لماذا أوقف ترامب الحرب؟! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأربعاء 15 أكتوبر 2025 11:46 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

لماذا أوقف ترامب الحرب؟!

نشر فى : الأربعاء 15 أكتوبر 2025 - 8:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 15 أكتوبر 2025 - 8:50 م

ما الذى جعل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يتغير بصورة نسبية ويجبر رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو على وقف العدوان على قطاع غزة، بعد أن ظل ترامب يتبنى الموقف الإسرائيلى جملة وتفصيلًا منذ عاد إلى البيت الأبيض مرة أخرى فى ٢٠ يناير الماضى؟!
هذا السؤال شديد الأهمية، والإجابة الصحيحة عنه قد تنير الطريق للدول العربية فى استغلال الأوراق المهمة الموجودة فى حوزتها، لكنها للأسف غير مفعلة بصورة كاملة.
الأسباب كثيرة ومتعددة، لكن أهمها هى التداعيات الناتجة عن عدوان إسرائيل على الدوحة لمحاولة اغتيال بعض قادة حركة حماس فى التاسع من سبتمبر الماضى.
نتنياهو ارتكب خطأ كبيرًا ومتهورًا، هو اعتقد أنه يمكنه أن يعتدى على قطر، ويمر الأمر مرور الكرام، فإذا كان قد اعتدى على إيران القوة الإقليمية الكبيرة فى المنطقة، ألا يمكنه أن يعتدى على قطر وغيرها؟!
وأغلب الظن أنه أبلغ ترامب فى اللحظات الأخيرة قبل شن العدوان، أو أبلغه قبلها، وظن ترامب أن الأمر سيمر من دون خسائر أو أنه قد يستثمر الضربة فى الحصول على اتفاق دفاعى مع قطر، وهوما تحقق فعلًا لاحقًا.
لكن الذى حدث أن هذا الاعتداء أصاب دول الخليج بصدمة غير مسبوقة، لأنها تعتقد منذ عقود أن هناك تحالفًا واضحًا مع الولايات المتحدة، أحد أهم بنوده أن تحمى واشنطن هذه البلدان من أى اعتداء، خصوصًا قطر التى تستضيف أكبر قاعدة أمريكية عسكرية خارج أمريكا فى العديد والسيلية.
دول الخليج توقعت أكثر من مرة أن تأتيها الاعتداءات من أطراف مختلفة، لكن ليس من بينها إطلاقًا إسرائيل التى يفترض أنها لا تتحرك إلا بضوء أخضر أمريكى.
اهتزاز وربما انهيار الثقة الخليجية فى الحليف الأمريكى دفع بعضها إلى اتخاذ قرارات استراتيجية، وأهم هذه القرارات هو توقيع السعودية لمعاهدة دفاعية شاملة مع باكستان تتضمن توفير مظلة نووية للمملكة.
هذا الاتفاق كان أحد أهم الأسباب التى دفعت أمريكا لإجبار نتنياهو على وقف الحرب ثم الاعتذار العلنى المهين لقطر.
هذا الأمر ليس مجرد توقع أو استنتاج أو تحليل من عندى، بل سمعته من مسئول رفيع الأهمية قبل أيام قليلة.
الرسالة التى وصلت للرئيس الأمريكى ترامب أن تهور نتنياهو سوف يكلف أمريكا خسارة أهم وأغنى حلفائها أى كل دول الخليج، وقد رأينا ترامب يتحدث طوال الوقت عن الأغنياء، وما يملكونه من أموال، وآخرها حديثه فى الكنيست أو فى شرم الشيخ.
الفهم الأمريكى أن تهور نتنياهو سوف يكلف أمريكا كل ما بنته طوال عقود من تحالفات دفاعية واقتصادية ستذهب بالمجان إلى قوى إقليمية ودولية مثل باكستان وربما إلى روسيا والصين أو حتى إيران ومصر.
هنا سارع ترامب إلى الاتصال بنتنياهو ثم الاجتماع مع قادة دول عربية إسلامية فى نيويورك، فى أواخر سبتمبر الماضى، وبدأت بوادر خطته فى الظهور، هى خطة منحازة لإسرائيل فى مجملها، لكنها تجعل نتنياهو يتجرع السم، ويقبل بوقف العدوان الذى رفضه طوال العامين الماضيين ويجهض مخطط التهجير.
فى اجتماع نيويورك رأى ترامب قادة مصر والسعودية وقطر والإمارات والأردن وتركيا وإندونيسيا وباكستان يبلغونه برسالة واضحة: «لم يعد ممكنا استمرار العدوان الإسرائيلى بالتوازى مع العلاقات الاستراتيجية مع واشنطن».
وهنا كانت أول مرة يستخدم فيها العرب والمسلمون ورقة مهمة ضمن أوراق كثيرة لم يستخدموها منذ بدء العدوان فى ٧ أكتوبر ٢٠٢٣.
بالطبع هناك أسباب أخرى كثيرة، لكنها تظل فرعية أو مكملة، فهى موجودة بالفعل منذ بداية العدوان أو حتى قبل شهور قليلة، مثل معارضة قيادة الأركان فى الجيش الإسرائيلى لاستمرار الحرب التى استهلكت أهدافها.
وكذلك موجة الاعترافات الدولية خصوصًا من الدول الكبرى بالدولة الفلسطينية. هى خطوة مهمة جدًا، لكن إسرائيل وأمريكا لا تكترثان بكل العالم منذ بداية العدوان. هناك أيضًا تصاعد الغضب الدولى من استمرار العدوان وحرب الإبادة. فإذا كان نتنياهو لا يكترث لأهالى الأسرى وكل المعارضة الإسرائيلية، فهل يكترث لمعارضة فرنسا وبقية أوروبا للعدوان؟!
الرسالة المهمة من كل ما سبق هى أن العرب والمسلمين إذا أرادوا استخدام أوراقهم بمهارة وبحكمة وحنكة سوف يكسبون كثيرًا ليس فقط لإنصاف الشعب الفلسطينى الصامد، وهو يستحق ذلك، ولكن أولًا وأخيرًا من أجل حماية الأمن الوطنى لبلدانهم ونيل رضا شعوبهم.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي