تأثير التوتر بين إسرائيل وإيران على الهند - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 2:40 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تأثير التوتر بين إسرائيل وإيران على الهند

نشر فى : السبت 5 أكتوبر 2024 - 7:35 م | آخر تحديث : السبت 5 أكتوبر 2024 - 7:35 م

لا شك أن التوتر المتصاعد بين إسرائيل وإيران يشكل تحديًا للقوى العالمية ودول المنطقة، بما فى ذلك الهند. إذ لا يهدد الصراع الاستقرار الإقليمى فحسب، بل يفرض تحديات جيوسياسية واقتصادية وأمنية على الهند تحديدا.
• • •
أولا: يرتبط أمن الطاقة فى الهند ارتباطا وثيقا بإيران. وعلى الرغم من أن العقوبات الأمريكية أجبرت نيودلهى على خفض وارداتها النفطية من طهران، إلا أن الأخيرة تظل عنصرًا حاسمًا فى استراتيجية الطاقة الهندية طويلة الأجل. لذا يمكن لأى صراع عسكرى تنخرط فيه إيران أن يعطل شحنات النفط، مما يدفع أسعار النفط العالمية إلى الارتفاع ويزيد من تكاليف الطاقة فى الهند. حيث تستورد الهند أكثر من 85 ٪ من احتياجاتها من النفط، وأى زيادة مستدامة فى أسعار النفط من شأنها أن تغذى التضخم، وتزيد من عجز الميزان التجارى، وتثبط النمو الاقتصادى.
• • •
ثانيا: أكثر المخاوف أهمية بالنسبة للهند هو سلامة وسبل عيش الملايين من الهنود المغتربين الذين يعيشون ويعملون فى الشرق الأوسط، بما فى ذلك فى إسرائيل. فمع أكثر من 8 ملايين هندى يعيش ويعمل فى دول الخليج، فإن الشرق الأوسط موطن لأحد أكبر تجمعات الهنود المغتربين على مستوى العالم. يشكل هؤلاء العمال العمود الفقرى للصناعات مثل البناء والرعاية الصحية والخدمات، ويرسلون تحويلات مالية كبيرة إلى الهند.
قد تمتد الأعمال العدائية المتصاعدة بين إسرائيل وإيران إلى الدول المجاورة، مما يهدد بشكل مباشر سلامة الهنود فى المنطقة. وقد أصدرت الحكومة الهندية بالفعل نصائح تحث مواطنيها فى إسرائيل وإيران على البقاء فى حالة تأهب واتخاذ الاحتياطات. وفى حالة تفاقم الوضع، فقد تكون هناك حاجة إلى عمليات إجلاء واسعة النطاق. باختصار، أى حالة من عدم الاستقرار فى المنطقة قد تؤدى إلى فقدان الوظائف، ومخاوف تتعلق بالسلامة، واضطرابات فى التحويلات المالية، والتى تشكل جزءًا أساسيًا من تدفقات النقد الأجنبى فى الهند.
• • •
ثالثا: إذا اشتد دعم إيران للمتمردين الحوثيين فى اليمن حال تصاعد التوترات مع إسرائيل سيقومون باستهداف ناقلات النفط وممرات الشحن فى مضيق باب المندب، الذى يمر عبره جزء كبير من تجارة الهند مع أوروبا وإفريقيا. وأى تعطيل فى حركة النقل البحرى عبر هذه النقطة الحيوية من شأنه أن يؤثر بشكل مباشر على تدفقات التجارة الهندية ويزيد من تكاليف الشحن.
كما يعد الممر الدولى للنقل من الشمال إلى الجنوب، الذى يربط الهند بأوروبا عبر إيران، ضحية محتملة أخرى للأعمال العدائية المتصاعدة. وتعطيل هذا الممر من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على وصول الهند إلى آسيا الوسطى وأوروبا، مما يجبر نيودلهى على استكشاف طرق تجارية بديلة أطول وأكثر تكلفة.
• • •
رابعا: تعتمد الهند بشكل كبير على إسرائيل فى الحصول على أحدث التقنيات العسكرية، من أنظمة المراقبة المتقدمة إلى أنظمة الدفاع الصاروخى مثل باراك 8. وقد تؤدى الاضطرابات فى واردات الدفاع من إسرائيل إلى إضعاف جاهزية الهند العسكرية، خاصة فى ظل البيئة المعادية فى الجوار المباشر، بما فى ذلك التهديدات المحتملة من باكستان والصين.
• • •
يأتى التوتر بين إسرائيل وإيران فى وقت صعب بشكل خاص بالنسبة للهند، حيث تواجه أيضا عدم الاستقرار فى بنجلاديش بعد التغيير الأخير للنظام. كانت الهند تتمتع تقليديا بعلاقات قوية مع بنجلاديش تحت حكم الشيخة حسينة. ومع ذلك، فإن التغيير الأخير فى النظام بدكا (عاصمة بنجلاديش) أدخل خطابا معاديًا للهند، حيث بدأت العناصر المتطرفة بالفعل حملات ضد الهندوس والهند. وهذا يضيف إلى التحديات الإقليمية التى تواجه الهند.
بعبارة أخرى، مع تصاعد التوترات فى الشرق الأوسط وجنوب آسيا، قد تجد الهند نفسها مضطرة إلى إدارة حالة عدم الاستقرار على جبهات متعددة. وهذا من شأنه أن يرهق أجهزة الهند الدبلوماسية والأمنية، وخاصة إذا استغلت العناصر المعادية فى بنجلاديش التركيز الهندى المنقسم على إسرائيل وإيران.
• • •
إذن، ما الذى تستطيع الهند القيام به فى هذا الوقت الحرج؟ أولا: ينبغى للهند أن تواصل سياستها فى الاستقلال الاستراتيجي، وموازنة تعاونها الدفاعى مع إسرائيل، وعلاقاتها فى مجال الطاقة والتجارة مع إيران. ومن خلال تجنب الانحياز علنا، تستطيع نيودلهى أن تحمى علاقاتها مع كل من الدولتين فى حين تدفع باتجاه حلول دبلوماسية من خلال المنتديات المتعددة الأطراف.
ثانيا: يتعين على الحكومة الهندية أن تراقب عن كثب تطورات الوضع فى الشرق الأوسط وأن تكون على استعداد لإجراء عمليات الإجلاء، إذا لزم الأمر. وبناءً على الخبرات السابقة، ينبغى للهند أيضًا أن تتعاون مع الحكومات المضيفة فى المنطقة لضمان سلامة رعاياها.
ثالثا: ينبغى للهند أن تسرع الجهود الرامية إلى تنويع إمداداتها من الطاقة، والحد من اعتمادها على الشرق الأوسط. يشمل هذا تعميق الشراكات مع دول مثل الولايات المتحدة لإمدادات الغاز الطبيعى المسال، وتعزيز إنتاج الطاقة المتجددة المحلية، والمزيد من التعاون مع السعودية والإمارات لتأمين مصادر الطاقة البديلة.
رابعا: نظرا لإمكانية حدوث اضطرابات فى ممرات الشحن الرئيسية، ينبغى للهند أن تعزز وجودها البحرى فى المحيط الهندى والبحر الأحمر، ومن شأن تعزيز الشراكات مع سلطنة عُمان والإمارات أن يساعد فى حماية طرق التجارة الهندية.
خامسا: ينبغى للهند أن تستخدم نفوذها المتنامى فى المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة، ومجموعة البريكس، ومنظمة شنغهاى للتعاون، لتعزيز الحلول السلمية بين إسرائيل وإيران. ينبغى لنيودلهى أن تضع نفسها كوسيط حيثما أمكن ذلك.
سادسا: ينبغى للهند أن تتعاون مع النظام الجديد فى بنجلاديش وأن تسعى إلى تحييد المشاعر المعادية للهند.
جاجميت باوا وبالندر سينج
موقع Eurasia Review
ترجمة: ياسمين عبداللطيف
النص الأصلى:
https://bitly.cx/9ATHK

التعليقات