لم تعد الحرب التي تشهدها إسرائيل مقتصرة على جبهات غزة أو التصعيد الإقليمي، بل امتدت إلى الفضاء الرقمي في صورة حرب إلكترونية متصاعدة، كان آخر فصولها حادثة مثيرة للجدل بواسطة مجموعة هاكرز تركية تمكنت من الوصول إلى الهاتف الشخصي لوزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، بل وإجراء مكالمة فيديو مباشرة معه، قبل أن تنشر صورًا وبيانات أحدثت ضجة واسعة.
تفاصيل الحادثة
فوجئ كاتس، الخميس الماضي، بمكالمة فيديو على هاتفه الشخصي، وبحسب تقارير صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، ضغط الوزير على زر الرد عن طريق الخطأ، ليجد نفسه أمام قراصنة أتراك يوجهون له السبَابَ والإهانات مباشرة.
ولم تستمر المكالمة سوى ثوانٍ معدودة، لكن أحد المهاجمين استغل اللحظة لالتقاط صورة للوزير خلال المحادثة، قبل أن ينشرها عبر الإنترنت إلى جانب رقم الهاتف.
وبحسب موقع Ynet، ومع انتشار الصورة، انهالت على هاتف كاتس آلاف الرسائل العدائية والتهديدات، بعضها صادر من حسابات آلية (بوتات)، بينما تضمنت أخرى تهديدًا صريحًا بالقتل.
وفي النهاية، اضطرت السلطات الإسرائيلية إلى إلغاء الرقم نهائيًا بعدما أصبح وسيلة مفتوحة للهجوم النفسي والرقمي في آن واحد.
تعليق الوزير
وعلّق كاتس على الواقعة في تغريدة على حسابه في "إكس" مساء أمس، قائلًا: "عصابات جهادية إسلامية منظمة من مختلف دول العالم تتصل بهاتفي المدني غير السري، وتترك رسائل كراهية وتهديدات، سيواصلون الاتصال والتهديد، وسأواصل إصدار الأوامر بالقضاء على رفاقهم من القادة".
أبرز الرسائل المتداولة
نشرت المجموعة التركية الصورة لاحقًا، ثم نشرت أيضًا لقطة شاشة لعدد من الرسائل التي أرسلتها إلى كاتس عبر تطبيق واتساب.
وتقول الرسالة الأولى: "يا كاتس، لا تنس هذا أبدًا، موتك قريب، نحن المدافعون عن القسام، سندفنك أنت وبلدك في التاريخ".
الرسالتان التاليتان تقولان: "ماذا حدث بحق الجحيم؟" و"هل حظرتني، أيها الكلب؟"، تحتوي الرسالة الأخيرة فقط على علامة صح واحدة بجانبها، مما يشير إلى أن كاتس قام بحظر الرقم.
خلفية تصاعد الهجمات الإلكترونية
لم تكن الحادثة معزولة، بل تأتي في سياق سلسلة هجمات سيبرانية استهدفت مسؤولين ومؤسسات إسرائيلية منذ بداية العدوان على غزة، فقبل أسبوعين، أعلنت شركة Dream للأمن السيبراني أنها كشفت عن هجوم معقد مصدره إيران، تمكّن من التسلل إلى عمق المنظومة الدبلوماسية والوصول حتى إلى غرف مفاوضات في القاهرة.
وفي وقت سابق، تعرّضت وزيرة العدل السابقة أيليت شاكيد لاختراق هاتفها الشخصي بعدما فتحت رابطًا خبيثًا، ورجّحت التحقيقات وجود جهات مرتبطة بإيران وراء العملية، وفق ما نقلته صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية.
كما أعلنت مجموعة هاكرز مرتبطة بطهران تُعرف باسم "حنظلة" أنها اخترقت حواسيب شرطة إسرائيل، وسحبت نحو 2.1 تيرابايت من البيانات الحساسة، بينها ملفات تحقيقات، قوائم مجرمين، ملفات طبية ونفسية لعناصر أمن، تراخيص أسلحة، وصورًا مهنية لعناصر شرطة.
الرجل الذي يقف وراء الصورة
بحسب موقع Middle East Eye، يشغل يسرائيل كاتس منصب وزير الدفاع منذ نوفمبر 2024، وهو مطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية بتهم تتعلق بجرائم حرب في غزة، وسلفه يوآف جالانت، إلى جانب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
كما يُعرف بمواقف وتصريحات حادة وخططٍ مثيرة للجدل، من بينها خطة أعلن عنها لاحتجاز الفلسطينيين في ما وصفه بمعسكر اعتقال في أنقاض رفح الجنوبية، التي تقضي، بحسب تصريحاته، في البداية بنقل نحو 600 ألف نازح فلسطيني من مخيمات ومساكن مؤقتة في منطقة المواصي إلى منطقة محصورة وسط أنقاض رفح، تحت تفتيش أمني وبدون السماح لهم بالمغادرة.
وأشار كاتس إلى أن هذه التجمعات قد تُستخدم لاحقًا لتشجيع المغادرة طواعية إلى دول أخرى كجزء مما وصفته تقارير بأنها خطة هجرة محتملة.
ولم يكتفِ بذلك، بل أدلى في أيام سابقة بتصريحات تُعتبر في محل استنكار دولي؛ فقد هدد في خطاب متلفز بقتل الأبكار في اليمن، مستشهدًا بما أسماه "الطاعون" في الكتاب المقدس، وهدد بأن إسرائيل ستجلب وباء الظلام ووباء موت الأبكار على جماعة الحوثيين، مُشيرًا إلى إكمال الضربات العشر المستلهمة من مآثرٍ دينية.