- مشروعات الربط في إفريقيا سواء في مجالات النقل أو الطاقة أو الاتصالات تُعد ركيزة أساسية لتحقيق التكامل القاري وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام.
- مستقبل قارتنا يتوقف على قدرتنا في بناء شبكات ربط قوية تُجسد شعار "إفريقيا موحدة ومتصلة ومزدهرة"، وتُحوّل تحديات التنمية إلى فرص حقيقية للنمو المشترك والمستدام.
- تطوير البنية التحتية والوصول بها إلى المعايير العالمية كان أولوية عاجلة على مدار السنوات العشر الأخيرة؛ لما لذلك من أثر مباشر على تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة التي تستهدفها مصر.
- الاستثمارات الكبيرة في مجال البنية التحتية والمدن الذكية وشبكة الطرق والمواصلات العملاقة أسهمت في رفع تصنيف مصر في مجال الربط Connectivity إلى المرتبة السابعة عالمياً.
نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، شارك الفريق مهندس كامل الوزير - نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل - في قمة لواندا لتمويل وتطوير البنية التحتية في إفريقيا، المقامة بالعاصمة الأنجولية لواندا، وألقى الوزير نيابة عن رئيس الجمهورية كلمة مصر في الجلسة الرئيسية للقمة، وهي جلسة حوار القادة التي أقيمت تحت عنوان "من أجل إفريقيا متكاملة ومتصلة ومزدهرة – تعبئة الإرادة السياسية المشتركة لتمويل البنية التحتية وتعزيز التجارة البينية الإفريقية".
وقال الوزير في بداية كلمته: الرئيس جواو لورنسو، رئيس دولة أنجولا ورئيس الاتحاد الإفريقي، السيد محمود علي يوسف، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، السيدة ناردوس بيكيلي توماس، المديرة التنفيذية لوكالة الاتحاد الإفريقي للتنمية، يسعدني أن أنقل لكم تحيات الرئيس عبدالفتاح السيسي – رئيس جمهورية مصر العربية – الذي أنابني للحضور بدلاً منه نظراً لالتزاماته التي حالت دون حضوره شخصياً، ويثمن انعقاد القمة التي تتناول المشروعات ذات الأولويات القارية التنموية، ونرجو أن تخلص إلى مخرجات ملموسة تُبنى على ما تحقق من إنجازات، كما يبعث إليكم بخالص تمنياته بنجاح أعمال القمة في تحقيق ما تصبو إليه شعوبنا من رفاهية وتقدم.
كما توجه نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل بالشكر والامتنان للرئيس جواو لورنسو، رئيس دولة أنجولا، على حفاوة الاستقبال وحسن الضيافة، وقيادته للعمل الإفريقي المشترك، معرباً عن شكره وتقديره لسكرتارية وكالة النيباد، وعلى رأسها المديرة التنفيذية السيدة ناردوس بيكيلي توماس، لجهودها في قيادة العمل بالسكرتارية ولما تطرحه من أفكار مبتكرة ومبادرات جادة.
وأضاف نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل أن مشروعات الربط في إفريقيا سواء في مجالات النقل أو الطاقة أو الاتصالات تُعد ركيزة أساسية لتحقيق التكامل القاري وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام، فالقارة الإفريقية بما تمتلكه من موارد طبيعية هائلة وأسواق واعدة تحتاج إلى بنية تحتية متكاملة تُمكّن من تسهيل حركة السلع والخدمات والأفراد بين دولها، وتدعم سلاسل الإمداد الإقليمية وتزيد القدرة التنافسية للاقتصادات الإفريقية، حيث يُسهم تعزيز الربط بين الدول الإفريقية في تقليل تكاليف التجارة، ويعزز الترابط الاجتماعي والثقافي، ويدعم تحقيق أهداف أجندة الاتحاد الإفريقي 2063 نحو إفريقيا متكاملة ومزدهرة.
وأكد أن قمة لواندا لتمويل البنية التحتية في إفريقيا تمثل منصة محورية لتجسيد هذا الطموح على أرض الواقع من خلال جمع القادة الأفارقة وشركاء التنمية والمؤسسات التمويلية لمناقشة سبل توجيه الموارد والاستثمارات نحو مشروعات الربط الإقليمي الكبرى، مشيراً إلى أن تمويل البنية التحتية هو الحل الأمثل والأسرع لتحقيق التكامل القاري وتحويل التحديات التنموية إلى فرص حقيقية للنمو المشترك، لافتاً إلى أن مستقبل القارة يتوقف على قدرتنا في بناء شبكات ربط قوية تُجسد شعار "إفريقيا موحدة ومتصلة ومزدهرة" وتُحوّل تحديات التنمية إلى فرص حقيقية للنمو المشترك والمستدام.
وأشار إلى أن مشروعات الربط القارية تكتسب أهميتها من كونها ركيزة لتنفيذ أجندة الاتحاد الإفريقي 2063، وداعماً رئيسياً لاتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية، والتي تتضمن مشروع ممر لوبيتو كأحد أهم المشروعات الاستراتيجية التي تربط غرب ووسط القارة، علاوة على كونه أحد أهم مشروعات التنمية الإقليمية التي تتيح فرصاً كبيرة للاستثمار في البنية التحتية والنقل بالسكك الحديدية والمناطق اللوجستية.
وأضاف أن مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فكتوريا والبحر المتوسط (VIC-MED) يُعد من أكثر المبادرات طموحاً، ليحوّل نهر النيل إلى شريان للتنمية والتواصل بين شرق ووسط وشمال إفريقيا، ويُسهم في خفض تكاليف النقل وتعزيز التجارة البينية، وكذلك طريق القاهرة – كيب تاون الذي يربط شمال القارة بجنوبها عبر شبكة من الطرق العابرة للدول، وهو أحد المحاور الرئيسية التي تتبناها منظمة الكوميسا لدعم حركة التبادل التجاري الإقليمي والاستثمار، ويُعد أطول محور بري في إفريقيا بطول 10229 كم. وفي السياق ذاته، يُجسد سد إنجا في جنوب القارة مشروعاً عملاقاً للطاقة النظيفة يمكن أن يزوّد مناطق واسعة من إفريقيا بالكهرباء، مشيراً إلى أن هذه المشروعات ليست مجرد بنية تحتية، بل جسور للوحدة الإفريقية، تُحوّل الطموح إلى واقع، وتمهد الطريق نحو قارة متصلة ومتكاملة.
وأكد كامل الوزير أنه خلال فترة رئاسة مصر للجنة التوجيهية لرؤساء دول وحكومات الوكالة الإنمائية للاتحاد الإفريقي "النيباد"، حرصت مصر بالتعاون مع دول اللجنة وسكرتارية الوكالة على التعامل بجدية مع التحدي المتمثل في الفجوة التمويلية التي تواجه تنفيذ مشروعات التنمية في القارة، حيث أولت اهتماماً خاصاً بالانتهاء من دراسات الجدوى الخاصة بصندوق التنمية التابع للوكالة، مع التركيز على تطوير آليات مبتكرة لحشد التمويل التنموي الإفريقي، خاصة في ظل التراجع في حجم التمويل الموجه للمساعدات الإنسانية لأسباب متعددة.
وأوضح أنه في هذا الإطار كثّفت الوكالة جهودها لدفع تنفيذ الخطة العشرية الثانية لأجندة الاتحاد الإفريقي 2063 وتسريع تنفيذ الموارد المخصصة لمشروعات البنية التحتية المدرجة ضمن البرنامج الرئاسي للبنية التحتية في إفريقيا، والتي تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 500 مليون دولار أمريكي، كما عملت الوكالة على الإسراع بتنفيذ ممرات البنية التحتية الخضراء وخطة الطاقة الرئيسية القارية والسياسة الزراعية الإفريقية المشتركة، بما يُسهم في دعم التكامل الإقليمي وتعزيز التنمية المستدامة في أنحاء القارة.
وأضاف أن على الصعيد الوطني تولي مصر اهتماماً كبيراً بخلق بيئة جاذبة للاستثمار بكافة مكوناتها، سواء على مستوى السياسات النقدية والمالية أو تطوير بيئة أداء الاستثمار وتبسيط الإجراءات أو تطوير البيئة التشريعية المنظمة له من خلال منح الحوافز الاستثمارية. وتُعد البنية التحتية إحدى الركائز الأساسية لجذب الاستثمار، لذلك فقد احتل تطويرها والوصول بها إلى المعايير العالمية أولوية عاجلة على مدار السنوات العشر الأخيرة، لما لذلك من أثر مباشر على تحقيق التنمية الاقتصادية الشاملة التي تستهدفها مصر. وقد أسهمت تلك الاستثمارات الكبيرة في مجال البنية التحتية والمدن الذكية وشبكة الطرق والمواصلات العملاقة في رفع تصنيف مصر في مجال الربط Connectivity إلى المرتبة السابعة عالمياً.
وأشار إلى أن التجربة المصرية في التطوير شملت كافة أوجه البنية التحتية من طرق وكباري من خلال إنشاء 7000 كم طرق جديدة وتطوير 10 آلاف كم من الطرق القائمة وإنشاء 35 محوراً جديداً على النيل، وكذلك خطوط السكك الحديدية التي تشهد تطويراً شاملاً سواء بتحديث الخطوط القائمة أو التوسع في إنشاء مشروعات نقل جماعي أخضر مستدام صديق للبيئة يتمثل في إنشاء شبكة القطار الكهربائي السريع بطول 2000 كم، والقطار الكهربائي الخفيف (LRT) الذي يربط العاصمة الإدارية الجديدة بمدن شرق القاهرة بطول يتجاوز 100 كم، ومشروعي مونوريل شرق وغرب النيل بالإضافة إلى شبكة خطوط مترو الأنفاق التي يصل طولها إلى 250 كم.
كما تعمل مصر على تطوير ورفع كفاءة الموانئ البحرية من خلال إنشاء أرصفة جديدة بإجمالي أطوال 70 كم بأعماق تتراوح بين (18 - 25) م، ليتخطى إجمالي أطوال الأرصفة في الموانئ البحرية المصرية 100 كم، بالإضافة إلى إنشاء 3 موانئ جديدة ليصل عدد الموانئ إلى 18 ميناء، وإنشاء 35 كم من حواجز الأمواج وتعميق الممرات الملاحية لاستقبال السفن العملاقة، وتطوير الأسطول البحري المصري ليصل إلى 38 سفينة عام 2030 قادرة على نقل 25 مليون طن بضائع متنوعة سنوياً. كما يمتد التطوير ليشمل القدرات اللوجستية لتلك الموانئ بالشراكة مع شركات عالمية في مجال النقل البحري واللوجستيات، وتتضمن خطط التطوير إنشاء 33 ميناء جافاً ومنطقة لوجستية وتطوير 8 موانئ برية على الحدود المصرية بما يسهم في تعزيز التبادل التجاري مع دول الجوار وتخفيض أزمنة التخليص الجمركي.
وأكد أن كل ما تقدم يصب في تحقيق أهداف مصر التنموية من خلال خلق شبكة قوية من البنية التحتية تربط مراكز الإنتاج بالأسواق الداخلية والخارجية، بما يخلق بيئة عمل مواتية وجاذبة للشراكات الأجنبية للاستثمار في مصر والتصدير للأسواق الخارجية.
وأشار إلى أن خطط ومشروعات مصر لتطوير البنية التحتية تشمل أيضاً الاهتمام بالبعد الاجتماعي من خلال مشروعات تبطين الترع وإنشاء محطات معالجة مياه الصرف الصحي، حيث دخلت محطة معالجة مياه مصرف بحر البقر الخدمة كأكبر محطة معالجة في إفريقيا ومن الأكبر عالمياً بطاقة يومية تقارب 5.6 مليون م3 لإعادة الاستخدام في الزراعة واستصلاح الأراضي بشرق قناة السويس. إلى جانب برنامج "حياة كريمة" لتطوير البنية الأساسية والخدمات في القرى، إذ تجاوزت المرحلة الأولى نسب إنجاز تفوق 88% بإنفاق يتجاوز 300 مليار جنيه حتى نهاية عام 2024، وانطلاق المرحلة الثانية التي تستهدف 1667 قرية في 20 محافظة.
وأضاف أن قطاع الكهرباء في مصر شهد نقلة نوعية، وتم تنفيذ مشروعات ضخمة في مجالات توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، خاصة الطاقة الشمسية والرياح، وكذلك تحديث شبكات النقل والتوزيع لزيادة كفاءتها وقدرتها على استيعاب الطاقات المتجددة، فضلاً عن تنفيذ برامج لرفع كفاءة استخدام الطاقة، ما ساهم في تعزيز أمن الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وخفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق التزامات مصر الدولية لمواجهة تغير المناخ.
واختتم الوزير بالتأكيد على استعداد مصر الدائم لمواصلة مشاركة خبراتها في مجال البنية التحتية والكهرباء والطاقة المتجددة مع الدول الإفريقية، وكذلك استمرار تقديم المنح التدريبية والدعم الفني لدول القارة.