من ناحية أخرى يقول «سيجمان» بأنه حينما سئل رئيس الوزراء الإسرائيلى خلال المؤتمر إن كان ما زال يدعم حل الدولتين أم لا، أجاب بأنه يعتبر مصطلحات كدولة أو دولتين أمورا سطحية للغاية، وأنه يفضل التعامل مع واقع وجوهر الأمر وليس ظاهره. كما أكد ضرورة تحقق شرطين مسبقين لقبول السلام مع الفلسطينيين؛ أولهما: أنه يجب على الفلسطينيين الاعتراف بالدولة اليهودية، ثانيهما؛ أنه فى أى اتفاق سلام يجب أن تحتفظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية والهيمنة الكاملة على منطقة غرب نهر الأردن.
***
بالعودة إلى تفكير ترامب فإنه يعتزم إلغاء التزام بلاده بدعم حل الدولتين، رغم أن سفيرته لدى الأمم المتحدة «نيكى هالى» قد أعلنت بشكل قاطع أنه لا توجد نية لديه لفعل ذلك. فى كل الحالات يقول الكاتب بأن الحل المفترض تحقيقه لم يتطرق إلى جميع أو أغلب القضايا العالقة بين الطرفين ــ كالمستوطنات والحدود والترتيبات الأمنية وتقسيم الموارد الطبيعية والقدس.. إلخ، وذلك قد يضعف فرص نجاح المحادثات بين الطرفين من أجل التوصل لاتفاق سلام، ولكن هذه الحلول تتطلب أن يتمتع الفلسطينيون داخل حدود إسرائيل الكبرى بنفس الحقوق التى يتمتع بها المواطنون الإسرائيليون الآن، وكل ذلك لا يخلق واقعا جديدا ولكنه يرسخ الوضع القائم الذى يرضى الجانب الإسرائيلى.
يؤكد «سيجمان» بأن الغالبية العظمى من اليهود الإسرائيليين لن يوافقوا على اتفاق دولة واحدة مع الفلسطينيين وبخاصة مع احتمال أن يؤدى ذلك إلى فقدان الهوية الإسرائيلية، وذلك وفقا لأكثر من استطلاع رأى أجرى حول ذلك ووفقا لرأى أكثر من خبير استراتيجى معنى بذلك الأمر.
من جهة أخرى فإن مبعوث ترامب «جيسون غرينبلات» بإسرائيل قد حاول بعث الطمأنينة إلى نفوس الكثير من القادة الإسرائيليين فيما يتعلق بتخوفاتهم من احتمالية تخلى ترامب عن حل الدولتين، والتأكيد على أن هذه الافتراضات لا أساس لها من الصحة. بشكل عام وحتى قبل وصول ترامب لم يعترض أوباما أو أسلافه عن ممارسات إسرائيل ومشروعاتها الاستيطانية وتأثيراتها المحتملة على مستقبل الديمقراطية الإسرائيلية والهوية اليهودية، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى تخوف إدارات أمريكية متتالية من اللوبى الإسرائيلى بالولايات المتحدة، وهو ما يسمح دوما للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة أن تفعل ما هو أسوأ دون وجود تخوف من وجود رادع لتصرفاتها.
من المتوقع عقب وصول ترامب للبيت الأبيض وبخاصة فيما يتعلق بتعامله مع الصراع الإسرائيلى الفلسطينى أن يعمل على مراعاة رغبات ومطالب اللوبى الصهيونى. فانتصار ترامب يعود جزء منه إلى الأمريكيين الذين يدينون باليهودية. واقع الأمر أن الأمريكيين اليهود سيلعبون دورا فى مقاومة ترامب فى جميع أنحاء البلاد. ومن العار أن يدافع نتنياهو عن رئيس أمريكى أتى بخبير استراتيجى يشجع على أيديولوجية تفوق الأبيض والتى لا تختلف عن فكرة تفوق الجنس الأرى، تلك الأيديولوجية التى أنتجت المحرقة، والتى يشجعها نتنياهو الآن بنفسه.
***
ختامًا.. يقول الكاتب إنه إذا كان الضغط الفعال على إسرائيل من أجل إنهاء الاحتلال وقبول حل الدولتين لم يأت من الولايات المتحدة، فذلك يؤكد أنه لن يأتى إلا من الفلسطينيين أنفسهم، وذلك سيحدث فقط عندما يعرفون كيف يتعاملون مع السلطة الفلسطينية وقيادتها التى تؤكد فشلها يوما بعد الآخر والتى قد حولت سلطتها إلى جعل الدولة أداة تكرس من الخضوع الفلسطينى الدائم للإسرائيليين، وإزاء كل ذلك ليس أمام الفلسطينيين سوى النضال السلمى تجاه هذه السلطة وتحويلها إلى وسيلة من أجل استعادة حقوقهم المسلوبة. لكن الأمر المثير للدهشة والذى يجب التأكيد عليه يتعلق بأن بقاء فلسطين وحتى بقاء الاحتلال الإسرائيلى ذاته سيعتمد على تجديد الفلسطينيين لنضالهم من أجل تقرير مصيرهم.
النص الأصلى: