بدأت الخلافات بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقاعدة أنصاره من حركة "ماجا" Make America Great Again (اجعلوا أمريكا عظيمة مجدداً) تأخذ طابعاً شخصياً حاداً، بعدما شنّ هجوماً لاذعاً على أتباعه بسبب نظرياتهم المتكررة حول قضية جيفري إبستين، واصفا إياها بـ"الخدعة"، ما فجّر موجة غضب واسعة وفتح أعمق صدع بين ترامب وقاعدته السياسية حتى الآن، بحسب موقع "الشرق" الإخباري.
ورغم أن "ماجا"، أبدت تحفظات في أوقات سابقة على مواقف ترامب تجاه قضايا مثل السياسة الخارجية والهجرة، إلا أن استيائه المتزايد من نظرياتهم حول إبستين، ورفضه الصريح لها، خلق شرخاً غير مسبوق، حسبما أورد موقع "أكسيوس".
وفي منشور له يوم الأربعاء، وصف ترامب نظريات "ماجا" حول إبستين بأنها "خدعة"، واتهم بعض "أنصاره السابقين" بتنفيذ أجندة الحزب الديمقراطي عبر التركيز على ملف إبستين بدلاً من الاحتفاء بإنجازاته السياسية الأخيرة.
وعلق أحد المؤثرين في اليمين الأمريكي بالقول: "بمواصلته الهجوم على أنصار ماجا عبر الإنترنت، فإن ترامب يُبقي موقفه غير الشعبي في هذه القضية في الواجهة".
وأضاف آخر من داخل معسكر ماجا: "تحقير قاعدتك الشعبية بسبب تمسكها بما لقنتهم إياه ليس استراتيجية جيدة".
وبحسب مصادر "أكسيوس"، فإن أنصار "ماجا" طالبوا بفتح تحقيق خاص ومستقل في قضية إبستين، لا سيما ما يتعلق بشبكة علاقاته الاستخباراتية المزعومة.
خلافات ترامب مع "ماجا"
ولطالما كانت قضية إبستين محورية داخل حركة "ماجا"، إذ يعتبرها أنصار ترامب مثالاً على تواطؤ الدولة العميقة وحماية النخبة الفاسدة. أما الآن، فإن تراجع ترامب عن هذا الملف يُنظر إليه على أنه خضوع لتلك الدولة العميقة التي طالما تحداها.
وخلال عطلة نهاية الأسبوع، استخدم ترامب منصته "تروث سوشيال"، لمحاولة إبعاد مؤيديه عن قضية إبستين وسط تقارير عن صراع داخلي بين المدعية العامة بام بوندي ونائب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، دان بونجينو، حول هذه القضية. وأشار إلى أن الاضطرابات تقوض إدارته.
لكن هذه المحاولات تم تفلح مع أنصار "ماجا"، الذين حثوه على الكشف عن الملفات وإلا خاطر بفقدان قاعدته الشعبية.
وأمضى ترامب سنواتٍ في تأجيج النظريات حول "الدولة العميقة". والآن وقد أصبح يُدير الحكومة الفيدرالية، فإنَّ الرأي العام الذي ساعد في تشكيله يعود ليُطارده، حسبما أوردت "أسوشيتد برس".
وعندما سُئل، الثلاثاء، عمَّا إذا كانت بوندي قد أخبرته بوجود اسمه في ملفات إبستين، قال ترامب لا. وأشاد بمعالجتها للقضية، وقال إنها يجب أن تُفصح عن "ما تراه موثوقاً".
وكان ترامب قد ادعى وجود مشكلات في مصداقية الوثائق، مُشيراً دون ذكر أدلة إلى أنها "مُختلقة" من قِبَل مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق، جيمس كومي والرئيسين السابقين باراك أوباما وجو بايدن.
مشكلة بلا حل
وأثار بيانٌ من صفحتين صدر الأسبوع الماضي عن وزارة العدل ومكتب التحقيقات الفيدرالي، والذين خلصا فيه إلى عدم امتلاك إبستين قائمةً بعملاء، حفيظةَ مؤيدي ترامب، الذين أشاروا إلى تصريحاتٍ سابقةٍ صادرةٍ عن عددٍ من مسؤولي الإدارة بضرورة الكشف عن القائمة.
وكانت بوندي قد ألمحت في فبراير الماضي، إلى وجود وثيقةٍ كهذه على مكتبها تنتظر المراجعة، إلا أنها قالت الأسبوع الماضي، إنها كانت تُشير بشكلٍ عام إلى ملف قضية إبستين، وليس إلى قائمة عملائه.
ومنذ ذلك الحين، طالب المحافظون بالاطلاع على جميع الملفات المتعلقة بجرائم إبستين، حتى في الوقت الذي حاول فيه ترامب إنهاء المسألة.
وصرح المعلق اليميني المتطرف، جاك بوسوبيك، في قمة العمل الطلابي التي نظمتها منظمة "نقطة تحول الولايات المتحدة الأمريكية"، السبت الماضي، بأنه لن يهدأ له بال "حتى تُشكّل لجنةٌ كاملةً للنظر في ملفات جيفري إبستين".
ودعا منشور ترامب في نهاية الأسبوع، مؤيديه إلى التركيز على التحقيق مع الديمقراطيين واعتقال المجرمين بدلاً من "قضاء شهر تلو الآخر في البحث عن وثائق قديمة مستوحاة من اليسار الراديكالي تتعلق بجيفري إبستين". وناشده مستشاره للأمن القومي في ولايته الأولى مايكل فلين، إعادة النظر.
ويواصل حلفاء آخرون لترامب، الضغط للحصول على إجابات، ومن بينهم الناشطة اليمينية المتطرفة، لورا لومر، التي دعت بوندي إلى الاستقالة.
وقالت في نشرة "بلاي بوك" الإخبارية لموقع "بوليتيكو"، الأحد الماضي، إنه ينبغي تعيين محقق خاص للتحقيق في طريقة التعامل مع ملفات إبستين، الذي عُثر عليه ميتاً في زنزانته بسجن فيدرالي عام 2019 بعد أسابيع من اعتقاله.
وأكد رئيس مجلس النواب مايك جونسون، في مقابلة نُشرت، الثلاثاء الماضي، للمؤثر اليميني بيني جونسون، أنه "يؤيد الشفافية"، ويريد من بوندي "أن تكشف كل شيء وتترك للشعب أن يقرر".