الإجراءات الاحترازية لقطاع الطاقة الإسرائيلى فى الحرب - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:54 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الإجراءات الاحترازية لقطاع الطاقة الإسرائيلى فى الحرب

نشر فى : الأربعاء 31 يوليه 2024 - 7:50 م | آخر تحديث : الأربعاء 31 يوليه 2024 - 7:50 م

نشرت دورية «ميدل إيست إيكونوميك سرفى ــ ميس» المتخصصة بالقطاع النفطى الشرق أوسطى، دراسة مسهبة حول تأثير حرب غزة على قطاع الطاقة الإسرائيلى، والإمكانات الطاقوية المحتملة فى حال استمرار الحرب فترة طويلة فى غزة، ومن ثم تصعيد الحرب. أدناه استعراض مختصر للدراسة المنشورة الأسبوع الماضى.
تشير الدراسة إلى أنه فى حال تصاعد وتوسع الحرب ما بين إسرائيل و«حزب الله»، فإن الإجراءات الإسرائيلية المتوقعة هى «إيقاف العمل للمشاريع فى حقول الغاز الثلاثة: لفيتان، وتامار، وكاريش». وتضيف أن الوقود البديل الممكن استعماله هو كل من بدائل الطاقة المستدامة، والفحم الحجرى والنفط الخام، وقد تم توفيرها وتجهيزها.
من نافل القول إن قطاع الطاقة الإسرائيلى واجه صعوبات جمة منذ هجوم حركة «حماس» فى 7 أكتوبر، ومن ثم الحرب الإسرائيلية على القطاع. وتقدّر «ميس» النفقات الإضافية لتوفير إمدادات النفط والغاز، بالإضافة إلى الخسائر الناجمة عن فقدان المبيعات للغاز نحو مليار دولار حتى نهاية شهر مارس الماضى.
تدل معلومات «ميس» كذلك على أنه فى حال توسع رقعة الحرب أو تصعيدها فى حال تدخلت إيران، خصوصا «الحرس الثورى» لمساندة «حزب الله» ستتجه إسرائيل إلى إغلاق حقولها الغازية المنتجة الثلاثة ــ لفيتان 1.2 مليار قدم مكعبة يوميا، وتامار 1.1 مليار قدم مكعبة يوميا، وكاريش 600 مليون قدم مكعبة يوميا.
من ثم، وفى حالة تصعيد وتوسع الحرب، فإن البدائل الإسرائيلية هى التحول من تغذية الغاز لتوليد الكهرباء، إلى الفحم والديزل والطاقات المستدامة بدلاً منه. هذا، رغم أن الغاز قد شكّل نحو 70.8 فى المائة من الوقود لتغذية محطات الكهرباء الإسرائيلية فى عام 2023، وقد أعلن وزير الطاقة إيلى كوهين أنه «تمت دراسة سيناريوهات متعددة ونقاشات مطولة لهذا الأمر منذ سنوات، وبالذات بعد 7 أكتوبر. والسيناريو الذى تم التوصل إليه، هو أن انقطاع كامل للكهرباء لمدة 48 ساعة هو أمر غير متوقع».
• • •
فى حال توقف إمدادات الغاز الإسرائيلية، ستواجه كل من الأردن ومصر، اللتين تعتمدان بنسب مختلفة على استيراد الغاز الإسرائيلى، تحديات صعبة.
وفق «ميس»، فإنه «رغم أن الغاز زوّد 13 مليار قدم مكعبة لتوليد الكهرباء فى إسرائيل عام 2023، أو نحو 71 فى المائة من الطاقة الكهربائية، فإن الإمكانات الجهوزية للتحول إلى وقود آخر ستعنى أن إسرائيل مكشوفة أقل فى حال توقف إنتاجها للغاز عن مصر والأردن».
استطاع الأردن خلال السنوات الأخيرة تنفيذ خطوات مهمة فى مجال تشييد الطاقات المستدامة، لكن لا يزال الأردن يعتمد على الوقود الأحفورى (الغاز بالذات) لتوليد الكهرباء بنسبة 80 فى المائة. وتشكل إمدادات حقل «الريشة» المحلى نحو 8 فى المائة من الإمدادات الغازية المستعملة لتوليد الطاقة الكهربائية، فى حين أنه فى عام 2023 تم استيراد نحو 98 فى المائة من الغاز من إسرائيل، بالإضافة إلى شحنتين من الغاز المسال اللتين تم استيرادهما عن طريق ميناء العقبة.
من جهة أخرى، بلغ حجم إمدادات الغاز لشركة «الكهرباء الوطنية الأردنية» خلال عام 2023 نحو 259 مليون قدم مكعبة يوميا من حقل لفيتان، الذى شكّل نحو 89 فى المائة من إمدادات الغاز لتغذية قطاع الكهرباء الأردنى (حيث يشكل مجمل الغاز الذى يغذى قطاع الكهرباء الأردنى 291 مليون قدم مكعبة يوميا)، وهذه الإمدادات تغطى تغذية 72 فى المائة من الكهرباء فى الأردن.
الخيار المتوفر للأردن فى حال توقف الإمدادات الغازية الإسرائيلية هو زيادة وارداتها من الغاز المسال عبر شحنه فى ناقلة متخصصة لتخزين وشحن الغاز المسال راسية فى خليج السويس، ومن هناك تبحر إلى ميناء العقبة.
ووفق «ميس»، باستطاعة الأردن استيراد كميات وافية من الغاز المسال عبر ميناء العقبة لتلبية مجمل الطلب المحلى. لكن يكمن التحدى فى تغطية النفقات الباهظة لهذا البديل. فثمن الغاز المسال المستورد يبلغ ضعف سعر الغاز من حقل لفيتان، إذ إن سعر الغاز الطبيعى من إسرائيل 6 دولارات لكل وحدة حرارية بريطانية، بينما يبلغ سعر الغاز المسال ضعف هذا المبلغ. ومن ثم، فى حين تتوفر الوسيلة لاستبدال استيراد الغاز الإسرائيلى، إلا أن شركة «الكهرباء الوطنية الأردنية» مثقلة بالديون، مما يجعل استيراد الغاز المسال عبئا ماليا من الصعب تحمله. ويشير بهذا الصدد، التقرير الأخير لصندوق النقد الدولى عن الاقتصاد الأردنى، إلى أن ديون «شركة الكهرباء» نحو 6.1 مليار دولار، أو نحو ما يعادل 11.5 فى المائة من ناتج الدخل المحلى للأردن فى نهاية عام 2024.
• • •
هذا وازداد الاعتماد المصرى مؤخرا على استيراد الغاز الإسرائيلى؛ نظرا لانخفاض الإنتاج من حقل ظُهر. وقد أدى هذا الانخفاض، إلى زيادة استيراد مصر للغاز الإسرائيلى إلى معدل قياسى خلال الربع الأول من عام 2024 ليسجل معدلاً بنحو 1.03 مليار قدم مكعبة يوميا، مقارنة باستيراد نحو 834 مليون قدم مكعبة خلال عام 2023.
ومن الجدير بالذكر أن انخفاضات مؤقتة فى معدلات التصدير من حقلى تامار ولفيتان، أدت إلى انقطاع الكهرباء فى مصر لساعات محدودة مؤخرا. هذا، وقد تم استيراد شحنات من الغاز المسال لتفادى أزمة كهرباء ضخمة فى الصيف.
من المتوقع أيضا أن تستورد مصر قريبا شحنات إضافية من الغاز المسال، بالإضافة إلى استيراد الفيول أويل لحرقه فى توليد الكهرباء بدلا من الغاز الطبيعى. لكن، وكما هو الأمر فى الأردن، فإن استيراد الغاز المسال والفيول أويل يضيفان أعباء إضافية على الخزانة المصرية. فبالنسبة لمصر يبلغ معدل استهلاكها للفيول أويل نحو 77 ألف برميل يوميا، أما الآن ومع الحاجة لاستعمال الفيول أويل لتوليد الكهرباء، فقد ازداد الاستهلاك منذ بداية فصل الصيف 2024 ليرتفع الاستهلاك إلى نحو 193 ألف برميل يوميا. أما فيما يتعلق باستيراد الغاز من إسرائيل فيتراوح ما بين 6 ــ 7 دولارات لمليون وحدة حرارية بريطانية، أو تقريبا نصف سعر الغاز المسال المستورد للكمية نفسها.
• • •
من جانبها، تحاول إسرائيل تأهيل الوضع عندها فى حال انقطاع الإنتاج الغازى. والبديل المتوفر هو تشغيل محطتين للكهرباء تحرقان الفحم، لتوليد 4.84 جيجاوات من الكهرباء. وقد حافظت إسرائيل على حرق الفحم فى هاتين المحطتين للأحوال الطارئة، رغم تمكنهما من حرق الغاز أيضا. والمحطتان هما روتنبرج فى أشكلون (2.25 جيجاوات) وأوروت رابين (2.59 جيجاوات) فى حديرة.
لكن يتضح من خلال تصريحات لبعض المسئولين مؤخرا، أن الاعتماد الإسرائيلى على حرق الفحم لتوليد الكهرباء فى الحالات الطارئة لا يعتمد فقط على المحطتين المذكورتين أعلاه فقط. فهناك عدد كبير من المحطات التى تحرق إما الفحم أو الديزل، ناهينا عن انتشار مئات المولدات الكهربائية فى مختلف المناطق.
تتباين تقديرات الخبراء حول تمكن إسرائيل من الاستمرار فى تزويد الكهرباء دون انقطاعات طويلة المدة، فى حال توسع رقعة الحرب، لتشمل بالإضافة إلى «حزب الله»، إيران وميليشيات عراقية.
يشير تقرير شركة الكهرباء الإسرائيلية، إلى أنه بنهاية عام 2023 كان هناك مخزون كافٍ للفحم لمدة خمسة أسابيع لدى المحطات الإسرائيلية للعمل بطاقتها الكاملة. ومن المحتمل ازدياد حجم مخزون الفحم منذ هجوم 7 أكتوبر، رغم أن صادرات كولومبيا من الفحم لإسرائيل قد توقفت خلال الأشهر الأخيرة، نظرا لقرار الحكومة الكولومبية اليسارية.
هذا، وتدل مصادر الصناعة النفطية، أن إسرائيل قد زادت من مخزونها للديزل الذى يمكن حرقه أيضا فى محطات الكهرباء. فالمحطات التى تستطيع استعمال الديزل بدلا من الغاز لديها إمكانية توليد 12 جيجاوات من الكهرباء.
كما تتمكن إسرائيل من استيراد النفط الخام وتكريره فى محطتين للتكرير، بازان فى حيفا بطاقة تكرير 197 ألف برميل يوميا، وأسدود بطاقة 100 ألف برميل يوميا، حيث تقع على بُعد 20 كيلومترا شمال قطاع غزة.
يشير التقرير إلى أن المحاولات مع جميع الأطراف المعنية للتوغل فى موضوع مدى إمكانية اعتماد الدولتين العربيتين على استيراد الغاز الإسرائيلى فى حال تصعيد الحرب قد ذهبت سدى دون جواب أو تعليق، رغم أهمية الموضوع.

الشرق الأوسط اللندنية
وليد خدورى

التعليقات