المهندس حسن الخطيب جذب انتباه عدد كبير من المستثمرين ورجال الأعمال العرب والألمان يوم الإثنين الماضى بكلمته فى أحد الفنادق الكبرى بالعاصمة الألمانية برلين.
المناسبة كانت انعقاد الدورة رقم ٢٨ للمنتدى الاقتصادى العربى الألمانى بمشاركة غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية وتحت رعاية الجامعة الألمانية بالقاهرة ورئيس مجلس أمنائها الدكتور أشرف منصور.
حضرت أعمال هذا المنتدى وتابعت كلمة المهندس حسن الخطيب، ولفت نظرى أنه تحدث بلغة إنجليزية متمكنة تصل إلى عقول المسئولين والمستثمرين الألمان والعرب على حد سواء.
لم يتحدث الرجل عن الأحلام والتمنيات بل عرض صورة موضوعية متوازنة وفى نهايتها قال إنه متفائل ولديه خطة متكاملة لكل تحد يواجهه.
هو تحدث عما تم إنجازه على أرض الواقع، من وجهة نظر الحكومة المصرية، وفى هذا الصدد قال إن الاستقرار السياسى والبنية التحتية الحديثة جعلا مصر بيئة جاذبة للمستثمرين الأجانب، كما أن الحكومة تسعى لتوفير سياسات واضحة ومستقرة وطويلة المدى، لأن ذلك هو ما يبحث عنه المستثمر الحقيقى.
من بين البيانات المهمة التى تحدث عنها الخطيب قوله إن الدولة ضخت استثمارات بلغت ٥٥٣ مليار دولار خلال السنوات العشر الماضية، تم توجيهها للبنية الأساسية. كما تم توسيع الرقعة المعمورة فى مصر من ٦٪ إلى ١٢٪ من مساحتها عبر بناء ٢٤ مدينة جديدة.
لم يكتف الخطيب بعرض الصورة الإيجابية فقط، بل قال بوضوح إن هذه التجربة التنموية الناجحة أفرزت تحديين، أو مشكلتين أساسيتين، الأولى هى زيادة دور الدولة فى الاقتصاد إلى ٧٥ ٪ مقابل تراجع دور القطاع الخاص إلى ٢٤٪ فقط.
والتحدى أو المشكلة الثانية هى ارتفاع نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى.
الخطيب كان صريحا وشجاعا حينما قال إن رئيس الوزراء كلّفه العام الماضى بتعزيز مناخ الاستثمار الشامل والمستدام من خلال تمكين القطاع الخاص لقيادة النمو فى السنوات القادمة. وإن الحكومة تبنت لأول مرة منذ ٤٠ عاما سياسة نقدية سليمة تركز على استهداف التضخم، وليس على سعر العملة فقط.
وأن قرار تحرير سعر الصرف فى ٦ مارس قبل الماضى جاء كنتيجة لهذه الرؤية، وبدأت مؤشرات التعافى تظهر بوضوح مما يساعد المستثمرين على العودة مجددا.
شجاعة الوزير تجلت أيضا فى الإشارة إلى أن معدل الضريبة الرسمى يبلغ ٢٢٫٥٪، لكن المعدل الفعلى يتحمل أعباء إضافية نتيجة الرسوم المفروضة من عدة جهات، وقال الوزير نصا فى كلمته التى نقلتها العديد من وكالات الأنباء ووسائل الإعلام: «أجرينا حصرا دقيقا ووجدنا أن هناك ٩٦ جهة تفرض رسوما ونعمل حاليا على دمجها ضمن رسم موحد لتقليل العبء الضريبى الحقيقى على المستثمرين، وأن السيد الرئيس وافق على هذا المقترح ونحن بصدد تنفيذه حاليا».
كما أن وزارة المالية قدمت أكثر من ٤٠ إجراء إلى البرلمان لتسهيل العلاقة بين مصلحة الضرائب والمجتمع الضريبى وفتح صفحة جديدة تقوم على الشفافية والثقة.
أترك كلام الخطيب مؤقتا لأشير إلى أن الرئيس السيسى وجّه فى ٢٠ إبريل الماضى باستبدال الرسوم التى تتقاضاها الجهات والهيئات المختلفة بضريبة موحدة من صافى الربح. وهذا يعنى أن المشروعات خصوصا الصغيرة لن تكون ملزمة بدفع كل الرسوم قبل بداية المشروع واستهلاك الكثير من الجهد والوقت والمال.
هذا التوجيه الرئاسى تم بعد اجتماع الرئيس يومها مع المجموعة الاقتصادية، ثم مناقشة الجهود المبذولة لتقليل زمن الإفراج الجمركى من ثمانية إلى ستة أيام على أن يستمر عمل الخدمات الجمركية بالعطلات الرسمية وأيام الجمعة، وكذلك إتاحة إمكانية سداد الرسوم بعد انتهاء ساعات العمل بالبنوك. وأظن أن هذه إجراءات عملية وشديدة الأهمية نحو التخلص من جزء كبير من القيود البيروقراطية التى تعرقل الاستثمار.
رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والفريق كامل الوزير والمهندس حسن الخطيب وكبار المسئولين مؤمنون بضرورة تشجيع الاستثمار والقطاع الخاص، لكن المشكلة تكمن فى الثقافة المعادية للاستثمار وفى القوانين والتشريعات المكبلة للتقدم وفى «مدام عفاف» الموجودة فى كل الأدوار وليس الدور الخامس فقط.