هذه هى معجزة الرئيس القادم: بث الأمل فى نفوس الناس.
أسميها معجزة لأن إدراكها لن يكون سهلا، فالمصريون بعد ثلاث سنوات من الثورة والاحتجاجات والمظاهرات والاضطرابات، وبعد أن خلعوا رئيسين وأزاحوا نظامين، ليسوا على مايرام، وبدلا من تمجيد الثورة والفخر بها، فإن قطاعات واسعة حين تنظر إلى حالها، وتتكشف أمامها حقائق جديدة ودوافع متباينة لمن احتشدوا خلفهم فى الميادين، يتساءلون عن جدوى ذلك كله، وانعكاسه على أحوالهم المعيشية، وبعضهم لسان حاله يقول: «آدى اللى خدناه من الثورة».
هذا هو التحدى الأكبر الذى سيواجهه الرئيس القادم، لا فرصة للفشل ولا مجال للتجربة، المعادلة صفرية فعلا: نكون أو لا نكون.
يواجه صانع الأمل فى هذا المناخ المفعم بالقلق والترقب تحديات كبرى:
نخبة مشوشة وقوى مدنية كثيرة الكلام قليلة الفعل، لم تتعلم ولا تنوى أن تتعلم من أخطائها، لم تفهم أن صراخها على الفضائيات وخناقاتها على صفحات الجرائد ليس هو منتهى السياسة، لم تستفد من دروس الانتخابات البرلمانية والرئاسية السابقة، حين أشعلت الفضاء الإعلامى والإلكترونى جدلا وعراكا، وحين حانت لحظة الجد، واحتكم المتنافسون إلى الصناديق، كانت الغلبة لآخرين، عرفوا كيف يخاطبون الشارع ويخطبون ودّه، ليس هذا تقليلا من شأن النخبة بحال، فهى- فى حالتها المثالية- من يقود ويكشف وينير الطريق نحو المستقبل، فقط عليها ان تدرك أوجه قصورها، وأن تعمل أكثر بين الجماهير، وأن تشتغل للناس لا عليها.
الإخوان وحلفاؤهم من الإرهابيين القدامى، هذا هو التحدى الثانى، هؤلاء سيعملون بكل قوة على عرقلة مسيرة أى رئيس، فهم لن ينسوا أبدا أن مشروعهم قضى عليه، وأن قادتهم يقبعون فى السجون، سيتواصل عنفهم وتتصاعد حماقاتهم، وسيكون على الدولة أن ترد بقوة على حماقات الإخوان وحلفائهم، ويصبح السؤال فى هذه الحالة: كيف نوقف العنف ونحاصر الإرهاب، دون أن يسيطر الهاجس الأمنى على المجال العام، فالإخوان يسعون بقوة إلى تصدير هذا الإحساس، ولا هدف لمسيراتهم ومظاهراتهم المولوتوفية وعنفهم فى الجامعات، إلا زيادة وطأة القبضة الأمنية، وحينها يضج الناس ويثورون، فيركب الإخوان الموجة، ونبدأ من جديد، مما قبل 25 يناير 2011، يعنى: نقطة ومن أول السطر، هذا هو مخططهم لو تعلمون.
سيكون على الرئيس القادم ثالثا، أن يواجه سقف طموحات مرتفعا، تقابله موارد طبيعية وبشرية متواضعة، وهنا بالضبط سر نجاح الرئيس الجديد ومكمن فشله، عليه أن يصارح الناس بالحقائق، وأن يدعوهم فورا إلى مزيد من العمل والإنتاج، وأن يصارحهم بصعوبة وضعنا الاقتصادى، وأظن أن المشير السيسى كان واضحا جدا فى كلمته بمسرح الجلاء، حين قال للهاتفين يطالبونه بالترشح: «هل نحن مستعدون أن نقتسم اللقمة معا»، هذه كلمات تشير بوضوح إلى توجهات الرجل وتترجم انحيازاته.
كما ترى، يحتاج المصريون إلى الأمل بعد أن عاشوا طويلا فى الوهم.
شخصيا أشعر بتفاؤل كبير.. نحن على الطريق.