هذا ليس جو بايدن الذى أملت فيه أوروبا - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 5:08 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هذا ليس جو بايدن الذى أملت فيه أوروبا

نشر فى : الثلاثاء 5 أكتوبر 2021 - 7:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 5 أكتوبر 2021 - 7:05 م
نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتب تيموثى هوبر وضح فيه حنق الاتحاد الأوروبى من سياسات جو بايدن غير الداعمة للعمل متعدد الأطراف، وخاصة فى اتجاهه للاعتماد على حوار الأمن الرباعى وتوقيع اتفاق أوكوس بدون علم ومشاركة الاتحاد الأوروبى... نعرض منه ما يلى:

اعتبر معظم الأوروبيين جو بايدن بطلا عندما تغلب على دونالد ترامب، وأشادوا به باعتباره الطفل الهادئ الذى أطاح بالبلطجى ذى الفم الكبير من فناء المدرسة.
ما توقع قادة الاتحاد الأوروبى أن يجدوه هو بايدن الذى التقوا به فى عديد الرحلات والذى شارك بشكل منتظم فى مؤتمر ميونيخ الأمنى السنوى، والذى أكد على أهمية العمل متعدد الأطراف، وحرص على وجود علاقات قوية عبر الأطلسى.
عندما أعلن بايدن أن «أمريكا عادت» فى مؤتمر أمن افتراضى فى ميونيخ للاحتفال بتوليه منصبه، لم يتخيل القادة الأوروبيون أنها فى الواقع عودة إلى «الاستثناء المتغطرس» الذى لطالما طبع موقف واشنطن تجاه الاتحاد الأوروبى وحلف شمال الأطلسى.
شكل اتفاق أوكوس مثالا على ذلك، وهو صفقة أمنية ستزود من خلالها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة أستراليا بغواصات تعمل بالطاقة النووية. رأى الكثيرون فى الاتفاقية صفعة على وجه الاتحاد الأوروبى لأنه أنهى عقد ضخم لشراء أستراليا غواصات فرنسية الصنع.
•••
فى مؤتمر صحفى الأسبوع الماضى، أثار جوزيب بوريل، مسئول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى، مخاوف جدية بشأن اتفاق أوكوس. وصرح بوريل: «قبل المجىء إلى هنا، فى نفس اليوم الذى كنت أعرض فيه استراتيجية الاتحاد الأوروبى لمنطقة المحيطين الهندى والهادئ، كانت الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة تعلن عن تحالفها الدفاعى فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ فى نفس الساعة... الأمر لا يتعلق فقط بصفقة غواصات، فلهذه الصفقة تداعيات بعيدة المدى على علاقاتنا مع الولايات المتحدة... أدى غياب التواصل والصراع بين الشركاء المقربين إلى ظهور صعوبات حقيقية»، واصفا ذلك بـ«الصورة السيئة للتنسيق بين الحلفاء» و«السيئة للغرب».
وأضاف بوريل: «الانتروبيا تزداد ــ مرددا تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس ــ ومصطلح الانتروبيا يعنى (الفوضى العظمى).. ستتزايد التعددية القطبية وسيقل العمل متعدد الأطراف. اعتاد العالم أن يكون ثنائى القطب، ثم أحادى القطب، والآن أصبح متعدد الأقطاب. ونتيجة لذلك، هناك شعور بالفوضى، حيث يحاول الفاعلون الجدد تأكيد هيمنتهم أكثر وأكثر». ولذلك «لم يعد بإمكان أوروبا الاعتماد على القيادة الأمريكية».
وأضاف: «لقد أوضحت الولايات المتحدة موقفها تماما، ليس فقط فى عهد الرئيس بايدن ولكن أيضا فى عهد ترامب وأوباما، أوضحت أنهم سيتوقفون عن خوض حروب الآخرين... يجب على أوروبا أن تصبح لاعبا جيوسياسيا»، مضيفا أن «القوة الأوروبية لا يمكن أن تأتى إلا من اتحادنا لأن كل عضو فى الاتحاد الأوروبى وحده لا يمتلك هذه القدرة أو القوة للتأثير على هذا العالم الجديد... يمكننا أن نحقق ذلك معا».
أضف إلى هذه الأزمات المشكلات المعتادة التى تواجهها الحكومات الوطنية فى تحديد الأشخاص الذين سيعملون معهم داخل الاتحاد الأوروبى، ويزيد من الصعوبات بين بوكسيل والبيت الأبيض استمرار عدم وجود سفير أمريكى بسبب التأخير فى تأكيد مجلس الشيوخ على اختيار بايدن لمارك جيتنشتاين. ومرشح بايدن لمنصب السفير لدى فرنسا، ودينيس كامبل باور، ينتظر أيضا تأكيد مجلس الشيوخ.
•••
يوم الأربعاء الماضى، أجرى الرئيس جو بايدن محادثات لأول مرة مع الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون منذ اندلاع الأزمة الدبلوماسية. وعقب الاجتماع، اتفق ماكرون وبايدن فى بيان مشترك على أهمية المحادثات المفتوحة بين الأصدقاء حول المواضيع ذات الأهمية الاستراتيجية لفرنسا والشركاء الأوروبيين.
فى حين بدا أن ماكرون حقق بعض التقدم فى ذلك الاجتماع، وحصل على ما بدا أنه دعم بايدن لتطوير الاتحاد الأوروبى لقدراته العسكرية، أعاد الحادث بأكمله تأكيد مخاوف القادة الأوروبيين من أن بايدن لن يكون الرئيس أو الشريك الذى كانوا يأملونه.
تفاءل بعض المسئولين فى الاتحاد الأوروبى بأن فرنسا قد تستخدم دعم بايدن لزيادة القوة العسكرية للاتحاد الأوروبى واستقلاله، وإقناع دول الاتحاد الأوروبى، وخاصة فى أوروبا الشرقية، بذلك.. علما بأن دول أوروبا الشرقية قاومت لفترة طويلة ما يسمى «بالحكم الذاتى الاستراتيجى» خوفا من تقويض الناتو وإضعاف التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن المنطقة.
كما أدلى رئيس المجلس الأوروبى تشارلز ميشيل، الذى اتهم بايدن بعدم الإخلاص والتكتم خلال مؤتمر صحفى فى نيويورك، ببيان رسمى أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذى أكد فيه على الاستقلال الاستراتيجى للاتحاد الأوروبى.
قال ميشيل مقتبسا كلام كوفى عنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، «ابدأ فى منطقتك لتصبح مواطنا صالحا... وبهذا المعنى، أود توضيح سبب رغبة الاتحاد الأوروبى فى زيادة قوته واستقلاليته من الناحية الاستراتيجية مع الحفاظ على السوق المفتوحة... فقوته لن تكون فقط لتحقيق مصالحه الذاتية، ولكن أيضا للمساهمة بشكل أكثر فعالية فى عالم أفضل». واستطرد قائلا «يدعم الاتحاد الأوروبى النظام الدولى القائم على القواعد والتعاون على أساس المبادئ العالمية أكثر من أى وقت مضى.. ولتحقيق عالم أفضل، يريد الاتحاد الأوروبى أن يكون أقوى وأكثر استقلالية وثباتا».
فى خطابه أمام الجمعية العامة، صرح ميشيل بشكل لا لبس فيه أن الاتحاد الأوروبى أقرب إلى واشنطن من بكين، لكنه ذكر أيضا أنه فى وسط أى صراع للقوى العظمى، ستصوغ بروكسل مسارها الخاص. وأضاف قائلا: «منذ أن أصبحت رئيسا للمجلس الأوروبى، طرح على سؤال بسيط ولكنه قاسى: فى أى جانب يقف الاتحاد الأوروبى فى المنافسة بين الولايات المتحدة والصين؟». وأجاب ميشيل على سؤاله قائلا: «نحن على صلة وثيقة بالولايات المتحدة... نتشارك الأهداف والقيم ورابط العاطفة الذى عززه تحديات التاريخ. لا يزال يتم التعبير عن علاقتنا فى شراكة مهمة عبر المحيط الأطلسى. ومع ذلك، هذا لا يمنع اختلاف وجهات النظر أن الاهتمامات».
•••
اختتم بايدن أول أسبوع للجمعية العامة للأمم المتحدة بلقاء مع قادة «حوار الأمن الرباعى» ــ الذى يضم إلى جانب الولايات المتحدة أستراليا والهند واليابان ــ فى البيت الأبيض، فى حركة أكدت تركيز بايدن على آسيا واستمرار تجاهله للأوروبيين. أوضح بايدن أنه بدلا من قيادة تحالف غربى متجدد مع برلين وباريس وبروكسل، فإنه يعتزم قيادة تحالفات إقليمية أصغر تركز على المصالح الأمريكية.
واصل الحوار الأمنى الرباعى الالتزام بخطة واشنطن لبناء شبكة إمداد تكنولوجى عالمية مع دول ديمقراطية متشابهة فى التفكير، وبدون مشاركة صينية، حتى مع اعتراض العواصم الأوروبية على هذه الاستراتيجية المعادية للصين خوفا من تعريض العلاقات الاقتصادية مع الصين للخطر وتأجيج منافسة تقنية بين الولايات المتحدة والصين.
على سبيل المثال، فى المجال التكنولوجى، أظهر شركاء الولايات المتحدة فى الحوار الأمنى الرباعى استعدادا للتوافق مع موقف واشنطن بشأن الصين ــ بالضبط فى المجالات التى كافحت فيها الولايات المتحدة لإقناع الحلفاء الأوروبيين بوجهة نظرها. هذا العام، حظرت الهند التطبيقات الصينية مثل «تيك توك» و«وى تشات» وغيرهما، بينما أظهرت أستراليا واليابان بالفعل أنهما شريكتان قويتان فى حملة واشنطن ضد «هواوى» والشركات الصينية الأخرى.
قال قادة مجموعة الحوار الأمنى الرباعى فى بيان أن «القمة توفر فرصة لإعادة تركيزنا، وتركيز العالم، على منطقة المحيطين الهندى والهادئ ورؤيتنا لما نريد تحقيقه... نرحب أيضا باستراتيجية الاتحاد الأوروبى فى سبتمبر 2021 للتعاون فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ». ولكن يبدو الاتحاد الأوروبى كان من ضمن الدول التى تم إعادة توجيهها، بدلا من أن تكون قائدة للجهود هناك».
هذا ليس جو بايدن الذى أملت فيه أوروبا.

إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلى

التعليقات