سبب تدهور صورة الصين عالميا - العالم يفكر - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:40 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سبب تدهور صورة الصين عالميا

نشر فى : الخميس 3 فبراير 2022 - 8:45 م | آخر تحديث : الخميس 3 فبراير 2022 - 8:45 م
نشر مجلس الشئون الخارجية الأمريكى مقالا للكاتب جوشوا كيرلانتزيك، تحدث فيه عن سبب تدهور الصورة العامة للصين فى العالم، ومدى الضرر الذى لحقها من جراء هذا التدهور. كما تناول الخطوات التى تتخذها الصين لتحسين صورتها، ورد فعل الولايات المتحدة.. نعرض من المقال ما يلى.
أظهرت دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث أن الصورة العامة للصين «تهبط على نطاق واسع» فى العديد من البلدان. ففى أستراليا، 20 فى المائة فقط من الناس لديهم صورة إيجابية عن الصين بينما فى اليابان 10 فى المائة فقط لديهم تلك الصورة. بالإضافة إلى ذلك، يدعو العديد من أصحاب الرأى البارزين الدول الآن لمقاطعة دورة الألعاب الأوليمبية الشتوية دبلوماسيا، وحتى بعض المؤيدين المتحمسين لبكين، مثل المنظمات التجارية، أعربوا بشكل متزايد عن استيائهم وغضبهم من الصين.
وبالرغم من أن هذا التراجع فى صورة بكين له عواقب على نفوذها فى الخارج، لكن يبدو أن المسئولين الصينيين غير راغبين فى فعل أى شىء لإصلاح الوضع. لكن لماذا ساءت الصورة العامة للحكومة الصينية؟
صورة بكين العامة تدهورت عالميا لعدة أسباب. ففى بعض البلدان، لا يزال هناك عدم ثقة فى بكين بسبب التستر على تفشى وباء كوفيد ــ 19. كما ولدت بعض مشاريع مبادرة الحزام والطريق وجهات نظر سلبية، حيث تراكمت على البلدان ديون أعلى من المتوقع. ولا ننسى أن استبداد بكين فى الداخل، ولا سيما خنقها لحريات هونغ كونغ وقمعها فى شينجيانج، أدى إلى زيادة توتر وغضب العديد من الأطراف الأجنبية.
كما أنه فى السنوات الأخيرة، تبنت الصين أسلوبًا دبلوماسيًا عدائيًا بشكل متزايد، يُطلق عليه دبلوماسية الذئب المحارب، والذى أدى إلى عزل دول مجاورة لها ودول بعيدة عنها مثل ليتوانيا، والتى تحاول بكين تضييق الخناق عليها لأنها سمحت لتايوان بفتح مكتب تمثيل لها فى عاصمتها. لم تكن نتائج دبلوماسية بكين فى صالحها، فنهجها العدوانى أدى إلى نتائج عكسية فى العديد من البلدان. ففى حالة ليتوانيا، رفضت حكومتها التراجع عن موقفها واحتشدت الدول الأوروبية لدعمها.
على كلٍ، الصورة العامة للصين وصلت لأدنى مستوياتها فى الديمقراطيات المتقدمة فى آسيا مثل اليابان وكوريا الجنوبية، بالإضافة إلى ديمقراطيات أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية. ولم يقتصر الأمر على تبنى شعوب هذه البلدان آراء سلبية للغاية تجاه الصين، ولكن العديد من حكوماتها تقوم بإغلاق مبادرات القوة الناعمة الصينية المهمة، مثل معاهد كونفوشيوس التى تقدم برامج اللغة والثقافة الصينية فى الكليات والجامعات فى جميع أنحاء العالم.
على الجانب الآخر، تحسنت صورة الصين فى أجزاء أخرى من آسيا وأفريقيا حيث استجابت بعض الدول الآسيوية التى لها علاقات تاريخية وثيقة مع الصين، مثل سنغافورة وتايلاند وباكستان، بشكل أكثر إيجابية للدبلوماسية العامة الصينية، ولم يواجهوا عادة دبلوماسية الذئب المحارب. أما فى بعض البلدان الأفريقية، فقد مولت بكين مشاريع البنية التحتية المطلوبة ووظفت العمال المحليين مما أدى إلى كسب ود هذه البلدان.
وبخصوص الضرر الذى لحق بالصين من جراء تدهور صورتها فيمكننا ببساطة القول أن صورة الصين المتدهورة تسببت فى حدوث ألم جيوستراتيجى واقتصادى، فلقد تم تعليق اتفاقية استثمار مع الاتحاد الأوروبى، وانقلبت العديد من الدول الأوروبية على مشاريع مبادرة الحزام والطريق بعد أن كانت مرحبة بها، ويرجع ذلك جزئيًا إلى دبلوماسية الصين (الذئب المحارب) والمخاوف من أن مبادرة الحزام والطريق مرتبطة بالفساد والديون. كما أصبحت العلاقة بين الولايات المتحدة والصين الآن فى أدنى مستوياتها منذ عقود، مما يعرض العلاقات التجارية للخطر ويزيد من احتمال نشوب صراع بين القوتين الكبريين.
لكن هل تحاول بكين تحسين صورتها؟ فى خطاب ألقاه العام الماضى، بدا أن الزعيم الصينى شى جين بينج يدعو إلى كبح جماح دبلوماسية الذئب المحارب والترويج لبكين كشريك موثوق به. كما تضمنت حملة القوة الناعمة للصين على مدى العقد الماضى توسعًا فى وسائل الإعلام الحكومية العالمية.
وخلال الوباء، أصبحت الصين مانحًا دوليًا رئيسيًا للقاحات، على الرغم من أنها لم تتبرع بعدد كبير من اللقاحات مثل الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن دولًا مثل ماليزيا ترفض اللقاحات الصينية التى تبدو بالنسبة لها غير فعالة مثل غيرها.
لكن يعتقد بعض قادة الرأى الصينيين وربما حتى الرئيس الصينى أنه لا ينبغى للصين أن تغير موقفها العدوانى ودبلوماسية الذئب المحارب، حتى لو أدى ذلك إلى الإضرار بصورتها فى الخارج. يجادلون بأن الصين، كقوة صاعدة وحازمة، ستظل دائمًا مبغوضة من قبل الديمقراطيات الغربية التى تحاول تقليصها، كما يبدو أن هذه الدبلوماسية العدوانية ترضى الكثير من أبناء الشعب الصينى، الذى أصبح أكثر قومية. وفى الواقع، واصلت الصين تكتيكاتها العدوانية ليس فقط مع ليتوانيا ولكن أيضًا مع أستراليا والعديد من الدول الأخرى.
فى النهاية، علينا تناول رد فعل الولايات المتحدة. بالنسبة لواشنطن فيمكنها أن تترك بكين لتواصل حفر قبرها بيدها، وفى الوقت نفسه، تعيد بناء العلاقات الأمريكية مع الشركاء الديمقراطيين، فقد تؤدى الإجراءات العدوانية التى تتخذها الصين فى النهاية إلى عزلها عن المزيد من الدول وإفادة الولايات المتحدة.
ومع ذلك، ينبغى على الولايات المتحدة أن تظل يقظة بشأن الجهود الصينية التى تشهد تحولا من القوة الناعمة إلى ما يسمى بالقوة الخشنة فيمكن أن تشمل هذه الجهود استمالة السياسيين الأجانب بشكل مباشر عبر القنوات الخلفية والرشاوى، واستخدام تكتيكات التضليل عبر الإنترنت للترويج لأفكار الحكومة الصينية، أو جعل رجال الأعمال الموالين للصين يشترون المنافذ الصحفية المحلية فى العالم ويغيرون تغطيتها بهدوء لتكون أكثر ملاءمة لبكين.
ترجمة وتحرير: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:

التعليقات