العام الجديد.. بين الماضى والمستقبل - علي محمد فخرو - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 7:39 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

العام الجديد.. بين الماضى والمستقبل

نشر فى : الأربعاء 3 يناير 2024 - 9:35 م | آخر تحديث : الأربعاء 3 يناير 2024 - 9:35 م
كانت أغلب الكتابات أو الأحاديث التى قرأتها أو سمعتها، بمناسبة حلول العام الجديد، تركز على تمنيات واقتراحات بشأن التغييرات المطلوبة فى شتى الحقول الحياتية، وذلك من أجل خروج الوطن العربى من الحالات المأسوية التى يعيشها الآن.
لكن باعتقادى أنه يجب أن يسبق ذلك، كتابات وأحاديث بشأن ما يجب أن يراجع من ماضٍ، فإما أن يترك أو يعدل، وذلك قبل الانتقال إلى مرحلة تلك المقترحات المستقبلية.
تفرض ضرورة تلك المعادلة عظم التغيرات التى رانت على المشهد العربى برمته خلال السنوات القليلة الماضية.
فمثلا فإن السقم الذى حل بإرادة وكفاءة وفاعلية الجامعة العربية، والذى حتما يبرر الحديث عن إصلاحات جذرية فى وظائفها وأساليب عملها وأسس علاقاتها مع أعضائها من الدول العربية القطرية، يحتاج أولا الحديث عن الغياب الكارثى لأهم أعمدة تلك الجامعة التاريخية المتألقة من مثل مصر والعراق وسوريا، وعن وسائل وإمكانيات رجوعهم الفاعل السابق. هذا لا يعنى التقليل من أهمية الأعضاء الباقين، وإنما التأكيد على أن الجامعة لن تستطيع الخروج من أوضاعها الحالية بينما بعض من مكوناتها الأساسية الكبرى ــ ذات الوزن التاريخى والالتزامى الكبير ــ تعانى الأمراض والفواجع التى تعيشها.
أهمية هذه الطريقة فى التعامل مع المقترحات المستقبلية تظهر، كمثل، فى طرح أمثال هذا السؤال المتواضع ومواجهته: ما الذى حدث لذلك الزخم الكبير المفعم بالآمال الذى رأيناه منذ بضعة شهور بشأن رجوع سوريا إلى حضن أمتها والتحاقها بالجامعة العربية، لا كدولة محاصرة جائعة محتلة من هذه الدولة أو تلك الجهة وإنما كسوريا السابقة المتعافية النشطة فى كل مناحى الحياة العربية؟
فإذا أضفنا، مثلا، الأسقام التى يعانى منها لبنان والسودان وليبيا واليمن، وأضفنا الإمكانيات الكبرى للتلاعب بالموضوع الفلسطينى وبوجود شعبه فى الحياة العربية، نستطيع أن نرى أن الحديث عن المستقبل الكلى سيصبح هذرا إذا لم يسبقه حديث عن تفاصيل الماضى القريب الذى منه سيولد المستقبل.
ويمكن أن نأخذ كمثل ثانٍ من أجل المزيد فى توضيح الصورة حديث البعض عن مستقبل مجلس التعاون الخليجى. فهل يمكن الحديث عن مزيد من خطوات الاندماج والتوحيد ولعب دور أكبر فى الجامعة العربية بينما هناك اختلاف كبير بين دوله الست فيما يتعلق بالعلاقة مع إسرائيل؟ هذا الامر مرتبط ايضا بالحديث عن تسهيل انتقال الأفراد فيما بين أقطاره وتوحيد البطاقة الشخصية والاندماج الأقوى فى اقتصاده وبناء منظومة أمنية متضامنة فيما بين أقطاره.
باختصار، أليس الحديث عن أهمية اتخاذ خطوات مستقبلية، دون مواجهة خطوات ماضية سبقتها هو ثرثرة لا معنى لها؟
حتى الحديث عن انتقال الوطن العربى إلى أن يكون جزءا من نظام بريكس. هل حقا يمكن الحديث عن ذلك المستقبل بينما الماضى يشير إلى وجود ألف قيد ستفرضه دولة معادية لبريكس، الولايات المتحدة الأمريكية، والتى تتحكم بالحياة الاقتصادية والسياسية العربية بأشكال لا تعد ولا تحصى؟
ما نريد أن نقوله أن هناك حاجة لجهة بحثية وفكرية عربية تضع استراتيجية تبين كيف الانتقال بسلالة وصدق، وكأولايات متسلسلة، من إشكالات الماضى إلى رحاب المستقبل الذى كتب عنه الكثيرون بمناسبة العام الجديد. سيكون من الأفضل لو أن الجامعة العربية أو منظمة التعاون الإسلامى أناطت تلك المهمة بجهة فكرية بحثية موضوعية صريحة لتقوم بذلك.
إذا لم تقم مثل تلك الجهات بالمهمة فالسؤال الذى يطرح نفسه: هل ستنبرى جهات مدنية شعبية، عروبية أو عروبية ــ إسلامية، بعمل تلك الاستراتيجية وطرحها على الأمة الرسمية والمدنية؟، فلعل المستقبل آنذاك يصبح الحديث عنه بشكل منطقى قابل للتحقق، وليس بشكل رغائبى لا يقدم ولا يؤخر.
علي محمد فخرو  شغل العديد من المناصب ومنها منصبي وزير الصحة بمملكة البحرين في الفترة من 1971 _ 1982، ووزير التربية والتعليم في الفترة من 1982 _ 1995. وأيضا سفير لمملكة البحرين في فرنسا، بلجيكا، اسبانيا، وسويسرا، ولدي اليونسكو. ورئيس جمعية الهلال الأحمر البحريني سابقا، وعضو سابق المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب، وعضو سابق للمكتب التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات الوحدة العربية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات فلسطينية. وعضو مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية المكتوبة والمرئية في دبييشغل حاليا عضو اللجنة الاستشارية للشرق الأوسط بالبنك الدولي، وعضو في لجنة الخبراء لليونسكو حول التربية للجميع، عضو في مجلس أمناء الجامعة العربية المفتوحة، ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث.
التعليقات