ائتلاف شباب.. للبيع - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 5:57 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ائتلاف شباب.. للبيع

نشر فى : السبت 4 يونيو 2011 - 8:36 ص | آخر تحديث : السبت 4 يونيو 2011 - 8:36 ص

 صار تكوين «ائتلاف» فى مصر هذه الأيام أسهل بكثير من استخدام فرشة الأسنان ولو لمرة يوميا.

فى البلدان ذات الثقافة الديمقراطية والتعددية المترسخة فإن تكوين الائتلاف يتطلب الكثير من الجهد والتفاوض للوصول إلى حلول وسط بين المؤتلفين.

الفعل «يأتلف» عندما يستخدم فى العلوم السياسية فإنه يعنى وجود طرفين سياسيين مختلفين أو اكثر يقرران الائتلاف معا لتشكيل حكومة أو تيار واسع النطاق بهدف تخطى أزمة سياسية أو البحث عن المشتركات بين القوى المؤتلفة.

فى بريطانيا يأتلف حزبا المحافظين والأحرار لتشكيل حكومة ائتلافية، وفى إسرائيل يأتلف حزب الليكود اليمينى مع العمل وبعض الأحزاب الدينية المتطرفة. لكن فى مصر صارت الكلمة تعنى مدلولا كوميديا.

يكفى أن يقرر شخص إطلاق كلمة ائتلاف على أى شىء يبدأ بكلمة شباب الثورة أو الشباب الحر أو شباب المحافظات. أو حتى «ائتلاف شباب نفسى».

ثم تأتى الخطوة الأهم وهى أن يتمكن هذا الشخص من نشر خبر فى صحيفة أو يحل ضيفا فى فقرة بإحدى الفضائيات ويفضل أن تكون عبر برنامج حوارى ليلى شهير، بعدها سوف تتسابق إليه الفضائيات الجائعة لملء الفراغ الممتد حتى لو «طجَّن فى الكلام».

لو سألت معظم أصحاب الائتلافات سؤال القذافى الشهير «من أنتم»؟ فسوف يصابون بالخرس، لأنهم لا يمثلون إلا أنفسهم وأحيانا الجهة التى طلبت منهم تشكيل هذه الائتلافات الكرتونية.

وبمناسبة الكرتونية فقد صار بعض هؤلاء يشبهون الأحزاب الأنبوبية التى اخترعها صفوت الشريف ورسخها أحمد عز وكان يستدعيها من «مخزن لجنة أحزاب الحزب الوطنى» فى اللحظات الموسمية قبل الانتخابات أو أثناء ما يطلق عليه الحوار الوطنى.

وجميعنا يعرف النتيجة، احترق الحزب وصار كل رموزه فى طرة الآن.

إذن مصطلح ائتلاف يعنى وجود أكثر من تيار وبالتالى فإذا كان أصحاب هذه الائتلافات يبحثون عن شهرة أو يؤدون غرضا محددا لمصلحة آخرين، فعلى الحكومة ألا تنخدع وألا تعاملهم باعتبارهم يمثلون قواعد شعبية حقيقية.

لا نطلب التفتيش فى نواياهم أو منعهم من الظهور، فتلك هى لعبة الديمقراطية وعلينا أن نقبلها، لكن على الأقل لا ندعهم يتصدرون مثلا مشهد الحوار الوطنى أو اللقاءات التى يعقدها المجلس الأعلى مع مجموعات من ائتلاف الشباب.

الحلال بيِّن والحرام بيِّن.. والقوى الحقيقية صارت معروفة. لدينا تيار الإسلام السياسى من إخوان وسلفيين وجماعة إسلامية.. ولدينا التيار الليبرالى الذى يضم الوفد والجبهة وأنصار البرادعى والعدل والمصريين الأحرار، ثم التيار اليسارى من ناصريين وشيوعيين واشتراكيين.

إضافة إلى هؤلاء لدينا ائتلاف شباب الثورة وهو كما صار معروفا يضم شبابا ينتمى معظمهم إلى الأحزاب والتيارات السابقة ومعه الحركات والمنظمات الجديدة مثل 6 أبريل وغيرها.

لا أملك أنا ولا غيرى أن نصادر على حق أى شخص فى تكوين حزب أو ائتلاف شرط أن يكون الفيصل هو تشكيل حزب وخوض غمار السياسة وفى مقدمتها الانتخابات.

بعدها يمكن لأى شخص أو حزب يحصل على ثقة الناخبين أن يجلس ممثلوه فى الفضائيات ليلا كى يعطونا دروسا فى أى شىء، لكن وإلى أن يحدث ذلك فعلى أصحاب الائتلافات الهشة و«المصنوعة» ان يتواضعوا قليلا، لأنهم سوف يحترقون سريعا إن لم يكن بسبب «كرتونيتهم» فربما بسبب وهج كاميرات الفضائيات.

لم تقم الثورة كى نستبدل الأحزاب الكرتونية بالائتلافات الكرتونية.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي