ترامب يعلن الحرب على.. العالم! - مواقع عربية - بوابة الشروق
الأحد 2 فبراير 2025 10:59 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

ترامب يعلن الحرب على.. العالم!

نشر فى : الأحد 2 فبراير 2025 - 7:50 م | آخر تحديث : الأحد 2 فبراير 2025 - 7:50 م

نشر موقع 180 مقالا للكاتب بسام ضو، شبه فيه الرئيس الأمريكى بالإمبراطور الرومانى الذى يريد أن يتحكم بالعالم، ويفرض أيديولوجيته وابتزازه عليه، إلا أنه ينسى أن الإمبراطورية الرومانية التى يتبع نفس نهجها سقطت فى النهاية بسبب مغامراتها... نعرض من المقال ما يلى:

عندما وصل أدولف هتلر إلى السلطة فى ألمانيا هزَّ أوروبا. أعلن نيته توسيع جغرافيا الرايخ. بعد ست سنوات من وصوله، أشعل الحرب العالمية الثانية فى العام 1939.

ها هو دونالد ترامب يحذو اليوم حذو هتلر. يُعلن نيته تخريب العالم. يعقد عزمه على الابتزاز والمصادرة. يُريد كندا وقناة بنما وجزيرة جرينلاند، ويستهدف المكسيك، ويُخطط لتحدِّى الصين، ويرغب فى محاصرة روسيا، ويسعى إلى الإفادة من الحرب فى أوكرانيا لتحويل الاتحاد الأوروبى من الاستتباع إلى الاستغلال المباشر، ويحلم بالسيطرة على البحار ليتمكَن من السيطرة على الكوكب. إنَها عقدة الهيمنة فى عقيدة الرأسمالية، وإنهاء التاريخ لا نهايته فحسب، كما يدّعى بذلك فرنسيس فوكوياما أو صموئيل هنتنجتون فى مقولته حول «صراع الحضارات».

ترامب يُريد أن يكون إمبراطورا رومانيا جديدا بالقوة الأمريكية، وذلك لـِ«التشبيح» على أمـوال الآخـرين وأراضيـهم، لكنه يتناسى أن الإمبراطورية الرومانية التى حكمت العالم، ووصلت إلى تسمية البحر الأبيض المتوسط بـ«بحر الروم» دالَتْ، وتفسَخت، وسقطت، وظهرت لها بيزنطة فى الشرق.

ترامب المشبع بأفكار برنارد لويس الصهيونى ــ وهو أكبر منظّرٍ لإعادة تقسيم العالم ولا سيما الشرق وبلاد العرب والمسلمين ــ بدأ ولايته الثانية بتحويل أفكار لويس إلى سياسة. أطلق ما يشبه إعلان حرب عندما دعا إلى تهجير الشعب الفلسطينى من غزة والضفة إلى مصر والأردن. نطق فعلا بروحية هتلر وبلسان نتنياهو بعد أن أهدى إليه صفقة أسلحة جديدة. التوقيت خطير. تزامن مع وقف إطلاق النار فى غزة وفى لبنان وكلاهما يترنَحان. دولتا مصر والأردن رفضتا. تعجرف عليهما ترامب فقال عنهما: «إن الولايات المتحدة قدَّمت لهما الكثير وعليهما أن تقبلا».

ابتزاز كامل.. ومن الخطأ القول إنها سياسة ترامب. هذه سياسة الولايات المتحدة، لكن ترامب هو الأشد فجاجة فى التعبير عنها. المسألة أبعد من مجرَّد ابتزاز خطير، فترامب يريد إطلاق النار من البندقية الإسرائيلية على الوضع فى الشرق الأوسط. يستهدف تغطية احتمالات سقوط اتفاق غزة، وفرض تطبيق القرار 1701 فى لبنان بالطريقة الإسرائيلية، وربما السماح لنتنياهو بتجديد العدوان على لبنان. فى الوقت نفسه يهدف ترامب إلى تكريس هيمنة مباشرة على لبنان، ولا سيما أن إشارات عديدة برزت فى الأسبوع الماضى، ودلَّت على ضغوط وتدخلات أميركية فى تأليف الحكومة اللبنانية. وهذا ما سيزيد المصاعب أمام الرئيس المكلف بالتأليف نوّاف سلام الذى عليه أن يُوفِق واقعيا بين التوازنات الداخلية من جهة، والضغوط العربية والأمريكية من جهة ثانية، ما سيؤخِّر إعلان الحكومة اللبنانية العتيدة.

إذا، دعوة ترامب إلى التهجير الفلسطينى ورقة تمسُ المنطقة كلها، وعنوان لنهج من الرعاية المستمرة للسياسات الإسرائيلية، من تقديم السلاح إلى تسويغ الاحتلال وإجراءات الضمِّ من الجولان فى السابق إلى الضفة لاحقا، إلى محاولة حكم قطاع غزة خارج إرادة المقاومة والشعب الفلسطيني، إلى التطبيع الموسّع، إلى مزيد من تهزيل العرب، إلى محاولة تجديد صفقة القرن بعدما جرى إضعاف الدور الإيرانى ونقل سوريا إلى الفلك الأمريكى فى دورة كاملة.

يصعبُ على أيِ مراقب أن يتجاهل قراءة أعماق دعوة ترامب وأبعادها. فمن يدعو إلى التهجير يستبطن التوطين، ويرفض حق العودة، ويرفض طبعاً فكرة الدولة الفلسطينية، ما يعنى أن الحرب هى سياسة الولايات المتحدة المستمرة، وأن فكرة السلام لا تعنى أكثر من الهيمنة والمصادرة.

لا شك فى أنه بعد هذه التصريحات الترامبية الإمبراطورية تزداد حاجة لبنان إلى الوحدة الوطنية الفعلية لا الإنشائية وإلى تخفيف شروط القوى السياسية لتسهيل مهمة نوّاف سلام فى تأليف أولى حكومة عهد الرئيس العماد جوزاف عون، وإلا فإن تأليف الحكومة سيكون فريسة الضغط الداخلى والخارجى معا.

 

النص الأصلي 

التعليقات