49 سؤالا للرئيس ترامب - محمد المنشاوي - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:49 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

49 سؤالا للرئيس ترامب

نشر فى : الخميس 3 مايو 2018 - 10:35 م | آخر تحديث : الخميس 3 مايو 2018 - 10:35 م

تلعب وسائل الإعلام الجادة دورا شديد الأهمية فى المجتمعات الديمقراطية، ولا تكتفى بدورها التقليدى المتمثل فى توفير تغطية إخبارية ومعلوماتية محايدة وعميقة ومراقبة أنشطة السلطات الحاكمة، بل تعدت هذا الدور المهم لتلعب دورا مختلفا يتمثل فى استغلالها من قبل اللاعبين السياسيين الأساسيين لأغراض عدة، بل ومتناقضة فى بعض الحالات. ويمثل خبر نُشر منذ أيام فى صحيفتى نيويورك تايمز وول ستريت جورنال عن حصولهما على قائمة بالأسئلة التى يرغب المحقق الخاص فى قضية التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية روبرت مولر توجيهها للرئيس دونالد ترامب ــ حالة نموذجية لهذا الدور.

بلغ عدد الأسئلة المذكورة 49 سؤالا يرغب المحقق الخاص فى توجيهها للرئيس، ويبدو أن الصحف الأمريكية حصلت عليها من خلال محامى ترامب ممن اجتمعوا مع فريق المحقق مولر للتباحث حول فكرة مكوث ترامب أمام فريق التحقيق للإجابة عن أسئلة تتعلق بالتدخل الروسى فى الانتخابات الأخيرة. قبل شهور رحب ترامب من خلال تغريدات له بفكرة لقاء فريق التحقيق، وذلك قبل أن يستمع لنصائح كبار محاميه بكارثية مثل هذه الخطوة حيث لا يمكن السيطرة على ما قد يخرج على لسان ترامب فيما يتعلق بتفاصيل شديدة الأهمية، وقد تسبب له متاعب قانونية لا حاجة لها. فى الوقت نفسه، لا يُعرف المنطق بعد وراء هذه التسريبات والتى وصفها الرئيس ترامب نفسه بأنها شىء مقزز! وغرد ترامب على حسابه فى تويتر قائلا: «من العار أن تسرب الأسئلة المتعلقة بجريمة لا وجود لها إلى الإعلام. لا توجد أسئلة عن التواطؤ.. لم يكن الأمر أبدا، فيبدأ التحقيق من التسريب غير الشرعى للمعلومات السرية، حسنا»! وأضاف فى تغريدة ثانية عن الموضوع: «سيكون من الصعب للغاية عرقلة العدالة بشأن جريمة لم تحدث قط».
***

لم يعرف من قبل خروج أى تسريبات من فريق مولر الذى يقوم بما يقوم به فى سرية شديدة، ووصلت الأسئلة لفريق ترامب فى خضم المفاوضات بين الفريقين، واضطر مولر للكشف لمحامى ترامب عن طبيعة الأسئلة التى يريد توجيهها لترامب حال لقائه.

ودستوريا يحق للرئيس إقالة المحقق الخاص، من هنا سارعت اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ ــ والتى يسيطر عليها الجمهوريون بأحد عشر عضوا مقابل عشرة أعضاء للديمقراطيين ــ بالتصويت على مشروع قرار يحمى المحقق مولر ويمنع الرئيس من إقالته. وصوت للقرار كل الديمقراطيين العشرة إضافة لأربعة من الجمهوريين، وذلك على الرغم من غياب رغبة رئيس الأغلبية الجمهورية بالمجلس فى التطرق لهذا الشأن، ويعتقد ميتش ماكونيل أن مجلس الشيوخ ليس فى حاجة لاعتماد قانون يحمى مولر من الإقالة. ويستطيع ترامب إقالة مولر عن طريق إقالة الرجل الثانى فى وزارة العدل رود روزنشتاين، وأن يستبدل به شخص آخر لا يمانع فى إقالة المحقق مولر.

الأسئلة غطت فى مجملها أربع موضوعات رئيسية، ولم توجه أى أسئلة تحمل ضمنا اتهامات للرئيس ترامب بالتواطؤ مع روسيا فى الانتخابات. إلا أنه من المبكر كذلك الجزم أن المحقق مولر لا يملك بعض ما يمكنه من توجيه اتهامات لترامب فى قضايا مباشرة أو غير مباشرة مرتبطة بالتحقيقيات الجارية، ولليوم لم يتحدث أبدا المحقق مولر عما فى جعبته.
***

موضوع الأسئلة الأول تعلق بمستشاره السابق للأمن القومى الجنرال مايكل فلين. خمسة أسئلة تعلقت بالرجل وباحتمال معرفة ترامب بتواصله المباشر قبل تنصيب ترامب للرئاسة مع السفير الروسى بواشنطن سيرجى كيسلياك. الموضوع الثانى تعلق بطرح 18 سؤالا حول علاقته وإقالته لجيمس كومى، المدير الأسبق لمكتب التحقيقات الفيدرالية FBI، وما إذا كان ترامب طرد كومى للتغطية على فلين، وما إذا كان ترامب حاول عرقلة التحقيق مع فلين بشأن اتصالاته مع الروس.

الموضوع الثالث تعلق بعلاقته بوزير العدل جيف سيشنز، وخاصة بعدما نحى الوزير نفسه عن تحقيقات روسيا وهو ما سبب وصمة لترامب، وكيف لترامب أن بحث فى إقالته بعدما أهانه علانية على موقع تويتر وعبر عن خيبة أمله بسبب تنحيه عن التحقيقات، وعما ذكرته تقارير مختلفة عن اتهام ترامب لوزير العدل سيشنز بعدم الولاء. الموضوع الرابع هو الأكثر خطورة ووجهت له الأسئلة المتبقية ويتعلق بالدور الروسى المباشر فى الانتخابات الأمريكية وعلاقة روسيا بترامب قبل وبعد وصوله لسدة الحكم. ونجد هنا أسئلة تتعلق بسؤال عن علم ترامب بوجود علاقة بين بول مانافورت مدير حملة ترامب الانتخابية وروسيا، وعما إذا كان ترامب على علم باجتماع عام 2016 بين نجله ومحامية روسية قريبة من الكرملين، وذكرت تقارير صحفية أنها وعدت بتقديم ما يضر بالمرشحة هيلارى كلينتون لفريق ترامب. وأسئلة أخرى تتعلق بعلاقاته بروسيا خلال عام 2013 والتى نجحت فيها روسيا فى استضافة مسابقة ملكة جمال العالم التى يشرف عليها ترامب، وماذا حصل ترامب عليه فى المقابل. وأسئلة أخرى تتعلق باجتماعات رتب لها ولى عهد أبوظبى محمد بن زايد سواء فى برج ترامب أو فى جزيرة سيشيل مع وسطاء روسيين.
***

يسمح الفصل بين السلطات فى النظام السياسى الأمريكى باستقلالية عمل الجهات القضائية بعيدا عن نفوذ أو سطوة البيت الأبيض. ويسمح كذلك النظام الأمريكى بفصل كامل بين التحقيقات الجارية حول احتمال معرفة الرئيس بمخالفات أو تواطئه مع روسيا، وبين أى تطورات فى قضايا السياسة الخارجية سواء كانت تتعلق بالملف النووى لكوريا الشمالية، أو بالاتفاق النووى الإيرانى أو بهجمات على سوريا أو بنقل السفارة الأمريكية للقدس. غطى الإعلام الأمريكى موضوع أسئلة التحقيق مع ترامب بحيادية كاملة، ولم يتهم أحد أحدا بإهانة الرئيس، أو تشويه صورة الدولة أو نشر أخبار كاذبة أو تهديد الأمن القومى، وذلك لإيمان العقل السياسى الأمريكى أنه إذا أصبح حاكما أو جهة فوق القانون والمحاسبة فى إطار من الشفافية، لاهتزت أحد أهم أسس القوة الأمريكية.

محمد المنشاوي كاتب صحفي متخصص في الشئون الأمريكية، يكتب من واشنطن - للتواصل مع الكاتب: mensh70@gmail.com
التعليقات