ماذا يفعل الجوع بالجسد؟ رحلة البقاء القاسية في زمن المجاعة - بوابة الشروق
الأربعاء 23 يوليه 2025 8:45 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

ما هي توقعاتك لمصير وسام أبو علي في المرحلة المقبلة؟

ماذا يفعل الجوع بالجسد؟ رحلة البقاء القاسية في زمن المجاعة

رنا عادل
نشر في: الأربعاء 23 يوليه 2025 - 2:08 م | آخر تحديث: الأربعاء 23 يوليه 2025 - 2:10 م

عندما يُحرم جسم الإنسان من السعرات الحرارية الضرورية لوظائفه الحيوية، يدخل في حالة تُعرف علميًا بالمجاعة. يحدث هذا مع نقص حاد في الطعام أو فشل امتصاص المغذيات، فيبدأ الجسم باستهلاك مخزوناته تدريجيًا لمحاولة البقاء حيًا.

وهذا السيناريو المؤلم لم يعد بعيدًا، إذ يواجه سكان غزة حاليًا أوضاعًا قاسية بفعل الحصار المستمر ونقص الإمدادات. يجد كثيرون أنفسهم عاجزين عن تأمين الغذاء والماء، لتتحول الأزمة إلى مجاعة حقيقية تهدد الأرواح وتعرض الأجساد لضغط قاتل، بما يحمله ذلك من تدهور صحي ومخاطر على الكبار والصغار معًا.

فيما يلي نستعرض ما قد يعانيه جسم الإنسان عند التعرض للمجاعة، بحسب موقع healthline الطبي.

لماذا تختلف مدة البقاء على قيد الحياة؟

عند الحرمان الشديد من السعرات الحرارية، يغيّر الجسم نمط عمله لتقليل استهلاك الطاقة قدر الإمكان، محاولًا الاستمرار أطول وقت. وإن لم يتوفر الطعام مجددًا، تؤدي هذه الحالة في النهاية إلى الوفاة. لا يعرف الخبراء بدقة المدة التي يمكن للإنسان أن يعيش فيها بلا طعام، لكن سجلات بعض الحالات تُظهر أن أشخاصًا عاشوا بلا طعام أو شراب لفترات تراوحت بين 8 إلى 21 يومًا. تعتمد هذه التقديرات على حوادث واقعية، مثل من بقوا تحت الأنقاض أو مدفونين أحياء، لأن إجراء تجارب مباشرة على البشر في هذا الشأن أمر غير أخلاقي.

العوامل التي تؤثر على مدة البقاء

تختلف مدة البقاء على قيد الحياة بلا طعام أو ماء حسب عوامل كثيرة، منها عمر الشخص، حالته الصحية العامة، وهل يتناول الماء أم لا. فالغذاء والماء ضروريان لاستمرار عمل أجهزة الجسم بكفاءة. وتعمل الأنظمة الداخلية للجسم بشكل أفضل مع غذاء متوازن وكميات كافية من السوائل يوميًا. لكن في المقابل، يمكن للجسم التكيّف والبقاء عدة أيام دون ماء، وأحيانًا لأسابيع دون طعام، بفضل التغيرات في عمليات الأيض وتوفير الطاقة.

كيف يبقى الإنسان أيامًا بلا طعام؟

قد يبدو غريبًا أو غير منطقي للبعض أن يصوم الإنسان أيامًا أو أسابيع بلا طعام أو ماء، خاصةً أن صيام يوم أو ساعات طويلة قد يصيبنا بالغضب أو الإرهاق. لكن الحقيقة أن جسم الإنسان يمتلك قدرة على التكيّف عند انقطاع الطعام لفترات قصيرة أو طويلة كما في الصيام أو الحميات. وغالبًا، يتمكن البالغون الأصحاء من إتمام صيامهم ومواصلة أنشطتهم. ولا توجد قاعدة ثابتة لمدة البقاء بلا طعام، فالأمر يختلف باختلاف الأشخاص والظروف.

الحد الأقصى للبقاء

يقدّر بعض الخبراء أن الحد الأقصى للبقاء دون غذاء قد يصل لأسبوع تقريبًا. أما عند توفر الماء فقط دون طعام، فقد تمتد مدة البقاء لشهرين أو ثلاثة تقريبًا، بسبب قدرة الجسم على تعديل استخدام الطاقة. لكن مع مرور الوقت، تؤدي قلة السعرات الحرارية إلى تقليل متوسط العمر. وتُظهر دراسة نُشرت عام 2018 أن انخفاض مؤشر كتلة الجسم (BMI) تحت 18.5 يزيد خطر سوء التغذية ويخفض العمر المتوقع بمتوسط 4.3 سنوات للرجال و4.5 سنوات للنساء، بسبب ضعف المناعة ومشكلات الهضم وارتفاع خطر السرطان.

كيف يستهلك الجسم احتياطياته؟

بعد نحو 24 ساعة دون طعام، يغيّر الجسم طريقة إنتاج الطاقة. في الظروف الطبيعية، يعتمد على الجلوكوز من الطعام. خلال أول 24 ساعة من المجاعة، يستخدم الجسم مخزون الجليكوجين في الكبد والعضلات لتوفير الجلوكوز. بحلول اليوم الثاني، تبدأ هذه المخزونات بالنفاد، فيلجأ الجسم لتفكيك أنسجة العضلات لتوليد الطاقة. ومع ذلك، يسعى للحفاظ على الكتلة العضلية قدر الإمكان، لذا لا يستمر هذا المسار طويلًا.

الدخول في حالة الكيتوز

لتقليل فقدان العضلات، يبدأ الجسم في الاعتماد على الدهون المخزنة وتحويلها إلى مركبات الكيتون لإنتاج الطاقة، وتُعرف هذه الحالة بالكيتوز. في أول خمسة أيام من المجاعة، قد يفقد الشخص من 1 إلى 2 كجم يوميًا، ويرتبط أغلب هذا النقص بفقدان الماء واضطراب توازن الأملاح. ومع مرور الأسابيع، ينخفض معدل الفقد ليصل إلى 0.3 كجم يوميًا. وكلما زادت نسبة الدهون بالجسم، زادت فرصة البقاء لفترة أطول أثناء المجاعة. لكن عند نفاد الدهون، يعاود الجسم تكسير العضلات كمصدر طاقة أخير.

أعراض ومضاعفات خطيرة

مع استمرار الحرمان من الغذاء، تبدأ الأعراض الخطيرة في الظهور، حيث يستخدم الجسم العضلات لإنتاج الطاقة. ويتطلب الأمر متابعة طبية دقيقة، إذ يشير تقرير نشرته مجلة British Medical Journal إلى أهمية مراقبة من يفقدون 10% من وزنهم الأصلي أو ينخفض مؤشر كتلة أجسامهم إلى 16.5 أو أقل. وتحذر المجلة من أن الأعراض الخطيرة تظهر بوضوح عند خسارة 18% من الوزن.

وتشمل مضاعفات المجاعة: الإغماء والدوخة
تدهور القدرات المعرفية
انخفاض ضغط الدم
بطء ضربات القلب
ضعف عام وإرهاق شديد
اضطرابات الغدة الدرقية
ألم بطني
اختلال توازن الأملاح
خطر فشل القلب أو أعضاء أخرى.

خطر إعادة التغذية السريعة

عند انتهاء المجاعة، لا يمكن العودة لتناول الطعام بشكل طبيعي فورًا. فالجسم يحتاج لإعادة تغذية تدريجية تحت إشراف طبي لتجنب متلازمة إعادة التغذية، وهي حالة خطيرة قد تسبب مضاعفات في القلب والجهاز العصبي واضطراب الأملاح وانتفاخات شديدة.

أهمية الماء في إطالة البقاء

يساعد شرب كميات كافية من الماء في إطالة مدة البقاء أثناء المجاعة، إذ يستطيع الجسم تعويض نقص الطعام داخليًا، لكنه لا يحتمل الجفاف طويلًا. تبدأ الكلى بالتراجع بعد عدة أيام من نقص السوائل. وتُشير دراسات إلى أن من يخضعون لإضرابات عن الطعام بحاجة إلى 1.5 لتر ماء يوميًا لتمديد البقاء، مع نصف ملعقة ملح يوميًا للحفاظ على توازن الأملاح في الجسم.

الآثار الطويلة للمجاعة

من ينجو من المجاعة قد يعاني من آثار طويلة الأمد تشمل ضعف النمو لدى الأطفال، هشاشة العظام، واضطرابات نفسية كالاكتئاب أو الصدمة.

وقبيل الوفاة، قد يتوقف الجسم عن طلب الطعام والشراب. تنخفض رغبة الشخص في الأكل لأن أجهزة الجسم تبدأ بالتوقف تدريجيًا، وفي بعض الحالات قد يسبب تناول الطعام أو الشراب ألمًا أو يزيد من سوء الحالة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك