الكتاب ينجو والصناعة تموت - سيد محمود - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 1:48 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الكتاب ينجو والصناعة تموت

نشر فى : الثلاثاء 30 يونيو 2020 - 8:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 30 يونيو 2020 - 8:05 م

بشكل تقليدى يعانى قطاع نشر الكتب فى العالم من عدة أزمات تزايدت فى ظل كورونا وتداعياتها بعدما توقفت تماما فرص توزيع الكتب؛ حيث تم إغلاق أغلب مكتبات العالم لمدة تترواح بين 3 و4 شهور.
ولم تنجح مكاسب البيع عبر الإنترنت فى تعويض الخسارة؛ حيث إن بيع الكتب يشبه إلى حد كبير جولات التسوق وشراء الملابس؛ حيث تمثل عملية تصفح الكتب والتعرف على العناوين الجديدة طقسا متكاملا لا يمكن تعويضه بالشراء الإلكترونى مثلما لا يمكن تعويض طقس ملامسة الأقمشة والتأكد من ضبط المقاسات.
وقبل شهرين فقط أعلن اتحاد الناشرين الدولى، أن خسائر إغلاق المكتبات وإلغاء معارض الكتب وحالة عدم اليقين العام تضع صناعة النشر كلها تحت ضغط كبير.
وعربيا التقى هذا الأسبوع مديرو معارض الكتب العربية فى اجتماع افتراضى عُقد برعاية اتحاد الناشرين العرب، انتهى إلى اقتراح بناء منصة افتراضية مشتركة لإقامة المعارض العربية، وضع خطة تسويقية تشجع القراء على زيارتها واقتناء الكتب من خلالها، إلى جانب تشجيع الناشر العربى على بناء منصات رقمية مستدامة مع التركيز على تطوير المحتوى، ودعم فكرة إقامة معارض وفاعليات داخلية للناشرين المحليين.
وعلى أهمية هذه الأفكار فإنها لن تعطى حلا سريعا فبلد مثل لبنان كان أساسيا فى صناعة النشر يواجه أزمة اقتصادية طاحنة رفعت أسعار كل مدخلات الصناعة مما سينعكس على سعر الكتاب عربيا، وفى العالم لا يزال الناشرون يراهنون على الدعم الحكومى وحزم التحفيز الاقتصادى.
ولك أن تتخيل أن أعضاء رابطة ناشرى الكتب فى بريطانيا وهى من أكثر دول العالم التزاما باقتصاد السوق طالبوا بتدخل حكومى لإنقاذ صناعة نشر الكتب، ووجهت الرابطة، رسالة لوزير الخزانة البريطانى ريشى سوناك تطلب حلا «وإعانة لمن يفقدون وظائفهم»،
ودعت الرابطة الحكومة إلى ضمان استمرار سياسة توريد الكتب لبعض المؤسسات باعتبار ذلك شكلا من أشكال الدعم.
ولا يزال اتحاد الناشرين الدولى يأمل فى أن تساعد حزم التحفيز الاقتصادى التى لجأت إليها بعض الحكومات الناشرين على النجاة من الإفلاس.
وفى أكثر من بيان تساءل الاتحاد عما إذا كانت الأمور المتعلقة بالثقافة أو صناعة النشر ستدخل ضمن سياسات الدعم التى أعلنتها بعض الحكومات أو لا.
ومع تبلور اتجاه عالمى لتخفيف قيود وأشكال الحظر التى نجمت عن «كورونا» أعاد الاتحاد التذكير بجهود الناشرين فى القيام بواجبهم عبر إتاحة بعض الكتب مجانا خلال فترات الحظر لدعم مساعى التثقيف والترفيه وأنظمة التعليم عن بعد.
ونقل الاتحاد فى رسالته عدة مبادرات تم تنفيذها فى بعض البلدان؛ حيث تقوم مؤسسات حكومية بشراء الكتب وإتاحتها فى المكتبات كصورة من صور الدعم إلا أننا فى مصر لم نسمع أو نقرأ عن مبادرات مماثلة على الرغم من تصريحات رئيس اتحاد الناشرين الأستاذ سعيد عبده التى تؤكد أن حجم خسارة صناعة النشر فى 3 أشهر فقط يتخطى الـ 20 مليون دولار.
ومن المتوقع زيادة هذا الرقم حيث لا تزال الصورة غير واضحة، كما لم تجد النداءات التى وجهها الاتحاد للوزارات المعنية ومن بينها الثقافة والتعليم والشباب والرياضة أى شكل من أشكال الاستجابة، ربما لأن مكتباتنا تعانى من فقر مدقع أو لأن الحكومة تعمل بمبدأ «فقه الأولويات» والكتاب ليس من بين الأولويات لأنها تعتمد على ما تقدمه مؤسسات وزارة الثقافة من خدمات توفير الكتب بأسعار معقولة وإتاحة بعضها بالمجان عبر موقعها الإلكترونى وهذا جهد محمود إلا أنه لا يكفى لإنقاذ الصناعة.
ومستقبلا سيشهد قطاع النشر تحولات مهمة مع تنامى فرص التحول للنشر الرقمى والطباعة الرقمية فى أسرع وقت ممكن، إلى جانب تقليل الاستثمارات فى الأصول الثابتة، مثل التوسع فى شراء أو استئجار مخازن أو مكتبات، لأن الوضع الحالى يعد خطرا وإنقاذه ليس من بين مهام وزارة الثقافة وحدها وإنما هى مهمة قومية تحتاج لمساندة المجموعة الوزارية التى يتقاطع عملها مع الثقافة وكانت تراهن على تحقيق «العدالة الثقافية».
ومن المتوقع أيضا أن تستغرق عملية استعادة ثقة المستهلك فى العودة للمكتبات وقتا، وقد لا تعود مرات زيارة المكتبات لمستوياتها الطبيعية وبالتالى فتوافر الدعم مسألة رئيسية.
ومن المهم أن تلتفت الحكومة إلى خسائر قطاع النشر لأنه أولا أحد مصادر الدخل القومى فضلا عما تمثله الصناعة من مساهمة فى رأس المال «الرمزى» المرتبط بما يسمى «القوى الناعمة».
وعلينا «ألا ننسى أنه فى أوقات التباعد الاجتماعى، تم إعادة تأكيد أهمية الكتب، فالكتب هى ما لجأ إليه الناس فى الأوقات الصعبة».