شهدت أسواق محافظة دمياط، اليوم الجمعة، إقبالًا كثيفًا من المواطنين على شراء الأسماك، خاصة تلك التي تتراوح أسعارها بين 30 إلى 90 جنيهًا للكيلو، في رفض واضح لارتفاع أسعار الدواجن واللحوم مؤخرًا، وتركز الطلب بشكل لافت على أنواع الأسماك متوسطة السعر.
محمد عبد العال، تاجر أسماك، أكد أن السوق كان مزدحمًا منذ الصباح الباكر، حيث توافد الناس بحثًا عن أنواع مختلفة من السمك مثل البوري والبلطي، بالإضافة إلى الشبار بكافة أنواعه، والبساريا والسردين والشيكال، والبربوني الصغير، إلى جانب الكابوريا الصغيرة التي تتراوح أسعارها بين 70 جنيهًا للذكور و85 جنيهًا للإناث. وأضاف: "النهاردة كمان احنا داخلين على العيد الكبير، وهذا سبب آخر بالنسبة لسعر اللحوم الآن".
أما أم إبراهيم، ربة منزل، فذكرت أنها معتادة على شراء الفراخ يوم الجمعة، لكنها هذا الأسبوع لجأت إلى شراء السمك بسبب ارتفاع الأسعار، قائلة: "إحنا متعودين نعمل فراخ يوم الجمعة، لكن الأسعار زادت قوي، فالنهاردة جبنا سمك، هو أوفر وطعمه حلو، وبعدين إحنا في دمياط متعودين ناكله طول الأسبوع".
ومن جانبها، عبّرت منى العشماوي، مدرسة، عن صعوبة الأوضاع الاقتصادية وتأثيرها على العادات الغذائية، مشيرة إلى أن الكثيرين يبحثون عن بدائل أقل تكلفة، وقالت: "الأسعار بقت صعبة جدًا، والناس بتدور على البدائل. السمك مش بس أرخص، ده كمان صحي أكتر، والنهاردة كان فيه زحمة فعلاً، باين إن الكل بيفكر بنفس الطريقة".
فيما أشار أحمد بسيوني، موظف حكومي، إلى أنه رغم تقاضيه راتبًا شهريًا إلا أنه يشعر بالفارق الواضح في الأسعار مؤخرًا، وقال: "أنا بقبض شهري ومش دايمًا بحس بتغيير الأسعار بسرعة، لكن النهاردة فعلاً حسيت بالفرق، الناس كلها بتشتري سمك، والسوق كان زحمة كأنه موسم أعياد".
الباحث والكاتب سمير الفيل يؤكد على بداية تحول في أنماط الشراء، ضمن سياق اجتماعي واقتصادي مميز لمحافظة دمياط، حيث يُعرف عن الأهالي اعتمادهم على تناول اللحوم والدواجن بشكل أساسي يوم الجمعة، بينما تعتمد باقي أيام الأسبوع على وجبات الأسماك بشكل أكبر. هذا النمط مرتبط بدورة رأس المال في دمياط، والتي تُعد فريدة من نوعها في مصر، إذ تُدار بشكل أسبوعي من السبت إلى الخميس، بخلاف باقي المحافظات التي تعتمد دورات مالية شهرية، باستثناء فئة الموظفين.
ويرجع السبب في هذه الدورة الأسبوعية إلى طبيعة النشاط الاقتصادي السائد في دمياط، لا سيما في صناعة الأثاث، حيث تعتمد الأعمال على حركة مالية سريعة، ما ينعكس بدوره على العادات الغذائية والتجارية للمواطنين، وتؤكد هذه الظاهرة خصوصية دمياط في المشهد الاقتصادي والاجتماعي المصري، وتبرز كيف تؤثر أنماط الإنفاق والدخل على السلوك الاستهلاكي اليومي.