه ليست مسألة سهلة أو هينة، بل تحتاج إلى وقت ومثابرة فى التعامل مع معطيات الواقع المعقدة، وقد يكون ذلك هو دور المجلس القومى لحقوق الإنسان، وغيره من المجالس الوطنية رغم ما بها من تنوع، وأيضا من رسالة الحوار الوطنى، ومشروعات التنمية التى تتبناها الدولة، ومساهمات المثقفين، لأن حقوق الإنسان متعددة الأبعاد، وهى ليست فقط الحقوق السياسية والمدنية رغم أهميتها بالطبع، لكنها أيضا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والحقوق الأكاديمية، والتنوع الثقافى، وغيرها، وجميعها تتحقق دفعة واحدة، لأن حقوق الإنسان لا يمكن تجزئتها.

سامح فوزي  كاتب وناشط مدني
التعليقات