جفاف الينابيع في لبنان.. كارثة تتهدد حضارة بعلبك - بوابة الشروق
الثلاثاء 1 يوليه 2025 10:30 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

من أفضل فريق عربي في دور المجموعات بمونديال الأندية؟

جفاف الينابيع في لبنان.. كارثة تتهدد حضارة بعلبك

وكالة الأناضول
نشر في: الثلاثاء 1 يوليه 2025 - 10:38 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 1 يوليه 2025 - 10:38 ص

- يعاني لبنان من أزمة جفاف هي الأسوأ منذ أكثر من 65 عاما أرجعها مسؤولون إلى شح الأمطار وغياب الخطط المائية
- الجيولوجي محمود الجمال: جفاف نبع البياضة كارثة تحرم المدينة من أهم مورد مائي، وجفاف عدد آخر من الينابيع
- رئيس بلدية بعلبك أحمد الطفيلي: نحذر من آثار على السياحة والزراعة، ومطلوب حراك سريع بتمويل مشاريع لاستعادة مياه النبع
- التقرير السنوي "للمصلحة الوطنية" لنهر الليطاني: العجز المائي يتفاقم سنويا بسبب غياب مشاريع تطوير الموارد والمحافظة على النوعية

في ظاهرة غير مسبوقة خلال فصل الصيف الحالي، شهدت عدة ينابيع في لبنان جفافا حادا هو الأسوأ منذ 65 عاما، ما ينذر بأزمة مائية غير معهودة تخلف تداعيات إنسانية وبيئية خطيرة في البلاد.

أبرز هذه الينابيع "البياضة" بمدينة بعلبك شرق لبنان، أحد أقدم ينابيع المنطقة الذي تحول إلى أرض قاحلة بعد آلاف السنين من تدفق المياه العذبة منه.

ووفق اللبنانيين فإن بعلبك هي "هبة نبع البياضة" الذي شكل على مر العصور مصدرا أساسيا للمياه والزراعة ومهدا للحضارات التاريخية.

ووفق المصادر التاريخية فإن نبع "البياضة" كان الدافع الأساسي وراء اختيار الامبراطورية الرومانية (31 قبل الميلاد – 476 ميلادي) في القرنين 6 و5 قبل الميلاد مدينة بعلبك مركزا لبناء معابدهم المتمثلة حاليا بـ"هياكل بعلبك".

وباعتباره مصدرا أساسيا للمياه في تلك الحقبة، جرى إنشاء قناة لجر المياه إلى داخل المعابد التاريخية، وبات النبع مرتبطا أيضا بهياكل بعلبك الأثرية حتى اليوم.

وعلى ضفافه تشكّل أكبر متنزه سياحي طبيعي في لبنان، فضلاً عن كونه مصدرا حيويا لري البساتين الزراعية وتأمين المياه للمنازل.

ومع الانحسار السريع لمياهه وصولا للجفاف، انقلب المشهد الحيوي هذا والمزدهر بالحياة رأسا على عقب، حيث تحول النبع إضافة إلى بركة البياضة ونهر رأس العين اللذين يتغذيان منه إلى أرض قاحلة.

ونتيجة لذلك انعدمت الحياة البرية في البركة والنهر حيث اختفت الأسماك وطيور الإوز والبط، فيما يخيم الحزن على ملامح رواد المقاهي، ومحبي رياضة المشي، في محيط المكان.

وبحسب تقارير محلية، فإن بعلبك تشكو من انقطاع المياه عن المنازل لأسابيع في بعض الأوقات، ومن غياب العدالة بتوزيع المياه، ما يدفع بالكثيرين إلى شراء المياه من أماكن "غير آمنة".

ويُرجع مراقبون جفاف الينابيع إلى حالة الجفاف العامة التي يعاني منها لبنان جراء "تراجع كميات هطول الأمطار والثلوج، فضلا عن غياب الخطط المائية المستدامة، والاستهلاك العشوائي للمياه الجوفية، إضافة إلى آثار التغير المناخي".

** جفاف النبع "كارثة"

وفي مقابلة مع الأناضول، قال المهندس الجيولوجي محمود الجمال إن هذا النبع كان السبب الرئيسي الذي شجع الرومان لبناء هياكل بعلبك.

ووصف جفاف النبع بأنه "كارثة"، نظرا لما يشكله من حرمان للمدينة "من أهم مورد مائي فيها، على مرّ التاريخ".

وللإشارة إلى أهميته، لفت الجمال إلى أن "الرحالة المغربي الشهير ابن بطوطة (1304 – 1378) زار بعلبك، وقال إن المدينة ببساتينها ونبع رأس العين، لا يضاهيها في المنطقة، إلا غوطة الشام في سوريا".

وأضاف أن "قلعة بعلبك ورأس العين توأمان لا ينفصلان عن بعضهما، فلولا رأس العين لما وجدت هياكل بعلبك".

وأكد خلال حديثه على أن عددا آخر من الينابيع في المنطقة تعرض للجفاف منها "نبع الشيليش"، و"عين وردة".

** "بعلبك هبة البياضة"

بدوره، قال رئيس بلدية بعلبك أحمد الطفيلي إن "نبع البياضة ورأس العين شكلا معلما سياحيا وأثريا في بعلبك (..) فكما مصر هي هبة النيل، فإن بعلبك هي هبة البياضة ورأس العين".

وفي مقابلة مع الأناضول، حذر الطفيلي من آثار سلبية على قطاعي السياحة والزراعة جراء جفاف نبع البياضة، كما أنه سينعكس سلبا على "الوجدان الاجتماعي لسكان المدينة ومحبيها، لا سيما السياح والمغتربين".

وطالب بحراك سريع من أجل استعادة مياه هذا النبع، لافتا إلى صعوبة هذا الأمر الذي يحتاج إلى "مشاريع وتمويل".

** عجز مائي

بحسب التقرير السنوي لعام 2025 الصادر عن "المصلحة الوطنية" لنهر الليطاني (أكبر نهر في لبنان) التابعة لوزارة الطاقة، فإن العجز المائي في البلاد يتفاقم سنويا بسبب غياب مشاريع تطوير الموارد والمحافظة على النوعية.

ووفقاً للمصلحة ذاتها، فإن سوء إدارة الموارد المائية والتلوث يخفضان الكمية القابلة للاستخدام إلى أقل من ربع المتاح.

وأفادت المصلحة بأن لبنان يعاني من "الاستنزاف العشوائي والمفرط للمياه الجوفية، فضلا عن غياب الإدارة المتكاملة للموارد المائية".

وفي مشهد مقلق، انخفضت مياه بحيرة القرعون - الأكبر في لبنان - إلى أدنى مستوى لها منذ إنشاء سد القرعون عام 1959، حيث أظهرت المشاهد تراجع مخزون المياه في البحيرة إلى مستويات غير مسبوقة، بحسب ذات المصدر.

ووفق التقرير، فإن كمية المياه الوافدة من نهر الليطاني إلى بحيرة القرعون تدنت خلال العام 2025 وبلغت 43 مليون متر مكعب، في حين الحد الأدنى بلغ سابقا 63 مليون متر مكعب، أما المعدل العام يبلغ 233 في السنوات المطرية.

هذا التراجع الحاد في كمية المياه، تسبب بتوقف محطة "عبد العال" لتوليد الكهرباء التابعة لوزارة الطاقة اللبنانية والتي تعمل على الطاقة الكهرومائية بواسطة المياه الوافدة من بحيرة القرعون، وفق ما أعلنت عنه الوزارة في بيان سابق.

وتعليقاً على ذلك، أصدرت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني بياناً في 16 يونيو الماضي أرجعت فيه الانخفاض الحاد في منسوب المياه إلى "شحّ الأمطار، والاستخدام المفرط وغير المنظم لمياه الري والصناعة، وغياب السياسات المستدامة لإدارة الموارد المائية".

** "نبع عنجر"

وفي مشهد يعكس تفاقم الأزمة المائية التي يتعرض لها البلاد، شهد "نبع عنجر" في قضاء زحلة بمحافظة البقاع شرق لبنان، جفافا أرجعته مصادر رسمية إلى عدة أسباب أبرزها شح الأمطار.

هذا النبع كان يشكل مصدرا أساسيا لتغذية المياه الجوفية والسطحية في تلك المنطقة القريبة من الحدود السورية.

وفي 20 يونيو، قالت "مصلحة الليطاني" إن الجفاف سببه شح الأمطار، إضافة إلى الاستغلال المفرط للمياه الجوفية، وغياب الإدارة المتكاملة للموارد المائية.

وحذرت "المصلحة" من أنّ هذا الواقع يُهدد الأمن المائي والبيئي والزراعي في المنطقة، ويؤشّر إلى خطورة الوضع الهيدرولوجي (الموارد المائية) الذي بدأ يطال الينابيع الأساسية التي كانت تاريخيا تُعرف بغزارتها.

ويعاني لبنان خلال العام 2025 "أسوأ أزمة جفاف حاد منذ أكثر من 65 عاما"، وفق بيان لمصلحة الليطاني صدر في مارس، وسط تخوفات من تداعيات سلبية تنعكس على القطاعات الحيوية وأبرزها الصحة والغذاء والطاقة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك