إهمال بناء العقل الناقد - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأحد 7 سبتمبر 2025 10:43 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

برأيك.. من البديل الأنسب لـ ريبيرو في النادي الأهلي؟

إهمال بناء العقل الناقد

نشر فى : السبت 6 سبتمبر 2025 - 7:25 م | آخر تحديث : السبت 6 سبتمبر 2025 - 7:25 م

نشرت جريدة الخليج الإماراتية مقالا للكاتب عبداللطيف الزبيدى، تناول فيه إهمال بناء العقل الناقد، حيث فى زمنٍ يُفترض أن تسوده المعرفة والعقلانية، تتراجع الفلسفة والفكر أمام سيلٍ من الخرافات التى تغزو فضاءنا الرقمى، فتتحول وسائل التواصل من منصّات يُنتظر منها نشر الوعى العلمى إلى ساحات لادعاءات تُهين العقل وتُكرّس الجهل. والمفارقة أنّ هذه الأباطيل لا تُوجَّه للأطفال، بل للبالغين، فى مجتمعات يُفترض أن التعليم صقل عقولهم. أمام هذا الواقع، يصبح السؤال مُلحا: أين أخفقت أنظمتنا التعليمية فى بناء عقل ناقد يحصّن المجتمع من السقوط فى فخ الخرافة ويقوده نحو آفاق العلم والتفكير الرشيد؟.. نعرض من المقال ما يلى:


أليس من العجائب أن القلم غاص طويلا فى غياب الفكر والفلسفة عن ريادة الفنون العربية (مسألة فنية صارت قضية)، فإذا «يوتيوب» يصدمه بالعجب: «إذا وجدتَ إحدى هذه الحشرات الثلاث فى بيتك، فإنك ضحية سحر أو حسد: النمل، الوزغ والدود». لا علينا، فالوزغة ليست حشرة. غاب العقل، حضرت الخرافات.

تحت وطأة الصدمة، يظل الدماغ يتخبط فى ثلاثيى ثبط وحبط. كان يحلم بأن تنبعث الفلسفة فى جنبات الحياة العامة العربية بالتنوير، وإذا بوسائط التواصل تهوى بالعقل إلى قرار بلا قرار. وسائط، شئنا أم أبينا، تملك أدوات إعلامية. بل هى أدهى، فهى منفلتة، ومتصفّحوها تحصيهم الحواسيب. غاب العقل، حضرت الخرافات.


قضية، من يدرى، فلعل وراءها من يريدها القاضية؟ مع شيوعية المعلومات، كنا نحلم بأن شبيبة العرب ستجعل مواقع العلوم أكثر من مواقع النجوم. لا بدّ من البحث عن الأسباب. ما من قضية إلا وفيها مسئولية. العقل يقضى بعدم تحميل الأسرة تبعات هذا النمط من أداء الدماغ. صحيح أن السنوات الست الأولى، من عمر الطفل، لها أهمية كبيرة، إلا أن مراحل التعليم وأعوامها الستة عشر، من الابتدائية إلى الجامعة، هى السنون التى يجرى فيها تكوين العقل. المأساة أن تلك الأباطيل غير موجّهة إلى صغار الحضانة والابتدائية. من يا ترى يخاطب ابنة خمس أو ثمانى: «عزيزتى إن صادفتِ نملا أو وزغا أو دودا فى البيت، فاعلمى أنك مسحورة أو محسودة» بالتالى فإن ذلك البهتان كلام بالغ إلى بالغين، أى إن الفاعل يعتقد أن فى المجتمعات العربية أناسا يصدّقون ذلك الافتراء. القضية ليست هيّنة، فما لا جدال فيه، هو أن أنظمة التعليم العربية، لو أحسنت بناء العقل الناقد، على أسس البحث العلمى والتفكير العقلانى الرشيد، ما كانت هذه الاستهانة بالعقول تلقى رواجا فى العقد الثالث من القرن الحادى والعشرين. كان المؤمل أن نرى وسائط التواصل تحث على علوم الفيزياء والكيمياء والأحياء، والذكاء الاصطناعى، وتساعد على تألق النابغين والمخترعين وأهل المواهب، لا أن تدعوهم إلى إهدار أوقاتهم الثمينة فى البحث عن الديدان فى بيوتهم. لماذا تبخل علينا الأخبار بما يجلى عن النفس سوء الظن بيقظة الأمة وسلامة أجهزة مناعتها، فلا تتحفنا بأن أعدادا من مشوّهى صورة العقل العربى، ألقت بهم السلطات المختصة وراء القضبان؟ آمين.


لزوم ما يلزم: النتيجة الانتظارية: الخطوة العزيزة المتوقعة، هى أن تراجع المناهج العربية، مدى نجاحها فى بناء العقل الناقد.

 

التعليقات