على مدار تاريخه، لم يفرّق جيش الاحتلال الإسرائيلي بين مدنيين وعسكريين، ولم تكن مقرات وموظفو الأمم المتحدة بمنأى عن استهدافه، سواء عبر القتل العشوائي أو الاغتيال المتعمد في بعض الأحيان. وعلى الرغم من وضوح هذه الاعتداءات، إلا أن دولة الاحتلال تفادت المحاسبة مرارًا، محصّنةً بالفيتو الأمريكي الذي حال دون أي مساءلة دولية. وكعادتها، لم تتردد الحكومة الإسرائيلية في تبرير هذه الهجمات، متذرعةً بادعاءات متكررة حول وقوع أخطاء عسكرية أو وجود مسلحين قرب مقرات الأمم المتحدة.
وفي هذا السياق، تستعرض الشروق، نقلًا عن الجارديان وبي بي سي وجمعية كنديون من أجل سلام الشرق الأوسط، أبرز 4 هجمات إسرائيلية مميتة استهدفت موظفي الأمم المتحدة، وما تبعها من محاولات للتهرب من المسئولية.
حادثة عطيري 1980
كانت قوات اليونيفيل التابعة للأمم المتحدة تباشر مهامها في مراقبة الحدود بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة، حين اندلعت اشتباكات بين القوة الأممية وجيش جنوب لبنان الموالي لإسرائيل، أسفرت عن انتصار القوة الأممية. لكن في أعقاب المعركة، استدرج فريق من الميليشيا الموالية لإسرائيل ضابطين أيرلنديين من القوة الأممية وقاموا بتصفيتهما.
ووفقًا لأحد التقارير، فقد تواجد ضابط مخابرات إسرائيلي مع منفذي عملية التصفية، كما وفّرت دولة الاحتلال المساعدة لفردي الميليشيا للفرار من لبنان والإقامة لاحقًا في الولايات المتحدة الأمريكية.
مجزرة قانا
تُعد مجزرة قانا أشهر اعتداء إسرائيلي على مقرات الأمم المتحدة، وذلك لثقل حصيلة الضحايا المدنيين حينها؛ إذ لجأ مئات المدنيين من قرية قانا اللبنانية إلى مقر الأمم المتحدة للاحتماء من هجمات جيش الاحتلال والمسلحين الموالين له، لكن عدة ضربات مدفعية من جيش الاحتلال أصابت المقر الأممي المعروف مسبقًا لدى جيش الاحتلال، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 100 مدني وإصابة عدد من قوات حفظ السلام الأممية.
وادعت الخارجية الإسرائيلية وجيش الاحتلال أن مقاتلين من حزب الله كانوا متواجدين بجانب المقر، لكن تحقيقات الأمم المتحدة نفت ذلك الادعاء.
كما زعم جيش الاحتلال أن خطأ في التصويب أدى إلى استهداف المقر، غير أن مقطع فيديو اُستعرض خلال التحقيقات أكد تحليق طائرات استطلاع إسرائيلية فوق الموقع قبل قصفه.
مقتل مسئول بناء مخيم جنين إين هوك
شهد عام 2002 جريمة أخرى لجيش الاحتلال بحق الموظفين الدوليين، إذ أقدم قنّاص من جيش الاحتلال على قتل مدير مشروع هيئة الإغاثة للأمم المتحدة أونروا في مخيم جنين بطلقة مباشرة.
وقد ادعى بنيامين نتنياهو، وكان حينها وزيرًا للخارجية، أن جنود الاحتلال تدخلوا لقتال عدد من مقاتلي الجهاد الإسلامي الفلسطينية، لكن تحقيقات الأمم المتحدة نفت وجود أي مقاتلين فلسطينيين في الموقع. كما نقلت شهادات أن جنود الاحتلال أعاقوا نقل إين هوك للعلاج عقب إصابته، ما ساهم في وفاته. وقد طُرح مقترح في مجلس الأمن لمحاسبة الجنود المتورطين، لكن فيتو أمريكي أوقف المقترح.
استهداف نقطة مراقبة الخيام
تواصلت الاعتداءات الإسرائيلية على مواقع الأمم المتحدة، حيث شهد يوليو 2006 استهداف مبنى مراقبة الخيام بالمدفعية الإسرائيلية في مرات متفرقة. ورغم أن الجنود الدوليين تواصلوا مع جيش الاحتلال لتأكيد وجودهم في المكان المستهدف، إلا أن ذلك لم يوقف الضربات الإسرائيلية، حتى ضُرب قذيفة موجهة بوزن نصف طن على المقر، ما أسفر عن مقتل 4 ضباط وجنود، بينهم كندي ونمساوي.
وكرر جيش الاحتلال الحجج المعتادة في مثل هذه الاعتداءات الوحشية، بادعاء وجود مقاتلين لـ حزب الله قرب المقر، وهو ما أظهرت تحقيقات الأمم المتحدة عدم صحته. كما ادعى جيش الاحتلال وجود خطأ في التصويب، رغم أن أفراد المقر اتصلوا بجيش الاحتلال 14 مرة لتحذيره من وجود قوات أممية داخل المقر، المعروف بتبعيته للأمم المتحدة منذ عام 1948.