لا فرق بين إحراق عائلة بزجاجة حارقة وإحراق 500 طفل فى عملية الجرف الصامد - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 6:04 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لا فرق بين إحراق عائلة بزجاجة حارقة وإحراق 500 طفل فى عملية الجرف الصامد

نشر فى : الأربعاء 5 أغسطس 2015 - 7:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 5 أغسطس 2015 - 7:55 ص

الإسرائيليون يطعنون المثليين ويحرقون الأطفال. ليس هذا تشويها للسمعة أو مبالغة فى الوصف. صحيح أن المقصود أعمال فردية، وأنها فى ازدياد. وصحيح أيضا أن جميع القتلة الحارقين والطاعنين والمقتلعين، يأتون من معسكر سياسى واحد فقط. لكن المعسكر الثانى مذنب أيضا. كل من كان يعتقد أنه فى الإمكان وجود جزر ليبرالية فى بحر الفاشية الإسرائيلية وجد فى نهاية الأسبوع أنه على خطأ. لا يمكن أداء التحية لقائد كتيبة يقتل فتى «فلسطينيا» ثم نُصدم من مستوطن يحرق عائلة؛ لا يمكن دعم نضال المثليين وإقامة مؤتمر تأسيسى فى «مستوطنة» أريئيل؛ لا يمكن أن تكون متنورا وتتملق اليمين وترغب فى الانضمام إليه. ليس هناك حدود للشر، فهو يبدأ فى مكان ما ثم ينتشر فى جميع الاتجاهات.

إن الأرض الخصبة الأولى لحارقى عائلة دوابشة هى جيش الدفاع الإسرائيلى حتى لو لم يخدم هؤلاء فيه. فعندما يكون قتل 500 طفل فى غزة مشروعا وحتى لا يثير نقاشا أو محاسبة النفس، أين الصعوبة إذن فى إحراق بيت بالأولاد الذين فيه؟ وما الفارق بين إلقاء زجاجة حارقة وإلقاء قنبلة من طائرة حربية؟

عندما يصبح إطلاق النار على الفلسطينيين عادة يومية تقريبا، إذ قتل فلسطينيين بعد إحراق العائلة، الأول فى الضفة والثانى على حدود غزة، لماذا نحتج على مشعلى النار فى دوما؟ وعندما تكون حياة الفلسطينيين مستباحة من الجيش ودمهم رخيصا فى نظر المجتمع، فإنه يصبح من المسموح به أيضا لميليشيات المستوطنين قتلهم. وعندما يكون المعيار بالنسبة للجيش الإسرائيلى فى غزة أنه يجب فعل كل شىء من أجل إنقاذ حياة جندى واحد، لماذا نتحفظ من أعضاء فى اليمين من أمثال باروخ مرزيل الذى قال لى فى نهاية الأسبوع الماضى إنه من أجل شعرة واحدة من رأس يهودى من المسموح به قتل آلاف الفلسطينيين. هذه هى الأجواء وهذه هى النتيجة، والجيش الإسرائيلى هو المسئول الأول عنها.

ومذنبة أيضا، لا أقل من ذلك، الحكومات والسياسيون الذين يتنافسون فى التزلف للمستوطنين. إن الذى يمنحهم 3 آلاف وحدة سكنية جديدة مقابل عنفهم فى مستوطنة بيت إيل إنما يقول لهم: العنف ليس مسموحا به فحسب، بل هو جيد أيضا. ومن الصعب رسم الحدود بين إلقاء أكياس من البول على الشرطة وإلقاء زجاجات حارقة على بيت سكنى.

إن سلطات تطبيق القانون مذنبة أيضا وعلى رأسها قسم الاستخبارات، الذى هو أكثر قسم مثير للسخرية والفضائح فى أقسام الشرطة. واستنادا إلى معطيات «بتسليم» فقد جرى إحراق تسعة بيوت فلسطينية فى السنوات الثلاث الأخيرة. وما هو عدد المعتدين الذين جرت محاكمتهم؟ لا أحد. إذن ماذا جرى أول من أمس فى دوما؟ فقط أنه، فى نظر منفذى عملية الإحراق ومساعديهم، كانت عملية الإحراق أنجح من سابقاتها. مساعدوهم هم أيضا كل الذين يصمتون ويعتقدون أن الشر سيبقى فى الضفة الغربية إلى الأبد. مساعدوهم هم الإسرائيليون المقتنعون بأن شعب إسرائيل هو الشعب المختار، لذا مسموح له بكل شىء بما فى ذلك إحراق بيوت أجانب بسكانها.

أيضا كثيرون ممن صدمهم هذا العمل وبينهم من زار المصابين فى مستشفى شيبا مثل رئيس الدولة ورئيس الحكومة وزعيم المعارضة ومساعديهم، تشربوا منذ ولادتهم القول العنصرى والمثير للاشمئزاز: «أنت اخترتنا». فى نهاية المطاف هذا هو الذى يؤدى إلى إحراق عائلات لم يخترها الله. ليس هناك قيمة أكثر إفسادا للمجتمع الإسرائيلى من هذه القيمة، ولا أخطر منها. ومع الأسف الشديد، ليس هناك أكثر انتشارا منها. فإذا نظرتم جيدا إلى ما يختبئ تحت جلود أغلبية الإسرائيليين ستكتشفون الشعب المختار. وعندما تكون هذه هى القيمة الأساسية، فإن عملية الإحراق الجديدة آتية.

إن مساعديهم موجودون فى كل مكان وأغلبيتهم يعبرون اليوم عن صدمتهم إزاء ما حدث. لكن ما جرى كان لابد يحدث، فهو أمر يفرضه الواقع الإسرائيلى وأخلاقه وقيمه. وليس هناك من لا يتحمل المسئولية، فالذى أحرق عائلة دوابشة هى إسرائيل.

التعليقات