هل تصل للحكومة والأجهزة المختصة، تفاصيل ما يحدث أثناء تنفيذ بعض عمليات إزالة مخالفات وتعديات البناء من قبل بعض من يقومون بالتنفيذ؟!
أطرح هذا السؤال، ليس للتشكيك فى المشرفين على تنفيذ القانون، ولكن للتأكد أن بعضهم قد يسىء إلى الحكومة وإلى الفكرة بأكملها.
القضية لا تنحصر فقط بين طرف مخالف هو المواطن وطرف يريد إزالة المخالفة وهو الحكومة، لكن معظمنا لا يركز على الطرف الثالث وهو القائم بالتنفيذ.
فى هذه القضية فإن غالبية من يقومون بالتنفيذ موظفون شرفاء محترمون ينفذون القانون بدقة وأمانة، لكن هناك فئة منهم تتفنن فى الإساءة للدولة وللحكومة وللقانون.
نعلم جميعا أن جزءا مهما من العملية يتعلق بـ«الورق أو الأوراق» وبالتالى تقع بعض المخالفات من القائمين بالتنفيذ، بعضها كسلا وبعضها عامدين متعمدين من أجل «المنفعة المتبادلة».
بعض القائمين على التنفيذ يذهب إلى المكان المخالف، ويكتب فى تقريره أنه ذهب إلى هناك وقام برصد المخالفة، وأصدر قرارا مؤقتا بوقف الأعمال، وأنه أبلغ الجهات المسئولة بالأمر. هنا يعتقد هذا الموظف أنه أدى دوره كاملا. موقفه سليم وقانونى على الورق. فهو فعل كل شىء بصورة صحيحة على الورق، لكنه أعطى المخالف حلا عمليا يتيح له الإفلات من تنفيذ الإزالة. والحجة الجاهزة أن جهة التنفيذ سواء كانت المحليات أو الشرطة، لا تملك أدوات تنفيذ الحكم من معدات وجرارات ولودارات. وهكذا يستفيد الطرفان المخالف ومن يفترض أن يقوم بإزالة المخالفة، وتكون الضحية هى الدولة وحقوقها.
تحت حجة عدم امتلاك المحليات لمعدات الإزالة أو قلتها فى أحيان كثيرة تستمر المخالفات.
الطريقة السابقة قد تكون مستترة ولا يمكن إثبات التواطؤ فيها بصورة واضحة بين المخالف والطرف الثالث أى القائم بالتنفيذ. لكن هناك طرقا أكثر سفورا وفجاجة، وفيها يبيع هذا الموظف ضميره ويتخلى عن حق الدولة.
صاحب المكان المخالف يذهب للموظف المختص، ويحصل منه على تقارير رسمية على خلاف الواقع تتضمن أن درجة المخالفة بسيطة، خصوصا إذا كان الأمر تقديريا. الموظف يحصل على «المعلوم» والمخالف لا يدفع حق الدولة أو يدفع مبلغا بسيطا جدا، ومرة أخرى يضيع حق الدولة بسبب هذا الموظف الذى باع ضميره للشيطان.
طريقة أخرى للتواطؤ تتضمن أن يقوم الموظف بالطناش والصهينة على المخالفات، هو يكون متفقا مع صاحب العمارة المخالفة، بحيث يتركه يرتكب المخالفة، ولا يقوم برصد وتسجيل ذلك، وتحويله إلى الجهات المختصة.
يقول البعض أن هناك مبانى كانت فى طور الإنشاء حينما صدر قرار وقف البناء قبل شهور، حتى بالنسبة للمبانى التى كانت قد حصلت على تراخيص بناء بالفعل، بعض ضعاف النفوس تركوا أصحاب المنازل يواصلون عملية البناء، مقابل مبالغ محددة لكل دور.
قد يقول البعض إن هذا الكلام يتضمن مبالغات وافتراءات على بعض القائمين على تنفيذ عمليات الإزالة. والرد ببساطة أن الرئيس عبدالفتاح السيسى قال خلال حديثه الغاضب يوم السبت قبل الماضى فى الإسكندرية إنه شاهد بنفسه من الطائرة استمرار عمليات البناء رغم صدور قرار بوقفها.
مرة أخرى هؤلاء المخالفون، لا يمكن لهم أن يقوموا بالبناء وتحدى الدولة بأكملها من دون أن يكون قد اتفق مع موظف فى مكان ما، وحدث التواطؤ.
وبالتالى فالسؤال: لماذا لا نبحث عن صيغة لا تكتفى بمعاقبة المخالف، بل أن يشاركه فى نفس العقاب الموظف الذى سمح له بالمخالفة سواء كان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة. لو حدث ذلك، فسوف يتحقق أهم عوامل الردع لمن تسوّل له نفسه تكرار الأمر.