عندما (ترتكب الحكومة عملا جيدا) - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:49 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عندما (ترتكب الحكومة عملا جيدا)

نشر فى : الإثنين 2 أغسطس 2010 - 9:34 ص | آخر تحديث : الإثنين 2 أغسطس 2010 - 9:34 ص

 مثلما ننتقد الحكومة كثيرا على تقصيرها وإهمالها وتراخيها فى العديد من الملفات والقضايا، والتى يصل بعضها إلى حد الجرائم، ينبغى أن نشيد بها إذا «ارتكبت» عملا جيدا، حتى لو كان ذلك من دون قصد، وجاء بالصدفة.

فى هذا المكان وقبل أيام وجهت تحية مشروطة للحكومة بشأن إجراءاتها لمعالجة الأوضاع الأمنية المضطربة فى سيناء رغم أنها متأخرة نوعا ما، واليوم أرى من الواجب ضرورة الإشادة بالإجراءات التى تم الإعلان عنها الأسبوع الماضى والخاصة بإعادة النظر فى قواعد التعامل مع أراضى الدولة، والنظر فى معاقبة المتورطين فى تحويل الأراضى الزراعية إلى منتجعات.

هناك وجهة نظر تقول إن اللصوص والحيتان سرقوا معظم أراضى الدولة، وإن التحركات الأخيرة ومعظمها على الورق جاءت بعد خراب مالطة، وبعد أن قنن الحرامية جريمتهم، وبالتالى فإن الحكومة تحاول إيهام الناس بأنها تحارب الفساد.

وجهة النظر الأخرى ترى أن لصوص الأراضى الذين «تربوا وترعرعوا وتدلعوا» فى أحضان الحكومة، قد «انفلت عيارهم» وصاروا أقوى منها وقد يعضون يدها هى شخصيا، فلم يكن هناك أمامها من خيار سوى قطع هذه اليد أو على الأقل «قرصها أو عضها».
لكن بين وجهة النظر المتشائمة والمتفائلة هناك وجهة نظر لا تخلو من منطق مفادها أن الحكومة لا تملك سياسة محددة لمحاربة الفساد خصوصا فيما يتعلق بحيتان ولصوص الأراضى، وأن المسألة أولا وأخيرا عبارة عن تصفية حسابات أو بتعبير آخر فإن «الله يسلط أبدانا على أبدان».

يدلل هؤلاء على وجهة نظرهم بأن امبراطور السليمانية سليمان عامر على سبيل المثال حصل على آلاف الأفدنة بتراب الفلوس وكانت مخالفاته واضحة خصوصا عندما أقام مدنا سكنية فاخرة تقدر بالمليارات بدلا من استصلاح الأراضى وزراعتها. كما ان قصة جزيرة آمون فى أسوان معروفة للجميع منذ سنوات، وكذلك الأمر بالنسبة لأرض ميدان التحرير.
يفصل هؤلاء أن معظم قضايا الفساد فى السنوات الأخيرة كانت وقائعها معروفة قبل تكشفها بوقت طويل، لكن أصحابها كانوا يتمتعون بحماية من بعض ذوى النفوذ، وبالتالى فإن كشف واقعة فساد ما يتم ليس حبا فى محاربة الفساد ولكن «عاملا متغيرا وطارئا» هو الذى يعجل بالأمر.

أصحاب نظرية المؤامرة لديهم تفسير محكم ومتكامل لما يتم هذه الأيام، مفاده ان كل ما يحدث الآن من مشاهد متناثرة هنا وهناك هى عبارة عن لوحة واحدة يتم رسمها لإعادة ترتيب بيت الحكم من أوله إلى آخره.
وبغض النظر عن سبب وتفسير سر تحرك الحكومة المفاجئ ومطاردتها لبعض حيتان الأراضى وإصرارها على اعادة حق الدولة. فالمفترض أن نرحب بأى خطوة تتم فى هذا الصدد، حتى لو تمت بالصدفة وجاءت عشوائية.

أن تتم إعادة وتحرير متر واحد من يد لص، أو يتم فسخ عقد قرية سياحية تطل على السد العالى تم بيعها بثمن بخس، أو يعاد تسعير أرض بسعرها الحقيقى. أن يتم كل ذلك أو بعضه فهو مكسب للشعب بأكمله. ولن ننشغل كثيرا فى تفسير السبب وهل هو بسبب حب الحكومة للشعب وخوفها على أراضيه أم بسبب صراع المماليك على تقسيم ما لا يملكونه.
علينا أن نشيد بمن يقف وراء هذا التوجه.. فمثل هذه الاشادة قد تغرى الحكومة بأن فعل الخير هو شىء جيد وله فوائد متعددة ربما أكثر كثيرا من فوائد الفساد!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي