إن لم نفعلها الآن.. فمتى نفعلها؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 سبتمبر 2025 11:20 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

إن لم نفعلها الآن.. فمتى نفعلها؟!

نشر فى : الجمعة 26 سبتمبر 2025 - 7:15 م | آخر تحديث : الجمعة 26 سبتمبر 2025 - 7:15 م

‎إذا أصرت إسرائيل على استمرار العدوان ورفضت كل الحلول السلمية المطروحة وآخرها مخرجات لقاء الرئيس الأمريكى دونالد ترامب مع قادة دول عربية وإسلامية الأسبوع الماضى، فما الذى سيمنع كل الدول العربية التى أقامت علاقات مع إسرائيل من الإقدام على خطوة تجميد هذه العلاقات، أو على الأقل اتخاذ خطوات عملية بوقف بعض أنواع العلاقات؟
‎أطرح هذا السؤال وأنا أدرك تماما المواقف والتعقيدات المتباينة والضغوط التى تتعرض لها العديد من الحكومات العربية من جهات مختلفة، خصوصا الولايات المتحدة.
‎لكن كان يمكن تفهم المواقف المتحفظة للحكومات العربية فى بداية العدوان ظنا أنه سيتوقف بعد فترة، وأنه لن يتجاوز الانتقام من عملية «طوفان الأقصى» أو حتى إخراج حركة حماس من المشهد السياسى فى قطاع غزة، أما الذى حدث فإن العدوان لم يكتف بالانتقام أو اشتراط ضمان خروج حماس من الحكم، أو حتى احتلال القطاع والتوسع فى تهديد الضفة الغربية، لكنه تمدد ليهدد كل المنطقة.
‎هو دمر الجنوب اللبنانى واستمر فى احتلال العديد من النقاط الاستراتيجية هناك. ورغم وقف إطلاق النار من نوفمبر الماضى، فما يزال يواصل العدوان شمال وجنوب نهر الليطانى.
‎هو نقض اتفاقية فض الاشتباك مع سوريا واحتل المزيد من الأراضى السورية، خصوصا مرتفعات جبل الشيخ الاستراتيجية ويواصل كل يوم شن هجمات واعتداءات متنوعة على سوريا.
‎هو يواصل أيضا التدمير الممنهج للبنية التحتية فى اليمن، كما شن عدوانا على إيران لمدة ١٢ يوما فى يونيو الماضى بمشاركة الولايات المتحدة لتدمير البرنامج النووى الإيرانى.
‎ثم جاءت ذروة الاعتداءات بمهاجمة مقر إقامة قادة حركة حماس فى العاصمة القطرية الدوحة فى ٩ سبتمبر الجارى.
‎وبسببها انعقدت القمة العربية الإسلامية الطارئة  يوم الإثنين قبل الماضى فى الدوحة، وسمعنا فيها بيانات وإدانات كثيرة، لكنها لم تتحدث بوضوح عن أى إجراءات عملية لكن إسرائيل ردت فى اليوم نفسه ببدء واحتلال مدينة غزة، وبمباركة كاملة من الولايات المتحدة خلال زيارة وزير خارجيتها مارك روبيو الذى حرص أن يكون تضامن بلاده مع العدوان الإسرائيلى واضحا وشاملا وعلنيا.
‎هذا هو الواقع على الأرض، فهل يمكن مواجهة هذا العدوان السافر بالبيانات والاحتجاجات وطلب تدخل المجتمع الدولى للضغط على إسرائيل؟!
‎مرة أخرى من المهم التحرك على كافة الجبهات، ومنها الجبهة السياسية والدبلوماسية، ويحسب للدبلوماسية العربية، خصوصا المصرية والسعودية، أنها لعبت دورا بارزا فى إقدام دول أوروبية كثيرة على الاعتراف بالدولة الفلسطينية. لكن من دون تحرك عملى فإن إسرائيل لن ترتدع بالبيانات، طالما أن الولايات المتحدة تحميها بكل الطرق والوسائل وتدعمها بالمال والسلاح والفيتو.
‎ إذن صار مطلوبا من الدول العربية، خصوصا الفاعلة أن تبدأ فى اتخاذ إجراءات عملية، إن لم يكن من أجل القدس والأقصى وكل فلسطين، فعلى الأقل من أجل سلامة كل دولة على حدة. كان البعض يتعلل بأنه لن يتحرك لأنها مشكلة حماس والمقاومة فقط، أو حتى مشكلة الفلسطينيين، وحتى إذا سلمنا بهذا المنطق المعوج، فالخطر لم يعد مقصورا على حماس أو كامل فلسطين، بل على غالبية الدول العربية، خصوصا تلك التى تبجح بها نتنياهو علنا قبل أسابيع قليلة حينما تحدث عن خريطة إسرائيل الكبرى والتى تشمل غالبية منطقة الشام أى سوريا ولبنان والأردن وأجزاء من مصر والعراق والجزيرة العربية.
‎ليس الهدف من هذه السطور طرح مطالب عنترية حنجورية، أو المطالبة بإعلان الحرب على إسرائيل، أو قطع العلاقات مع الولايات المتحدة، بل مجرد إرسال رسالة واضحة لإسرائيل بأنه لا يمكن الاستمرار فى هذه الصيغة، خصوصا أنها تهدد كل يوم بأن جيشها قادر على الوصول لأى مكان فى الشرق الأوسط، وأنها عازمة ليس فقط على إعادة رسم خريطة المنطقة بل وتطبيق «دولة إسرائيل من النيل للفرات!».
‎هل يعقل أن تتخذ العديد من الدول، خصوصا إسبانيا، خطوات إجرائية مثل وقف تزويد إسرائيل بالسلاح ومنع طيرانها من التحليق فى الأجواء، ومنع تزويد سفنها بالوقود وزيادة الدعم لوكالة الأونروا. والعرب صامتون عن اتخاذ إجراءات مماثلة؟!!
‎يمكن للدولة العربية ببساطة أن تتفق فيما بينها على منع تحليق الطيران الإسرائيلى فى أجوائها. ويمكن أن تقلص العلاقات التجارية معها، ويمكن أن تسحب سفراءها وتطرد سفراء وممثلى إسرائيل.
‎إذا لم نفعل ذلك كعرب الآن، فمتى نفعله؟!

عماد الدين حسين  كاتب صحفي