أتمنى أن تبادر كل دولة عربية وإسلامية إلى سرعة دراسة وفحص قضية عاجلة وملحة يمكن تلخيصها فى سؤال جوهرى هو: هل تمكن الموساد وبقية أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية المختلفة ومعها أيضا أجهزة المخابرات الأمريكية والغربية من اختراق هذه البلدان بالصورة التى حدثت فى لبنان ثم إيران؟!
أتصور أن هذا ملف شديد الأهمية والخطورة وينبغى أن يحتل الأولوية، خصوصا إذا تمكنت إسرائيل من حسم المعركة لصالحها ضد إيران، بعد أن اقتربت الولايات المتحدة من المشاركة العلنية فى العدوان، بعد أن كانت طوال الأيام الماضية تشارك فعليا، وتنكر رسميا.
وكتبت عن هذا الموضوع أكثر من مرة، خصوصا حينما تمكنت إسرائيل من اغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس، فى مقر تابع للحرس الثورى الإيرانى فى قلب طهران نهاية يوليو الماضى، وتساءلت يومها كيف أمكن لإسرائيل أن تصل إلى هذا المكان بمثل هذه السهولة؟!!
ثم كتبت عن نفس الموضوع بعد «عملية البيجر» فى لبنان ضد عناصر وكوادر حزب الله فى 17 سبتمبر من العام الماضى، وما أعقبها من اختراق إسرائيلى خطير أمكن بموجبه اغتيال زعيم الحزب حسن نصر الله وغالبية قيادات وكوادر الحزب.
ثم كتبت مؤخرا بعنوان «هذا الانكشاف الإيرانى المريع» يوم السبت الماضى حينما تمكنت إسرائيل من اغتيال عدد كبير من قادة الجيش والحرس الثورى وعلماء البرنامج النووى الإيرانى فى دقائق معدودات بمستهل عدوانها على إيران يوم الجمعة الماضى.
ونعلم أن إسرائيل تمكنت من الوصول لمعظم القيادات الكبرى بحركة حماس واغتيالها ابتداء من صالح العارورى نهاية بمحمد السنوار مرورا بيحيى السنوار ومحمد الضيف.
أظن أن المطلوب الآن على وجه السرعة - وبعد أن تأكد لنا أن إسرائيل اخترقت قلب وبطن كل خصومها وأعدائها من حزب الله وحماس وسوريا الأسد والشرع نهاية بإيران - هو ضرورة أن تعيد كل دولة عربية وإسلامية النظر فورا فى مؤسساتها الأمنية والسياسية.
المطلوب أيضا أن تسأل كل الدول العربية والإسلامية: هل الاختراق الإسرائيلى كان مجرد زرع عملاء إسرائيليين أو أجانب أو محليين، أم أنه تجسس واختراق إلكترونى بالأساس، أم مساعدات من أجهزة غربية، أم أنه يجمع بين كل ذلك؟ وفى كل الأحوال فإن المطلوب هو سرعة إعادة النظر فى منظومات عمل الأجهزة الأمنية والتأكد أولا من إخلاص كل هذه العناصر وإبعاد كل من يمكن أن يكون عينا لإسرائيل وأجهزة المخابرات الأجنبية.
وثانيا: التأكد من أن الاندماج فى عالم التكنولوجيا المتقدمة وتطبيقات وسائل التواصل الاجتماعى بدون وعى وفهم وعلم ومعرفة، يجعل بطن هذه الدول العربية مكشوفا. أمام الموساد وغيره من الأجهزة الأمريكية والغربية التى تزود إسرائيل بالمعلومات الطازجة أولا بأول.
إذا صح ما قاله الرئيس الإيرانى الأسبق أحمدى نجاد بأن الموساد نجح فى تجنيد رئيس مكتب مكافحة الموساد فى المخابرات الإيرانية، فهى كارثة كبرى.
وبعيدا عن اللطم والندب على كل دولة عربية وإسلامية أن تسأل نفسها وتبحث بهدوء: ما حدود اختراق الموساد الإسرائيلى لها، ومن هى الخلايا النائمة التى تنتظر الفرصة للتخريب؟!
إسرائيل استثمرت فى هؤلاء العملاء منذ سنوات طويلة، لكنهم كانوا كنزا ثمينا لتحقيق الضربة النوعية فى بداية الحرب، مثلما كانوا السبب الجوهرى فى اغتيال معظم قادة حماس وحزب الله، إضافة للعديد من علماء إيران طوال السنوات الماضية.
هذه المراجعة لا ينبغى أن تكون قاصرة على الدول التى لا تقيم علاقات مع إسرائيل، أو لديها علاقات باردة مع هذا الكيان الغاصب. هذا الأمر مطلوب من كل دولة عربية وإسلامية، حتى لو كانت علاقاتها مع إسرائيل «سمنا على عسل».
هذا الكيان العنصرى ينظر بازدراء وعجرفة لكل العرب والمسلمين بل ولكل من هو غير يهودى الفارق فقط هو التوقيت، ومن لا يصدق ذلك عليه مراجعة التصريحات العلنية لقادة اليمين المتطرف الحاكم الآن، وليس فقط تصريحات ومقولات القادة التاريخيين المؤسسين لهذا الكيان.
يا أيها العرب والمسلمون: ما حدث فى الأيام والشهور الأخيرة فى منتهى الخطورة، فانتبهوا وادرسوا وراجعوا كل إجراءاتكم الأمنية حتى لا تتفاجأوا بأن عملاء الموساد يجلسون معكم فى نفس الحجرات انتظارا للحظة الغادرة.