الخلاف الخليجى وأزمة اليمن - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:40 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الخلاف الخليجى وأزمة اليمن

نشر فى : الخميس 29 يونيو 2017 - 10:00 ص | آخر تحديث : الخميس 29 يونيو 2017 - 10:05 م
نشرت مبادرة الإصلاح العربى مقالًا للكاتبة «مها السبلانى» مسئولة الاتصال بالمبادرة حول الخلاف الخليجى وأزمة اليمن الحالية؛ ففى الوقت الذى يعانى فيه اليمن من تفكك الدولة وانهيار الأمن والاقتصاد هذا فضلا عن تردى الأوضاع الإنسانية على حد وصف الأمم المتحدة إلا أنه شارك دول الخليج فى قطع علاقاته الدبلوماسية مع قطر فهل حصل اليمن على وعد بالحصول على عضوية مجلس التعاون الخليجى مقابل هذا الموقف؟
استهلت الكاتبة المقال بقولها: إن الحضور اليمنى يتلاشى تدريجيا من الساحة الدولية لتحتل الأزمة الحالية بين السعودية وقطر صدارة المشهد العام. ولم يكن هذا الغياب كاملا، فقد سُجل لليمن حضور خجول، تجلى بذكرها بين الدول التى أعلنت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، ناهيك عن تصنيفها دولة خليجية، بحسب خبر المقاطعة.
لا نناقش هنا وجود حكومة يمنية قادرة على اتخاذ قرار كهذا، أو عدم وجودها. ولكن هل يمكن اعتبار الظرف الحرج الذى تمر به البلاد مناسبا لهذا القرار؟ وكيف اعتبرت اليمن دولة خليجية؟ وهل يمكننا اعتبار أنها خليجية فى زمن النزاعات ويمنية متفرجة على رخاء الخليج فى زمن السلم؟
لليمن تاريخ طويل من محاولات الانضمام لمجلس التعاون الخليجى، وقد قوبلت تلك المحاولات جميعها بالرفض من قبل دول الخليج. وللمفارقة، يتم اليوم إدراج اليمن ضمن النادى الخليجى، بعد اندلاع أزمة خليجية سياسية، تمخضت عن حرب إعلامية شرسة حتى الآن. فهل حصل اليمن على وعد بنيل عضوية مجلس التعاون الخليجى بعد انتهاء الصراع اليمنى، ثمنا لهذا الموقف؟
بحسب بيانات رسمية؛ جاء قرار المقاطعة ردا على «تدخل قطر فى الشئون الداخلية ودعم الإرهاب». وهنا لابد من سؤال: ألم تكن قطر مشاركة ــ قبل أخذ القرار باستثنائها ــ فى التحالف ضد جماعة الحوثيين والرئيس المخلوع على عبدالله صالح؟ وهل انزعجت الحكومة اليمنية «الخليجية» فجأة من تدخل قطر وقررت مقاطعتها؟ إذا كان الجواب بالنفى؛ فكيف سمحت الحكومة لقطر من الأساس بالتدخل فى شأن يمنى داخلى، وهى على علم بأنها تمول الإرهاب على أرضها؟ ثم ماذا بالنسبة لبقية الدول المشاركة فى التحالف الدولى؟ ألا تقوم هى الأخرى بالتدخل فى الشأن اليمنى الداخلى؟
***
تضيف الكاتبة أن المتابع للأزمة اليمنية الحالية يدرك أنه منذ بدء غارات التحالف على اليمن لم يتم العمل بشكل جدى على تشكيل دولة مركزية قوية، فى الوقت الذى لا يمكن حل الأزمة الحالية دون إعادة النظر فى بناء الدولة المركزية فى اليمن. إن ما يتم حاليا هو عملية إنعاش لدولة مركزية تعانى جملة أمراض حتى فى مناطق سيطرتها. ثمة غياب كامل للدولة فى معظم مناطق اليمن، بل إن بعض المناطق تعيش معاناة «تشبه ظروف المجاعة»، وقد وصفت الأمم المتحدة الوضع فى اليمن بأنه «أكبر أزمة إنسانية فى العالم». وعلى الرغم من ذلك أوقفت المملكة العربية السعودية العمل بميناء الحديدة على البحر الأحمر بدعم من شركائها فى التحالف. 
وفى الزيارة الأخيرة للرئيس الأمريكى دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية فى 19 مايو 2017، عقدت صفقات لبيع الأسلحة بقيمة تتجاوز 100 مليار دولار، بدعوى مكافحة الإرهاب. ولا يخفى على المتابع أن نصيبا كبيرا من هذه الأسلحة سيكون لمواصلة الحرب مع إيران والتى تجرى بالوكالة على أراضى اليمن وسوريا والعراق.
لقد حان الوقت لتمارس الأمم المتحدة ضغوطها على جميع الأطراف المعنية، بما فيها المملكة العربية السعودية. ومن المهم أيضا إعادة تقييم كل ما تم القيام به لإنهاء هذا الصراع. بالإضافة إلى تغيير التوصيف الحالى للصراع فى اليمن، وعدم الاكتفاء بتحميل الحوثيين مسئولية انهيار الدولة. إذ إن انهيار الدولة المركزية لم يكن مرتبطًا بتصاعد دور الحوثيين السياسى والأمنى، بقدر ارتباطه بضعف الدولة المركزية وتفككها، وتعدد اللاعبين السياسيين المحليين والإقليميين والدوليين، الأمر الذى ساعد على صعود الحوثيين وجهات أخرى كالقاعدة.
إن تفكك الدولة المركزية الهشة أساسًا أمنيًا وسياسيًا، يعود فى المقام الأول لعدم قدرتها على حفظ الأمن والاقتصاد، الأمر الذى أدى إلى بروز جهات متعددة إقليميًا ودوليًا على الأرض، وسمح للقبائل بالسيطرة على مراكز النفوذ الحساسة وجر البلاد إلى حرب أهلية طويلة المدى. من ناحية أخرى، لم تظهر نخب سياسية جديدة، وأعيد إنتاج النخب السياسية السابقة تحت مسميات حديثة أو ثورية، وكانت غايتها الوحيدة السيطرة على القطاع الأمنى والسياسى. ولذلك بات هذا القطاع يعانى من تعدد الجهات المسئولة، وعدم وجود تواصل بينها وبين مستويات الحكم فى اليمن. إضافة إلى الغياب الكامل لوجود آليات فعالة للرقابة التشريعية والقضائية والمدنية عليه.
***
لا تبشر المعطيات السابقة بحل سياسى أو أمنى ينقذ البلاد من احتمالات قوية للوقوع فى فخ الحرب الأهلية، ولذلك يجب التوقف أولا وقبل كل شىء عن محاولة إنعاش دولة مركزية محتضرة، والانتقال فورًا لتعيين حكومة تسيير أعمال تخلو من كل الوجوه السابقة ــ بما فيها الحكومة «الخليجية» الحالية ــ فلا تعيد إنتاج ما سبق وأثبت فشله. 
كما لابد من العمل على إعادة بناء القوات المسلحة والأمن على أساس المصلحة الوطنية العامة، التى يحترم فيها الشعب. كما يجب إصلاح وزارة الداخلية ومنظومة الأجهزة الأمنية بشكل شامل، مع ضرورة الفصل بينها وبين القوات المسلحة فى الدور والمهام. بحيث تؤدى الأخيرة دورها العسكرى وتترك للداخلية والأمن الدور المدنى ومهمة حماية الاستقرار الأمنى داخل البلاد. أخيرا، يجب العمل على منع الأجهزة الأمنية من التدخل فى الحياة السياسية، وإلغاء تعدديتها والتوجه نحو تشكيل بنية مركزية لتلك الأجهزة، الأمر الذى لابد أن يتطلب إعادة تأهيل وتدريب. 
ختاما تؤكد الكاتبة أن اشتراك اليمن فى صراع لا شأن له فيه يحول دون التركيز على إنهاء الصراع اليمنى الحالى، ولا يخفى على أحد أن تعقد الأزمة وطول مدتها مرتبط بشكل أو بآخر بهذه الانشغالات الجانبية التى تنذر بتزايد اللاعبين فى الميدان ولاسيما الأمنى.
إن العمل على النقاط السابقة كفيل بمساعدة اليمن فى الخروج من أزمته الحالية بشكل تدريجى بعيدا عن أى تدخلات خارجية، كما يمكنه أن يكون خطوة أساسية للوصول لأهداف أبعد فى طريق إقامة دولة مدنية وتحقيق التحول الديمقراطى المنشود.

النص الأصلى 

 

التعليقات