• الشباب الأربعة الذين قاموا باغتيال العميد/ عادل رجائى قائد الفرقة التاسعة المدرعة لم تكن مشكلتهم فقط فى الأسلحة التى يحملونها ويقتلون بها بقدر فكرتهم المشوهة عن الإسلام والدين والخلل الكبير فى عقولهم التى أدت لذلك وأمرت الأصبع بالضغط على الزناد لتنفيذ هذه الجريمة النكراء.
• أما الذى قتل الخليفة عثمان بن عفان رمز العطاء والحياء فقال: «طعنت عثمان تسع طعنات ست منها لله وثلاث لنفسى» والحقيقة أنها كلها كانت للشيطان وهواه المريض، ففهمه السقيم للدين والحياة هو الذى جعله يرتكب هذا الإثم العظيم.
• والذين قتلوا السادات ظنوا أنهم يحسنون صنعا وضحوا بحياتهم ومستقبلهم ظنا منهم أن السادات خان الأمانة والدين بمعاهدة كامب ديفيد، فحولوا المعاهدة وغيرها من تصرفات السادات من أمر سياسى يقبل الأخذ والرد والقبول والرفض إلى أمر عقائدى فيه كفر وإيمان ومفارقة للملة.
• لم يكن هؤلاء طلاب دنيا أو راغبو شهرة أو مال، ولكن مشكلتهم الرئيسية كانت فى فهمهم للإسلام، وعدم تفريقهم بين الثوابت والمتغيرات، والعقائدى الثابت والسياسى المتغير، لم يفهموا أنك مهما اختلفت مع الحاكم أو مع أى أحد سياسيا أو فكريا لا تهدر دمه ولا تقتله.
• الأزمة الآن ومنذ زمن بعيد هى أزمة العقل الإسلامى الذى تخلف كثيرا لغياب الحريات العامة وغياب دعاة الوسطية والاعتدال.
• الأزمة الآن كيف نفهم الإسلام؟ إنها أزمة فهم وفكر، لا يصلح معها الإقصاء أو القهر أو السجن أو التعذيب لعشرات الآلاف.
• لم يكن ينقص داعش الحماسة للدين والإخلاص له، ولكن كان ينقصها حسن الفهم لهذا الدين العظيم، والذين ينتسبون للتكفير والهجرة لم يكن ينقصهم الإخلاص للدين بقدر ما كان ينقصهم فهم الإسلام بطريقة صحيحة.
• لقد قتل الخوارج إمام الحق الخليفة الراشد على بن أبى طالب ــ وهو من هو ــ غدرا وظلما وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا.
• لقد قاتلوا وقتلوا وهم يظنون صواب فكرتهم وصحة منطقهم ولولا أن حبر الأمة عبدالله بن عباس أعاد منهم إلى حظيرة الهداية ونهج الإسلام الصحيح عدة آلاف لظلوا فى غيهم يعمهون.
• ورجال الحشد الشعبى يدمرون قرى السنة ويحرقون بيوتهم ويخرجونهم من أرضهم ويقتلونهم ويستولون على ممتلكاتهم ويفجرون مساجدهم ظنا منهم أنها قربى لله ولآل البيت ورفعة لمذهبهم وأن ذلك صواب وخير وتطهير للأرض من أولئك السنة الذين قتل أجدادهم الحسين فى كربلاء.
• يمكنك أن ترى شابا من التكفيريين يصلى العصر ويكثر السجود ويطيل الدعاء ثم يذهب ليقتل ضابطا من الضباط لا يعرف عنه شيئا سوى عمله، ويمكن أن ترى ضابطا متدينا يصلى ويصوم النوافل ويعذب متهما من الإسلاميين أياما طوالا ويكتشف بعد ذلك أن عشرات الذين عذبهم لم يرتكبوا جرما ولا علاقة لهم بالأحداث، وكلاهما يظن أنه يحسن عملا ويتقرب إلى الله بجريمته تلك.
• آفة المسلمين اليوم ليس هوى النفوس فحسب ولكن فساد العقول أيضا.
• لقد جاء أهل العراق بعد مقتل الحسين إلى المدينة يسألون عن حكم دم البرغوث فعجب عبدالله بن عمر من فساد عقولهم، فقال لهم: تقتلون ابن بنت رسول الله وتسألون عن دم البرغوث.
• لقد تعددت الأفهام الخاطئة للإسلام العظيم ما بين غلو أو تقصير، وإفراط أو تفريط، وتقديس للعقل على حساب النص، أو إلغاء للعقل تماما حتى فى فهم النصوص الشرعية أو مقاصد الشريعة، وبين من يظن قوامة الرجل نوعا من التسلط والجبروت والعدوان على المرأة، مع أن كل موقع إدارى لابد له من قائد، والأسرة هى اللبنة الأولى للمجتمع لابد أن يكون لها قائد، والقوامة هى تكليف لا تشريف فيه، ومسئولية جسيمة تتمثل فى الإدارة الحازمة الرحيمة الساهرة لرعاية الأسرة، فليس هناك تضاد بين قوامة الرجل وكرامة المرأة، فكلاهما يكمل الآخر.
• والبعض حول الإسلام من دين ديناميكى يتفاعل بقوة مع الحياة إلى دين استاتيكى جامد لا يأخذ من أحد ولا يعطى أحدا، والبعض يريد أن يحبسه فى زوايا المساجد أو بين طيات الكتب دون أن يسرى فى النفوس والقلوب فيدفعها دفعا إلى تعمير الكون وبناء الحضارة التى تحيى ولا تقتل، وتبشر ولا تنفر، وتبنى ولا تهدم، وترحم ولا تقسو.
• نريد أن نفهم الإسلام فهما خالصا من الشوائب، لا تكدر عقائده الخرافات، أو تفسد عباداته البدع، ولا تغلب على أخلاقه السلبية، ولا يطغى على فقهه الجمود أو التقليد أو العصبية المذهبية.
• نريد أن نفهم الإسلام ونبلغه للناس غضا طريا نابضا حيا فتيا، نستضىء بالفهم الأول الذى نزل به القرآن العظيم، ودعا إليه رسولنا الكريم، وتلقاه عنه أصحابه الكرام، وحكم به خلفاؤه الراشدون، نفهمه دون تحريف أو جمود أو تعصب أو خلط بين الثوابت والمتغيرات، أو تضاد بين الدين والعلم، أو صراع بين الدنيا والآخرة، نتمسك بالدين وننفتح على الآخرين لا نقع فى تكفير الخوارج أو خرافات بعض الشيعة أو سبهم لبعض الصحابة الأجلاء، أو ندور حول السلطان لا القرآن، أو حول الذات والجماعات دون الشريعة الغراء.
• الإسلام منهج شامل لكل مناحى الحياة فهو عقيدة ربانية وشريعة متكاملة تضبط حركة الحياة، وهو منظومة أخلاقية تسمو بالمجتمع فوق منظور الحق والواجب إلى رحاب الإحسان والفضل.
• نفهم الإسلام أنه عبادة الله وتعمير الكون والإحسان إلى الخلق، نفهمه عصمة للدماء وحقنا لها، يبنى ولا يهدم، ويحيى ولا يقتل، ويهدى ولا يكفر، يستر ولا يفضح، يعالج ولا يبتر، يفرق بين الإسلام المعصوم وحملته غير المعصومين، وبين الإسلام المعصوم والفقه والفكر الإسلامى غير المعصوم، اللهم ارزقنا الفهم الصحيح للإسلام وارزقنا العمل به.