مصر وفلسطين والشعر - سمير عمر - بوابة الشروق
الإثنين 27 أكتوبر 2025 12:12 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

مصر وفلسطين والشعر

نشر فى : الأحد 26 أكتوبر 2025 - 7:10 م | آخر تحديث : الأحد 26 أكتوبر 2025 - 7:10 م

والله إن سعدنى زمانى

لاسكنك يا مصر

وابنى لى فيكى جنينة

فوق الجنينة قصر

وابعت منادى ينادى كل يوم العصر

دى مصر جنة هنية للى يسكنها

واللى بنى مصر كان فى الأصل حلوانى

رحم الله عمنا «أحمد فؤاد نجم» صاحب هذه الكلمات، التى منحها الموسيقار والمطرب محمد الطوخى بعضا من روحه الشعبية الخالصة فى أغنية شدا بها مساء الأربعاء الماضى على خشبة المسرح المفتوح بدار الأوبرا المصرية ضمن فعاليات الدورة الثالثة والثلاثين لمهرجان الموسيقى العربية، كنت أستمع لغناء الصديق محمد الطوخى وأنا أسترجع جلساتنا الممتدة مع عمنا أحمد فؤاد نجم، بينما كان جمهور الحفل يردد خلف محمد الطوخى: واللى بنى مصر كان فى الأصل حلوانى.

اختار الطوخى أن تكون هذه الأغنية هى الأخيرة فى أغانيه التى شدا بها فى تلك الليلة، ليبدأ بعدها المطرب الكبير «على الحجار» فقرته الغنائية التى امتدت لأكثر من ساعة شدا خلالها بالكثير من الأغنيات التى كتب أغلبها الشاعر الكبير عمنا «سيد حجاب»، ومثلما كان الختام عند محمد الطوخى بأغنية عن مصر التى بناها الحلوانى، كان الختام عند على الحجار بأغنية  «سيد حجاب»، وألحان بليغ حمدى فى مسلسل «بوابة الحلوانى»، 

لتكون ذات العبارة  الخالدة: اللى بنى بنى مصر / كان فى الأصل حلوانى وعشان كده مصر يا ولاد، مصر يا ولاد، حلوة الحلوات.

فى إحدى جلساتى الكثيرة مع عمنا سيد حجاب كنت أناقش معه فكرة خصوصية القصيدة / الأغنية عنده وعند شعراء العامية المصرية الكبار ممن سبقوه أو عاصروه أو حتى من جاءوا بعده، وقد كان الرجل - رحمه الله -  نبيلا، يحفظ لزملائه الشعراء أقدارهم ويعترف بتميزهم، وذكرنى بما كتبه عنه الشاعر الكبير صلاح جاهين حين قدمه للقراء:

«سيد حجاب احفظوا هذا الاسم جيدا فسوف يكون له شأن كبير فى شعرنا» كما وصفه صلاح جاهين بأنه «شاعر الناس».

كان سيد حجاب يحب صلاح جاهين، وكان صلاح جاهين يحب كل الناس ويفتح قلبه قبل باب مكتبه أمام أى موهبة تستحق الرعاية والاهتمام.

تذكرت هذه الجلسة وأنا أتابع كيف يتجاوب جمهور المسرح مع كلمات اللى بنى مصر للشاعر سيد حجاب.

فى هذه الليلة كان الشعر حاضرا على خشبة المسرح من خلال كلمات الأغانى التى شدا بها على الحجار، فقد غنى من كلمات فيلسوف الشعر العامى فؤاد حداد «العروسة اللى بتغسل خلجاتها فى خليجى» فأعادنى كما قلت لزوجتى وأبنائى على الحجار بهذه الأغنية ثلاثين عاما إلى الوراء، تماما كما فعل حين غنا من كلمات الشاعر الكبير جمال بخيت وألحان أحمد الحجار أغنية «فلسطينى» 

آه من هذه الأغنية:

رفاقى... الوحدة، والمنفى، وشوق الريح

مهاجر من وطن ضايع لقلب جريح

بتهزمنى انكساراتى

وبرفع أعلى راياتى

حياتى فى زمن آتى

يا أرض النور تحاوطينى

فلسطينى

أنا شاعر لكن قدرى أغنى بارود

يا عشاق البراح إمتى تكون لى حدود

 وامتى الفجر يا امة

أحس براحة الضمة

يا استشهد يا اتسمى فى ليلة بدر حطينى

فلسطينى

فى اليوم التالى، حيث ظهر يوم الخميس الماضى، كنت أتابع اجتماعات الفصائل الفلسطينية فى القاهرة، حيث التقيت قادة غالبية فصائل المقاومة الفلسطينية، وفى أذنى ما كان يردده على الحجار فى الليلة السابقة:

بيسرى الأقصى فى دمى أسير وعنيد

وبلدى وجهتى ويومى فى هواها شهيد

لا يغيب الشعر عن الوجدان طالما كان الفكر مشغولا بالقضايا القومية الكبرى، وهل فى قضايانا القومية ما هو أهم من القضية الفلسطينية؟!

أعتقد أن أبناء جيلى، ومن سبقونا بكل تأكيد كانت القضية الفلسطينية تشكل بوصلة دائمة فى توجيه اختياراتهم وتحديد مواقفهم، وكنت أظن أن هذا الأمر قد تراجع فى السنوات الأخيرة لدى أبناء الأجيال التى تلتنا، حتى كان طوفان الأقصى، فأعاد القضية الفلسطينية إلى الصدارة مجددا.

صحيح أن شباب الجيل الحالى، لم يجلسوا فى حضرة الشعراء الكبار الذين تغنوا بحب مصر وفلسطين، لكن العدوان الإسرائيلى الأخير على أبناء شعبنا الفلسطينى أعادهم إلى هذا النوع من الإبداع النضالى، فباتت أشعار محمود درويش وفؤاد حداد وأحمد فؤاد نجم والأبنودى وسيد حجاب وجمال بخيت وغيرهم حاضرة فى المشهد بكل قوة

وفى المشهد استرجع ما قاله جمال بخيت:

لم الشمل بلاش تفكيكا

يللى بتلعب بالبولوتيكا

أرضك واحدة وربك واحد

لا تروح روسيا ولا أمريكا

وافهم بقى ربى يخليكا

 

 

سمير عمر كاتب صحفي يمتلك خبرة تمتد لنحو ثلاثة عقود في مجال الصحافة والإعلام
التعليقات