الإكليل - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأربعاء 26 مارس 2025 5:18 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

الإكليل

نشر فى : الإثنين 24 مارس 2025 - 5:35 م | آخر تحديث : الإثنين 24 مارس 2025 - 5:35 م

 نشرت جريدة الخليج الإماراتية مقالًا للكاتب يوسف أبولوز، تناول فيه مكانة الأم وأهميتها العاطفية والرمزية فى حياة الإنسان، حيث يصوّرها كرمز للحب، والتضحية، والحنان، والقوة. ويعرض الكاتب كيف ظهرت صورة الأم فى أشعار وثقافات مختلفة، موضحًا أنها المصدر الأول للحياة، واللغة، والشعر، والقيم. كما يؤكد أن الأم تظل ملاذًا روحيًا ومعنويًا مهما كبر الإنسان، وأن فقدانها يشكل ضياعًا عاطفيًا ووجوديًا.. نعرض من المقال ما يلى:

«إن لم يكن لديك الإكليل، ضع كبرياءك فوق رأسك»، يقول الشاعر الإيرانى أحمد شاملو، وإذا أردت، فإن الإكليل هى الأم، وفى طريقك إليها، أو فى طريقك إلى جانبها لا بدّ أنك تتذكر كيف وأنت طفل كنت تقبض على ذيل ثوبها، وهى شابة، كأن قبضك على ثوب أمك هو حماية لك.. كلّما ترى ثوبًا، تمدّ يدك إلى طرف القماش.. أيها الطفل الذى كبر الآن، لا تدس برجلك حتى على ظلِّ أمك.

تقول فروخ فرخ زاد إن حياة أمّها كلّها كانت سجادة صلاة ممدودة.. وتقول: «أمى كانت تبحث دائمًا فى قاع كل شىء عن أثر للمعصية، وتعتقد أن كفر نبات واحد قد لوّث الحديقة».

كانت أمّى قصيدة إيمان، منذ أن كانت شابة فى العشرين من عمرها، تحمل على رأسها حزمة حطب فتبدو كما لو أنها شجرة تمشى، وإذا جاع أبناؤها لم تكن تطبخ الحصى فى قِدر التوتياء على نار هادئة، بل، كانت تتحوّل إلى ثمرة.. كانت رغيف خبز. امرأة من قمح وذرة فى زمن القحط والجوع.

رأيت أمى فى شعريات العالم، كانت أم الشاعر الأمريكى ثيلبرت ميلر خياطة ماهرة، دائمًا ما تتفحص ثياب ابنها الذى كان كما يقول ابنًا من حجر (الراين) الحجر الذى تستخدمه الخياطات من حجر الراين.

تجوع المرأة ولا تأكل بثدييها، وإذا جاعت تشترى ماكينة خياطة، الإبرة والخيط والقماش مهنة الأمهات الفقيرات.

الشاعر الصينى (كو اون) كان يرى أمّه بالقرب من سور الصين العظيم، على الرغم من أنها رحلت عن العالم قبل أعوام. الأم سور وباب وشرفة..

مكان الأم دائمًا بالقرب من سرير، وعادة ما تغنّى، رسول حمزاتوف يقول لو لم تغنِّ لى أمى أغانيها، وهى تهز سريرى كقارب على الأمواج.. هل كان لهذا العالم أن يكون عزيزًا أو جميلًا؟

يقول رسول حمزاتوف، إن أباه كان يقول له: «لا تمزح مع النار، وكانت أمّه تقول: لا ترمِ الحجارة فى الماء»، «فى الصباح تعود من النبع بجرّتها المملوءة ماء. إنها تحمل الماء وكأنه أثمن ما فى الوجود، ها هى ذى تصعد الدرجات الحجريّة، وتضع جرّتها على الأرض، وتبدأ فى إشعال النار فى الموقد».

الأمهات هنّ أوّل الشعراء يقول شاعر داغستان الذى تربّى على رضاعة حليب امرأة جبلية، علّمته بلاده (الآفارية)، وأوصته ألّا يفرّط بلغته الأم..

الأمهات هنّ أيضًا أصل اللغات قبل الحليب، وقبل الأبجدية، ويقول الشاعر الكازاخى قادير ميرزا على: إن كل شىء يبدأ من أمّه: «الكلمة الأولى، وبيت الشعر الأول».

قليل الأُمّهات كثير.. لا الذهب ولا الملح ولا اللؤلؤ أعزّ من هذا الإكليل الذى ترفعه على رأسك، وبه أنت كينونة ورجل، لكنك مهما كبرت فلا تترك ذيل الثوب يفلت منك، لكى لا تضيع.

التعليقات