نشر موقع Eurasia Review مقالا للكاتب Kester Kenn Klomegah تناول فيه آراء الخبراء والباحثين حول غياب الوسائل الإعلامية الإفريقية فى روسيا، وما يشكل ذلك من عقبة أمام تحقيق أهداف الجانبين التى تم إعلانها فى القمة الروسية الإفريقية الأولى وتعزيز العلاقات بينهم... نعرض منه ما يلى:
لاحظ الباحثون والخبراء غياب التعاون الإعلامى الروسى الفعال مع إفريقيا. على خلاف نشاط وسائل الإعلام الأمريكية والأوروبية ــ مثل بلومبيرج وكوارتز ــ مع شركائهم فى إفريقيا، فإن وسائل الإعلام الروسية فى القارة تعتبر غير مرئية.
تحتاج إفريقيا إلى طبقة وسطى واعية التى يقدر تعدادها 380 مليون نسمة ــ ضعف حجم سكان روسيا وتقريبا نفس حجم سكان الولايات المتحدة... يعمل حوالى 300 مكتب إخبارى من 60 دولة فى روسيا حاليًا، بما فى ذلك 800 مراسل أجنبى و400 موظف فنى، ويوجد مكاتب أخبار إفريقية من مصر والمغرب.
يرى بعض الخبراء أن روسيا تقلل من شأن دول إفريقيا جنوب الصحراء، وهو أسلوب لم يتغير حتى بعد القمة الروسية الإفريقية الأولى التى عقدت فى أكتوبر 2019 فى سوتشى التى سعت إلى تحديد مجالات وأشكال جديدة للتعاون.
***
أشار إدوارد لوزانسكى، رئيس الجامعة الأمريكية فى موسكو وأستاذ السياسة العالمية بجامعة موسكو، إلى عدم توفر المعلومات حول أنشطة روسيا فى إفريقيا فى حين تقوم وسائل الإعلام الغربية بنشر قصص مخيفة حول جهود روسيا لتعزيز وجودها فى ما لا يقل عن 13 دولة إفريقية من خلال بناء علاقات مع الحكام الحاليين، وإبرام صفقات عسكرية، وتهيئة جيل جديد من القادة والعملاء السريين. علاوة على ذلك، يزعم البعض أن بوتين يستخدم إفريقيا لتطويق أوروبا مع تحميل روسيا مسئولية تدفق اللاجئين الأفارقة والشرق أوسطيين إلى أوروبا.
وأضاف لوزانسكى أن الأفارقة أكثر اهتمامًا بالصين، فالصينيون فى كل مكان واستثماراتهم واضحة ويوظفون الآلاف من السكان المحليين. لذا، بغض النظر عما تقدمه روسيا من مصادر ومعلومات للطبقة الوسطى، سيظل القراءة حول روسيا إهدارا للوقت... والعكس صحيح، فما يعرفه المتعلمون الروس عن إفريقيا قليلا للغاية. وبالنسبة للنخب، فهناك القليل من المصالح المتبادلة.
على الرغم من الجهود المبذولة لإحياء العلاقات مع إفريقيا بعد القمة الروسية الإفريقية، فلم يحظَ التعاون الإعلامى بأهمية تذكر ويستمر غياب وجود المنظمات غير الحكومية الإفريقية فى روسيا كما لاحظ ديفيد شين الأستاذ المساعد فى مدرسة إليوت للشئون الدولية وسفير الولايات المتحدة السابق فى إثيوبيا وبوركينا فاسو. فهو يرى أن هناك تحيزا تجاه المغرب العربى وشمال إفريقيا بشكل بسبب قوة علاقات روسيا مع هذه المنطقة، وخاصة مصر، مقارنة بباقى الدول الإفريقية، إلى جانب تقاربهم الجغرافى. ولا يرى سببا واضحا لإبقاء الحكومة الروسية وسائل الإعلام الإفريقية خارج روسيا.
يعتقد بونسارا أماراسينغ، طالب دكتوراه فى القانون الدولى من مدرسة سانتانا للدراسات المتقدمة فى بيزا إيطاليا، أن روسيا قد بذلت جهودًا كبيرة لتحسين العلاقات مع دول إفريقيا. ولكن الموقف العام لروسيا منذ تفكك الاتحاد السوفيتى كان ضد وجود وسائل إعلام أجنبية داخل روسيا... فعلى سبيل المثال، أعداد المراسلين الهنود والتواجد الإعلامى الهندى فى روسيا صغير للغاية... ولذلك يرى أماراسينغ أن قلة تمثيل الإعلام الهندى والإفريقى فى روسيا يرجع إلى تعامل السلطات الروسية مع المؤسسات الإعلامية الأجنبية، وستظل البيروقراطية الروسية هى العقبة أمام وسائل الإعلام الأجنبية.
لطالما فضلت روسيا دول شمال إفريقيا، خاصة مصر والمغرب. وبعيدا عن تايلاند، تمثل مصر والمغرب وجهات العطلات رقم واحد للطبقة المتوسطة الروسية. وفقا لهذا السيناريو يمكننا أن نفهم سبب إعطاء هاتين الدولتين الأولوية فى التمثيل الإعلامى، لكن بلدان شمال أفريقيا لا تمثل القارة الأفريقية بأكملها. ولذلك يرى أماراسينغ أن على روسيا أن تسمح بالوجود الإعلامى لباقى الدول الإفريقية وإمدادها بالمعلومات حول التطورات الاجتماعية والاقتصادية لتجذب الطبقة المتوسطة المتنامية فى إفريقيا جنوب الصحراء.
بسبب عدم وجود شراكة إعلامية مؤثرة بين إفريقيا وروسيا، كان من السهل على مؤسسات الفكر ووسائل الإعلام الأوروبية الإساءة إلى قمة سوتشى وصورة روسيا. وخلص أماراسينغ إلى أن غياب شراكة إعلامية روسية إفريقية فعالة سيخلق باستمرار بيئة مناسبة لهؤلاء الإعلاميين الغربيين للتحكم فى المثقفين الأفارقة والطبقة المتوسطة المتعلمة ونشر الأفكار المعادية لروسيا.
***
يوضح الدكتور شعبانى نزورى، خبير السياسة الخارجية من تنزانيا، أن بعد تفكك الاتحاد السوفيتى كان من الصعب على روسيا الحفاظ على علاقاتها مع إفريقيا بسبب ما واجهته من صعوبات داخلية بعد انهيار الاتحاد... وعلى الرغم من الجهود التى بذلت بالفعل تجاه صداقتها مع الدول الأفريقية، إلا أنه يتعين على روسيا الحفاظ على صورتها وموقفها فى القارة، وهو ما يرتبط بإنشاء شراكة إعلامية نشطة.
وبحسب شعبانى، من الواضح أن العلاقات بين روسيا وإفريقيا ستظل مهمة لكليهما وسط وضع عالمى سريع التغير. تحتاج روسيا لوسائل الإعلام الإفريقية لدرء «الدعاية المعادية لروسيا» والانطباعات السلبية التى تنشرها بعض وسائل الإعلام الأوروبية والغربية داخل إفريقيا. ولكن، تفتقر روسيا إلى تمثيل وسائل الإعلام الإفريقية مع افتراض أن ذلك تم عن قصد لتقييد، إن لم يكن إعاقة، قراءة الحقيقة من عيون إفريقية. بشكل عام، هناك قيود على المراسلين والصحفيين الأجانب الذين يعملون ويغطون أخبار روسيا، ويخضع بعضهم لعمليات التفتيش وأشكال أخرى من المضايقات من قبل السلطات الروسية... أضاف شعبانى أن وسائل الإعلام الإفريقية ستتكلف الكثير من أجل فتح مكتب لها فى روسيا.
***
اقترح ريكس إسينوفو، عضو مجلس أمناء منظمة «نيجيريين فى الشتات» فى أوروبا، أن مستقبل العلاقات الروسية الإفريقية يجب أن تؤخذ فى الاعتبار المعنى الحقيقى لبناء منصة للمجتمع المدنى ووسائل الإعلام وكذلك الضغط من أجل التفاعل بين الناس. سيساعد ذلك على تغيير وإزالة الصور النمطية القديمة وتعزيز التعاون. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للحوار المنتظم مع المجتمع المدنى والحكومة أن يعمق من التفاهم الروسى الإفريقى كأساس للنمو الاقتصادى والتنمية، وليصبح دافعا لبناء الثقة بين المستثمرين الروس داخل المنطقة.
وفى ملاحظة مماثلة، اقترح جورج نيونجيسا، كبير زملاء معهد السياسات الإفريقية فى نيروبى، أهمية إيجاد وسائل فعالة لتحسين الصورة والمعرفة العامة إذا كان هناك رغبة فى تبنى خارطة طريق استراتيجية شاملة لمزيد من التعاون المتكامل. وبالتالى سيتعين على الأفارقة وروسيا الاعتماد على القوة الناعمة لبناء الثقة وتمهيد الطريق لتطبيع العلاقات وتعزيز مبدأ المعاملة بالمثل.. على سبيل المثال تمنح روسيا المراسلين الأفارقة إمكانية الوصول لمستوى الحضور الروسى المتزايد فى وسائل الإعلام الإفريقية. باختصار، سيكون هناك وسيلة لإزالة الغموض وبالتالى المساعدة فى مواجهة أى الأفكار العامة السلبية، وتبادل الخبرات الثقافية والبدء فى إزالة حواجز اللغة.
***
أشار جميع الخبراء والباحثين الذين تمت مقابلتهم تقريبًا بأن القمة الروسية الإفريقية الأولى تمثل نقطة تحول فى استراتيجية روسيا للعودة إلى إفريقيا وتعزيز العديد من المبادرات المهمة لتسهيل التنمية فى القارة... تخطط موسكو لتعزيز وجودها فى القارة فى السنوات القادمة.. وكما هو موضح فى إعلان قمة روسيا وإفريقيا، فسيتعين على كل من روسيا وإفريقيا البدء فى العمل على تحقيق ما تم وضعه من أهداف، وتسهيل فتح محاور وسائل الإعلام الروسية والإفريقية فى كل من البلدان الإفريقية والاتحاد الروسى.
إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى
النص الأصلي
https://bit.ly/2KYSnYA