صراع السلطة فى تيجراى.. يهدد بإشعال حرب إريترية إثيوبية وأزمة فى القرن الإفريقى - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الإثنين 17 مارس 2025 10:54 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

صراع السلطة فى تيجراى.. يهدد بإشعال حرب إريترية إثيوبية وأزمة فى القرن الإفريقى

نشر فى : الإثنين 17 مارس 2025 - 5:30 م | آخر تحديث : الإثنين 17 مارس 2025 - 5:30 م

 نشر موقع Critical Threats تقريرا أعده الكاتب ليام كار، والكاتبة كاثرين تيسون، حذرا فيه من مخاطر تحول الصراع على السلطة فى إقليم تيجراى بشمال إثيوبيا إلى حرب أهلية جديدة، والتى قد تتسع لحرب بين إثيوبيا وإريتريا، مما ينذر باندلاع أزمة اقتصادية وإنسانية وأمنية، ستمتد تداعياتها إلى جميع أنحاء أفريقيا، بل وحتى إلى أوروبا... نعرض أبرز ما جاء فى التقرير كما يلى:

 

فى 11 مارس الحالى، هاجمت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى (TPLF) الإدارة المؤقتة لإقليم تيجراى (TIA) المدعومة من الحكومة الإثيوبية، مما يهدد بإشعال حرب أهلية أخرى فى إثيوبيا. قامت قوات الجبهة الشعبية بتفكيك المكاتب المحلية للإدارة المؤقتة وفتحت النار على العزل، واحتجزت أعضاء مجلس وزراء الإدارة المؤقتة فى ثلاث مناطق على الأقل.

من جانبها، أوقفت الإدارة المؤقتة ضباطا رفيعى المستوى وحذرت من أن بعض القوات التيجرية كانت تستعد «لانقلاب صريح». كما دعت الإدارة المؤقتة فى 12 مارس الحالى المجتمع الدولى والحكومة الفيدرالية الإثيوبية إلى «ممارسة كل الضغوط اللازمة» على القوات المناهضة. ومنذ ذلك الحين، حذرت العديد من الحكومات الأوروبية من السفر إلى إثيوبيا وشجعت رعاياها على المغادرة أو تخزين الإمدادات فى حالة تدهور الوضع.

إن الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى هى جماعة شبه عسكرية عرقية قومية وحزب سياسى مقره فى منطقة تيجراى الشمالية فى إثيوبيا، حاربت الحكومة الإثيوبية فى حرب أهلية من عام 2020 حتى معاهدة بريتوريا للسلام فى عام 2022. عيّن رئيس الوزراء الإثيوبى، آبى أحمد، الإدارة المؤقتة فى مايو 2023 كجزء من اتفاقية بريتوريا واختار جيتاتشو رضا زعيمًا لها. تم توجيه اتهامات إلى الإدارة المؤقتة بالعمل لصالح الحكومة الفيدرالية، إذ لم يتم تنفيذ العديد من جوانب اتفاقية بريتوريا، بما فى ذلك نزع سلاح قوات دفاع تيجراى بالكامل. وأدت هذه الإخفاقات إلى توترات بين الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى من جانب والإدارة المؤقتة والحكومة الفيدرالية الإثيوبية من جانب ثان.

•  •  •

يقول كاتبا التقرير إن معركة الشرعية بين الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى والإدارة المؤقتة بدأت فى أكتوبر 2023 ووصلت ذروتها إلى الاستيلاء العنيف على السلطة فى 11 مارس الحالى. جذور المشكلة تعود إلى رفض الإدارة المؤقتة حضور العديد من أعضاء جبهة تحرير شعب تيجراى فى أكتوبر 2023 اجتماع للجبهة دون موافقة الإدارة المؤقتة. تفاقمت التوترات عندما رفضت لجنة الانتخابات الإثيوبية طلب الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى بإعادة تأسيسها كحزب سياسى فى أغسطس 2024. ثم تبادل الطرفان الاتهامات بالفساد، ووجهت الإدارة المؤقتة اتهامات لجبهة تحرير تيجراى «بالتخطيط لانقلاب» فى سبتمبر 2024، مما دفع أكثر من 200 ضابط متحالف مع الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى إلى الدعوة لحل الإدارة المؤقتة فى يناير 2025.

يضيف الكاتبان: قد تتصاعد الحرب الأهلية المشتعلة فى تيجراى إلى حرب بالوكالة أو حرب إقليمية بين الخصمين القديمين إثيوبيا وإريتريا، حيث تسعى إريتريا إلى إضعاف إثيوبيا وتفتيتها بينما تسعى إثيوبيا إلى الوصول إلى البحر الأحمر. وهناك تحذيرات غربية من أن إريتريا وإثيوبيا فى «المراحل النهائية» من الاستعدادات للحرب وأن الصراع بين الجانبين يبدو حتميًا. من جانبها، نفذت إريتريا تعبئة عسكرية فى فبراير الماضى، فى المقابل نشرت إثيوبيا قوات باتجاه الحدود الإريترية فى مارس الحالى.

 

•  •  •

 

كانت إريتريا وإثيوبيا خصمين شرسين منذ منتصف تسعينيات القرن العشرين، بعد وقت قصير من حصول إريتريا رسميا على الاستقلال بموافقة إثيوبيا فى عام 1993. وأدت التوترات الاقتصادية والنزاعات الحدودية إلى الحرب الإريترية الإثيوبية فى مايو 1998، واستمرت الدولتان فى عسكرة حدودهما المشتركة، ودعمت كل منهما جماعات المعارضة داخل الدولة الأخرى لزعزعة الاستقرار وذلك فى العقود التى أعقبت اتفاق السلام فى عام 2000.

من المرجح أن تستغل إريتريا علاقاتها مع الجبهة الشعبية لتحرير تيجراى المناهض للإدارة المؤقتة لإضعاف وتفتيت الأخيرة. وسيكون تجدد الحرب فى تيجراى أو نشوب حرب إقليمية بين إريتريا وإثيوبيا بمثابة أزمة اقتصادية وإنسانية وأمنية فى القرن الأفريقى سترتب آثارا فى جميع أنحاء القارة وأوروبا. إذ أن الصراع من المرجح أن يؤدى إلى موت ودمار «هائل» نظرًا للجيوش الكبيرة لإريتريا وإثيوبيا. ويمكن أن تنتشر الحرب فى جميع أنحاء إثيوبيا وتؤدى إلى عنف بدوافع عرقية بسبب وجود عدد لا يحصى من الجماعات المسلحة القائمة على أساس عرقى.

•  •  •

ومع ذلك، بالنسبة للأطراف الدولية، مثل الصين وتركيا ودول الخليج، فيمكنها أن تسعى إلى العمل على استقرار الوضع بسبب علاقاتها واستثماراتها الكبيرة فى إريتريا وإثيوبيا. إذ استثمرت الصين مليارات الدولارات الأمريكية فى إثيوبيا، وهى الشريك التجارى الأكبر لها، ولديها اتفاقية دفاع معها للتدريب المشترك ونقل التكنولوجيا.

أما تركيا فهى ثانى أكبر مستثمر أجنبى فى إثيوبيا بعد الصين، وقدمت طائرات بدون طيار لأديس أبابا خلال حرب تيجراى، وأظهرت علاقاتها القوية مع نظام آبى عندما توسطت فى اتفاقية الوصول إلى الموانئ بين إثيوبيا والصومال فى عام 2024. من جانبهما، ساعدت كل من الإمارات والسعودية فى التوسط لاتفاق السلام لعام 2018 بين إريتريا وإثيوبيا.

كما تتمتع روسيا بعلاقة قوية مع إريتريا، بل ناقشت تأمين ميناء على ساحل إريتريا على البحر الأحمر فى عام 2023، وفى نفس الوقت تتعاون مع إثيوبيا بانتظام فى منتديات مثل قمة روسيا وأفريقيا ومجموعة البريكس.

•  •  •

يختتم الكاتبان تقريرهما بالإشارة إلى تأثير الحرب بين إريتريا وإثيوبيا على زعزعة استقرار منطقة البحر الأحمر، مما قد يفرض ضريبة اقتصادية عالمية. وبالفعل كانت قد أدت هجمات الحوثيين فى البحر الأحمر منذ بدء الصراع بين إسرائيل وحماس فى عام 2023 إلى رفع تكاليف الشحن بسبب ارتفاع أسعار التأمين والتحديات اللوجستية التى تفرضها الطرق البديلة حول إفريقيا. ولم ترجع هذه التكاليف بعد إلى مستويات ما قبل أكتوبر 2023. والأكثر احتمالا أن يزيد الصراع الإقليمى بين إثيوبيا وإريتريا من خطر حدوث اضطرابات إضافية فى البحر الأحمر.

ناهينا عن أن الحرب فى إثيوبيا من شأنها أن تخلق فرصًا للجماعات الإرهابية من خلال توسيع نطاق عدم الاستقرار الممتد عبر إفريقيا من دول الساحل التى تعانى من التطرف الدينى فى غرب إفريقيا إلى الصراعات العديدة فى القرن الإفريقى. من جانب آخر، السودان فى حالة حرب أهلية منذ عام 2023، وقد تسببت التوترات المتصاعدة بسرعة فى جنوب السودان فى مخاوف من أنه قد ينزلق مرة أخرى إلى حرب أهلية مفتوحة لأول مرة منذ عام 2018. كما لا تزال الصومال مجزأة بشدة بين الحكومة الفيدرالية المدعومة دوليًا وحركة الشباب الصومالية التابعة لتنظيم القاعدة، كما تواصل الحوثيون اليمنيون المدعومون من إيران مع حركة الشباب لدعم جهودها لزعزعة استقرار البحر الأحمر. وبالنسبة للقاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية اللتين شجعتا أتباعهما على الاستفادة من الحرب الأهلية السودانية لإنشاء ملاذات آمنة فى السودان، فمن المرجح أن يفعلا الشيء نفسه فى إثيوبيا، خاصة فى ضوء جهود التجنيد التى يبذلها تنظيم الدولة الإسلامية بين الجماعات العرقية فى إثيوبيا.

الحرب فى إثيوبيا ستؤدى أيضا إلى تفاقم أزمة اللجوء فى القرن الأفريقى وزيادة تدفقات الهجرة، مما سيؤثر على أوروبا ودول الخليج.

 

ترجمة وتلخيص: ياسمين عبداللطيف

النص الأصلى:

 

التعليقات