الضم في الممارسة العملية - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الأربعاء 10 سبتمبر 2025 12:31 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

الضم في الممارسة العملية

نشر فى : الإثنين 8 سبتمبر 2025 - 7:40 م | آخر تحديث : الإثنين 8 سبتمبر 2025 - 7:40 م

أجريتُ حوارا مع مسئول رفيع فى السلطة الفلسطينية قبل أعوام، وقدّم لى رؤية قاتمة لمستقبلٍ نراه يتحقق: واقع الدولة الواحدة بين البحر والنهر.

لقد أوضح المسئول أنه على الرغم من أن الإسرائيليين، فى معظمهم، يسعون للحفاظ على الهوية اليهودية للدولة، تتشكل دينامية تتخطى الرغبات والتخطيطات: اندماج متعمق بين إسرائيل والضفة الغربية؛ ضعف السلطة الفلسطينية، هذا كله سيؤدى إلى دمج الضفة فى إسرائيل من دون منح الفلسطينيين الجنسية، وهو ما سيخلق ضغطا داخليا وخارجيا يفرض ذلك فى نهاية المطاف. ومن هنا ــــ حسبما قال ـــ «إن التلاقى بين الديموغرافيا والديمقراطية سيفعل فعله».

وفعلا، يتحقق ضمّ الضفة الغربية حتى من دون إعلان رسمى. وفى الخلفية، تتصاعد تهديدات وزير المالية بتفكيك السلطة، كجزء من خطته بشأن «تغيير الحمض النووى للضفة الغربية» والوصول إلى «نقطة اللاعودة التى لن تسمح بالفصل بين الشعبين»، فى وقت بلغت العداوة بينهما ذروتها خلال الحرب. وفى الأسبوع الماضى، عُرضت خطة عمل مفصّلة لتحقيق هذا التصور، تتماشى مع «خطة الحسم» التى نشرها سموتريتش فى سنة 2017: ضمّ 82% من الضفة الغربية وخلق جيوب فلسطينية على شاكلة «البانتوستانات»، الكيانات المصطنعة التى أقامها نظام الفصل العنصرى فى جنوب إفريقيا.

من المتوقع أن يؤدى الضم إلى تبعات زلزالية على إسرائيل، وبشكل خاص فى السياق الخارجي: سيزيد الضغط الدولى والعزلة على إسرائيل، وسيشعر بهما كل مواطن، ولا سيما إذا فُرضت عقوبات اقتصادية قد تتضرر جرّاءها العلاقات المهتزّة أصلا مع العالم العربى.

أمّا داخليا، فسيمثل الضم تحديا صعبا فى وقت تشهد إسرائيل انقساما داخليا، وتخوض حربا تفتقر إلى إجماع وطنى. ومثلما هى حال احتلال غزة، فإن ضمّ الضفة ستترتب عليه تكلفة استراتيجية باهظة، من بينها تصاعُد التهديدات الأمنية، وأعباء التعامل مع السكان الفلسطينيين الذين شملهم الضم، وتصاعُد الاحتكاكات العنيفة التى يقودها مستوطنون متطرفون. يثير خطاب الضم التساؤل عن الفرق الجوهرى بين حزب «الليكود» و«الصهيونية الدينية»، فكلاهما يرى فى السلطة الفلسطينية عدوا. وعلى الرغم من أن «الصهيونية الدينية» أقلية لا يُتوقع أن تتجاوز نسبة الحسم فى الانتخابات، فإنها تفرض رؤيتها الأيديولوجية على الدولة بأسرها، بطريقة تغيّر طابعها أعواما طويلة.

 دور ترامب

 فى هذه المعمعة، يبدو كأن الشخص الوحيد القادر على وقف دوامة التدهور الاستراتيجى، هو دونالد ترامب. فهو الذى أجبر على تجميد خطة الضم فى سنة 2020، فى مقابل اتفاقيات أبراهام، وهو الذى فرض توقيع اتفاق وقف إطلاق النار السابق، وهو الذى يسمح باستمرار الحرب الآن، على الرغم من معارضة معظم دول العالم وجمهور واسع فى إسرائيل. حتى الآن، لا توجد مؤشرات إلى أنه يمارس ضغطا على إسرائيل ــــ لا فى غزة، ولا فى الضفة.

كان أحد أسس «المفهوم» الذى انهار فى 7 أكتوبر الاعتقاد أن هناك إمكانات لتحقيق التطبيع مع العالم العربى من دون معالجة القضية الفلسطينية، بل يكفى «إدارة الصراع» وتثبيته بضمادة «السلام الاقتصادى».

بعد نحو عامين، ما زالت إسرائيل تتبع السياسة عينها، لأن هوية صنّاع القرار لم تتغير، ولم يُجرَ أى تحقيق جاد فى إخفاقات الماضى، فضلا عن المحاسبة، أو تصحيح الأخطاء، بل على العكس ــــ فالأخطاء يُعاد إنتاجها وتتفاقم. فى ظل هذا الوضع، يجب على الجمهور الإصرار على فتح النقاش، وجعل القضية الفلسطينية فى صدارة الحملات الانتخابية القادمة.

 ميخائيل ميلشتاين

يديعوت أحرونوت

مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات