حتى لا تكون المرأة مستعمرة - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 12 ديسمبر 2024 6:36 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حتى لا تكون المرأة مستعمرة

نشر فى : الجمعة 4 نوفمبر 2016 - 9:15 م | آخر تحديث : الجمعة 4 نوفمبر 2016 - 9:15 م
وصف الكاتب المغربى عبدالإله بلقزيز المرأة بأنها «آخر مستعمرات الرجل»، وقال «هذه حقيقة يعرفها الرجل؛ يتحسَّس وطأتها، ويتهيَّب نتائجِها. لذلك تراهُ يقاتل، على الجبهات جميعا، لا يسلّم بخروج هذه (المستعمرة) من أملاكه، كى يمنع تحررها واستقلالها، أو كى يؤجل أحكام التاريخ فيه إن لم يستطع إلى إعدامها سبيلا».

ويضيف بلقزيز: «.. قصة المرأة مع المجتمع الذكورى تزدحم بوقائع المعاناة، ومحنتها لا تقتصر مع دولة تتحيف ضد حقوقها، وتفرض عليها التمييز فى المعاملة، وإنما مع مجتمع ذكورى ينازعها الحق فى المساواة والمواطنة الكاملة، باسم الدين أو القانون أو العرف أو باسمها جميعا...لا يتعلق الأمر بالتيارات المحافظة حصرا، بل حتى بتلك التى مستها رياحُ الحداثة بدرجات متفاوتة؛ حيث تبلع حداثتها كلما تعلق الأمر بحقوق المرأة».

ومنه لا يمكن الإضافة على قول بلقزيز البليغ؛ إلا بالتأكيد على أنه وفى سياق النضالات الحقوقية والسياسية التى مرت بها مجتمعاتنا العربية، ناضلت المرأة بشجاعة واقتدار نوعى لانتزاع حقوقها وكرامتها، وأن أوضاعها شهدت تطورا كبيرا فى كل الميادين الاقتصادية والسياسية والثقافية والفكرية والقانونية. ولم تأتِ المكتسبات من فراغ، فثمة نشاط دءوب، وتصميم عن قناعة راسخة بضرورة أن تتحقق للمرأة مكانتها وحقوقها، التى ساهمت فيها عمليات النضال والحملات الوطنية، وما قامت به المنظمات النسائية فى الدفاع والتعبئة والاحتجاج انعكس على تطور مطالبات النساء العربيات، لاسيما فى الملفات القانونية والتشريعية المعززة لمشاركتهن فى العملية السياسية، ومواقع صنع القرار.

***

إن قضايا تحرر المرأة وحقوقها وإدماجها فى التنمية ليست بعيدة ولا منفصلة عن هذا الواقع، فهى لا تزال تموج وتعتمل فى خضم التحولات والاندماج فى إطار الاستقطاب الدائر بين دعاة التحديث، ودعاة التيارات المحافظة والمتشدّدة، التى لم يعوا بعد حقيقة مخاطر مشاريع التمزيق والتفتيت لبلداننا، واستغلال منافذ الضعف والخواصر الرخوة التى يتمثل أحدها فى انتقاص حقوق المرأة، حيث تأخذ هذه القضايا حيزا مهما لا يمكن إغفاله، فى سياق قضايا انتهاكات حقوق الإنسان، وقضايا المواطنة، والحريات السياسية للمواطنين وسواها. وقد شكّلت هذه القضايا وغيرها فى بعض المجتمعات أساسا ارتُكز عليه فى دك الحصون المنيعة، وتفكيك الأسس الثقافية والأيديولوجية لبنيتها، ووضعها فى مواجهة مع سياسات الولايات المتحدة ومشاريع الغرب، الذى غدا يطالب بإلحاحٍ، بضرورة أخذ مسار الحكم الصالح، وتجسيد مشاريع الاصلاح، بفتح الحوار، وإطلاق الحريات السياسية والاجتماعية وحرية التعبير، والصحافة، وتمكين المرأة ومنحها حقوقها كاملةً غير منقوصة. فهل يعى الجميع مستوى التحديات، كلٌّ من موقعه؟ فالمرأة فى عالم اليوم لم تعد «مستعمرة»، وحقوقها لم تعد ملكية خاصة.

الوسط ــ البحرين
منى عباس فضل
التعليقات