بديهية أن تكون قوميًّا - علي محمد فخرو - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:36 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بديهية أن تكون قوميًّا

نشر فى : الأربعاء 4 يوليه 2018 - 9:45 م | آخر تحديث : الأربعاء 4 يوليه 2018 - 9:45 م

من حق القراء أن يقرأوا ما يشاءون فى كل مقال يكتب، ومن حقهم الاختلاف مع كاتب المقال، ذلك أن كل مقال ينشره كاتبه يصبح ملكا عاما. المطلوب فقط هو عدم الفحش فى القول والاختلاف.

أقول ذلك كاستجابة لقراءات خاطئة، قرأها بعض الإخوة القراء فى مقال لى بعنوان «ظاهرة الخليج العربى». وبالطبع فإنى أحترم قراءاتهم تلك، إذ كمؤمن بالنهج الديموقراطى الضرورى للحياة العربية أقدس حرية الرأى وتعددية وجهات النظر.

على ضوء ذلك دعنى أذكر أولا ببديهية لا يأخذها البعض أحيانا بعين الاعتبار. البديهية، هى أننا، نحن المؤمنون بالعروبة كهوية ثقافية والتزامات تعاضدية بين أبناء الأمة العربية، والمؤمنون بالتالى بضرورة وحدة الأمة العربية ووطنها العربى الكبير، لا نعتبر أى دولة عربية، سواء فى الخليج العربى أو المشرق العربى أو المغرب العربى، فوق النقد والمساءلة.

ذلك أننا نعتبر أنفسنا، إضافة إلى كوننا مواطنين فى الدولة العربية التى ولدنا فيها وعشنا فيها طيلة حياتنا وتمتعنا بخيراتها، أننا أيضا مواطنون فى كل بلد عربى آخر ولو لم نتمتع بالصفة القانونية لتلك المواطنة.

ولذلك فإننا معنيون بكل خطر مهدد لأية دولة عربية أو لأى إقليم فرعى عربى، وقلقون من كل ممارسة سياسية واقتصادية واجتماعية خاطئة لأى نظام حكم عربى، وذلك من منطلق أن الضرر على الجزء يحمل ضررا على الكل.

ومن أجل درء الأخطار وتقويم الممارسات الخاطئة نمارس النقد الموضوعى لأية دولة أو أى نظام أو أى مسئول دون أن نشعر بالحرج أو بالغربة أو بالتدخل فى شئون لا تخصنا.

وبالطبع فإننا عندما نشير إلى الأخطاء والخطايا فى هذا البلد أو ذاك، فى هذا الإقليم الفرعى أو ذاك، أو ننتقد هذا المسئول أو ذاك فإننا حتما، منطقيا وأخلاقيا والتزاما عروبيا ورفضا للانخراط فى عبثية الصراعات الفرعية الطائفية أو القبلية أو المناطقية، لا يمكن أن نعنى بأن البلدان العربية الأخرى أو الأقاليم الفرعية العربية الأخرى أو المسئولين الآخرين هم مجتمعات مثالية يسكنها ملائكة.

فالواقع الذى يعرفه الجميع هو أن جميع المجتمعات العربية موبوءة بالأفكار والسلوكيات والممارسات السياسية والاجتماعية الخاطئة. ولذلك فعندما ننتقد الأوضاع فى بلد أو منطقة فأننا لا ننسى قط الحقيقة المرة وهى أنه لا يوجد بلد عربى واحد ولا يوجد إقليم فرعى عربى لا ترتكب فيه الأخطاء والخطايا، ولا يوجد نظام سياسى عربى لا يعانى ألف مشكلة ومشكلة.

ذلك أننا نؤمن بأن تقدم الوطن العربى كله هو المدخل الثابت المضمون القوى لتقدم كل دولة من دولة، وأن تقدم ونهوض كل دولة عربية هما إضافة مهمة، ولكنها جزئية، إلى نهوض الوطن العربى كله.

من هذه المنطلقات، وبتلك الروح كان نقد الأدوار السلبية التى لعبتها وتلعبها بعض دول الخليج العربى فى الحياة العربية. وما جاء فى مقال «ظاهرة الخليج العربى» موجود فى عشرات الكتب وفى ألوف المقالات التى كتبها إخوة من مواطنى الخليج العربى. وهى محاولة من جميع المناضلين، فكرا وسياسة والتزاما بالثوابت العروبية، لجعل الخليج العربى يتجه نحو لعب أدوار إيجابية فى الحياة العربية كلها.

لقد ضاعت فرص كثيرة لجعل ثروات الخليج العربى الهائلة رافعة من روافع النهوض العربى. ومع ذلك هناك فرص كثيرة فى المستقبل المنظور لتجنب لعب أى دور سلبى، إذ يكفى هذا الوطن العربى المنكوب المستباح نكبات الأدوار السلبية الكثيرة التى لعبتها ولا زالت تلعبها دول عربية كثيرة أخرى فى مشارق الوطن العربى ومغاربه، هى الأخرى ليست فوق اللوم والنقد والمساءلة.

علي محمد فخرو  شغل العديد من المناصب ومنها منصبي وزير الصحة بمملكة البحرين في الفترة من 1971 _ 1982، ووزير التربية والتعليم في الفترة من 1982 _ 1995. وأيضا سفير لمملكة البحرين في فرنسا، بلجيكا، اسبانيا، وسويسرا، ولدي اليونسكو. ورئيس جمعية الهلال الأحمر البحريني سابقا، وعضو سابق المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب، وعضو سابق للمكتب التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات الوحدة العربية، وعضو مجلس أمناء مؤسسة دراسات فلسطينية. وعضو مجلس إدارة جائزة الصحافة العربية المكتوبة والمرئية في دبييشغل حاليا عضو اللجنة الاستشارية للشرق الأوسط بالبنك الدولي، وعضو في لجنة الخبراء لليونسكو حول التربية للجميع، عضو في مجلس أمناء الجامعة العربية المفتوحة، ورئيس مجلس أمناء مركز البحرين للدراسات والبحوث.
التعليقات