الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة أصدر يوم الأحد الماضى قرارا يحظر الأسر الطلابية القائمة على أساس حزبى أو دينى، وسيعقد مجلس عمداء الجامعة اجتماعا فى 15 سبتمبر الجارى لاعتماده قبل أيام من بدء العام الدراسى الجامعى.
من المنطقى أن ينشغل الدكتور نصار وسائر رؤساء الجامعات بتأمين العام الدراسى. ومن الواجب أن نساندهم بكل الطرق الممكنة فى حماية طلاب الجامعة وتأمين المنشآت لتوفير افضل مناخ ممكن لعملية تعليمية ناجحة.
لكن السؤال هو: كيف يمكن لأى رئيس جامعة أو عميد أى كلية أو حتى أى مسئول حكومى تنفيذ القرار، وكيف سيحدد إذا كانت هذه الأسرة الطلابية قائمة على أساس حزبى ودينى أم أنها تعمل فى المجال السياسى العادى أم أنها مجرد أسرة طلابية وفقط؟
مربط الفرس هو هل ستحظر الجامعات العمل السياسى أم لا؟
يمكن للمرء أن يتفهم لجوء الجامعة لتحريم العمل الحزبى خصوصا إذا كان يرفع شعارات دينية، فى ظل عمليات العنف والعدوان والإرهاب، التى مارسها بعض الطلاب فى الموسم الماضى.
من حق طلاب الإخوان وغيرهم أن يؤمنوا بما يشاءون من أفكار، لكن ما حدث من اقتحام لمكاتب المسئولين بالجامعة كان له مسمى واحد، وهو الإرهاب.
عندما يتم تدمير مكتب عميد حقوق القاهرة، وعندما يتم اتلاف بعض مبانى ومنشآت كلية التجارة بجامعة الأزهر أو فى عين شمس وبعض الجامعات الأخرى فهذا هو الإرهاب بعينه. ولا أحد يمكنه أن يلوم الجامعة إذا اتخدت كل الإجراءات القانونية الممكنة ضد هؤلاء الإرهابيين. وأى شخص يدافع عن منفذى هذه الأعمال هو إرهابى مثله.
لكن نرجع للسؤال الجوهرى، وهو: هل التحريم للأسر التى تمثل أحزابا أم لمجمل العمل السياسى؟!
لو أن الجامعة تقصد تحريم كل العمل السياسى، فالمؤكد أننا سنكون إزاء تطور خطير وعودة إلى أجواء كنا نظن أننا انتهينا منها. ثم إنه لا يمكن عمليا إلغاء السياسة من الجامعات، ولو كان حسنى مبارك ونظامه قادرين على هذا الأمر لفعلوه.
يمكن تفهم إلغاء النشاط الحزبى تماما من حيث إنه قد يتحول إلى صراعات عقيمة تقود بدورها إلى أعمال عنف وتخريب، لكن لا يمكن تفهم إلغاء مجمل العمل السياسى لسبب بسيط أن الدستور نفسه يدعو لحرية الرأى والتعبير، وبالتالى لا يمكن تصور أن الطلاب من حقهم فقط تنظيم مسيرة للمطالبة بتخفيض عدد ساعات الدراسة أو تخفيض أسعار الكتب. واجبنا أن نعود الشباب على ممارسة العمل السياسى الطبيعى على الأقل لنحصنه ضد الأفكار المتطرفة.
المظاهرات يمكن تنظيمها بسهولة بمعنى أن أى أسرة تريد أن تنظم مسيرة عليها أن تخطر إدارة الجامعة وتتقيد بكل اللوائح، ولا تتسبب بأى صورة من الصور فى تعطيل الدراسة أو إزعاج الطلاب من قبيل مما كان يفعله الإخوان بإطلاق أصوات «الفوزفوزلا» المزعجة!
لتتخذ الجامعات ما تشاء من إجراءات لحماية الطلاب والمنشآت، لكن عليها أن تدرس الأمر جيدا، وهو أن حظر كل الأنشطة السياسية لن يكون مفيدا وسيحول كل الطلاب مرة واحدة إلى أعداء للحكومة والنظام.
لو تم تطبيق هذا القرار بالصورة التى نخشاها فأغلب الظن أن الحكومة ستقدم أفضل خدمة لجماعة الإخوان التى تتضاءل شعبيتها يوما بعد يوم.
القوى السياسية كلها تتباعد عن الجماعة فلا تساعدوها بهذه القرارات.
تذكروا أن حادث مقتل طالب هندسة القاهرة محمد رضا كان نقطة تحول لمصلحة الجماعة. فلا تكرروا نفس الخطأ.. نرجوكم ادرسوا الأمر جيدا قبل تنفيذه.