نشرت جريدة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب عبداللطيف الزبيدى، تناول فيه مستقبل الذكاء الاصطناعى وعلاقته بالخيال العلمى، وتأثيره المحتمل على الفكر الإنسانى والسياسة والمجتمع. ويتساءل الكاتب عما إذا كان العالم مستعد لهذه التطورات التكنولوجية السريعة، كما يحذر من أن نظل متفرجين على عالم يصنعه غيرنا... نعرض من المقال ما يلى:
ما رأيك فى دردشة اصطناعية، لكنها غير مصطنعة؟ الكثير من الخبراء يرون أن الخيال العلمى سيفقد من رونقه، فخوارق الخوارزميات تطوى دروب الزمن فى لمح البصر، كأنها أصحاب الكرامات التى تروى قصصهم أنهم كانوا يطوون الأرض طيًا. إلا أن الخيال الذى يستشرف المستقبل على نحو غرائبى سيظل له دائمًا محل من الإعراب.
ما عسى المرء أن يفعل إذا انفلت قلمه من أقياده، وراح يشطح بعيدًا؟ اختلفت أخيلة الاستشراف. المسافة التى صارت العلوم والتكنولوجيا تقطعها فى عام، كانت قبل نصف قرن تحتاج إلى عقود لقطعها. هذه القفزات وما تفاجئنا به من طفرات، فتحت الأبواب على مصاريعها للرياح. ما الذى سيحدث للبشرية، إذا أضحى للذكاء الاصطناعى فكر وانفعالات وآراء وعواطف؟ ستكون له مواقف تتخذ أشكالاً لا يعلم أحد، ولا حتى الآلات الذكية نفسها، بما ستئول إليه. ستبلغ الاتصالات سرعات لا يتصورها أقوى الحواسيب العملاقة، التى ستكون فى الغد القريب تراثًا تكنولوجيًا متحفيًا. يقينًا فالحواسيب الكمومية ستدخل الميدان من أوسع باب. مؤخرًا، حقق فريق من جامعة تكساس إنجازًا مشهودًا، يتمثل فى أنّ حاسوبًا كموميًّا بستة وخمسين كيوبيتًا (الكيوبيت هو أصغر وحدة حسابية فيه)، لكنه بلغ بذلك ما لم يبلغه أى حاسوب عملاق، فى سرعة العمليات. فماذا لو صارت بالآلاف فما فوقها؟.
السؤال الخيالى: ماذا لو غدت للذكاء الاصطناعى أفكار ووجهات نظر ونشأت عنها نظريات، وقامت عليها أيديولوجيات؟ تخيل ذكاءً اصطناعيًا يحمله روبوت فى هيئة إنسان، إلاّ أن سرعة إجرائه العمليات كنتيليونية (الكنتيليون مليار مليار). لكنه حوى فى دماغه مكتبات إحداها مكتبة الكونجرس (20 مليون كتاب). لدى البشر، يغدو أسطورةً من قرأ ألف كتاب. تخيل أن يصبح الذكاء الاصطناعى يحلل الأحداث والظاهرات بكل العلوم والمعارف، بكل مذاهب الفلسفة والحكمة والتصوف، بالرياضيات والفيزياء، بالآداب والفنون، كلّها معًا. الأدهى هو أن تحدث التمايزات والتباينات: حواسيب ذكاء اصطناعى رأسمالى، عنصرى، يمينى متطرف، وأخرى اشتراكية، شيوعية، يسارية متطرفة.. بالتالى تنشأ أحزاب روبوتية بعضها يعمل افتراضيًا عبر برمجيات، وبعضها له مئات الملايين من الإنسان الآلى. هل ستصل الرسالة إلى المناهج العربية؟ عليها أن تتذكر دائمًا، أن ما تتصوره آتيًا بعد سنوات، قد يكون مر قبل قليل.
لزوم ما يلزم: النتيجة العيدية: كتب القلم بيتين، أرسلهما إلى الأصدقاء كتهنئة فى العيد: بورك العيد والهلال السعيد.. ولحلوى الأعياد طعم فريد.. إنما فكروا ولو لحظات.. هل تُرى أمتى لديها جديد؟.