تمسكوا بدينكم - عماد الغزالي - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 4:48 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تمسكوا بدينكم

نشر فى : الإثنين 7 يناير 2013 - 8:10 ص | آخر تحديث : الإثنين 7 يناير 2013 - 8:10 ص

نخطئ كثيرا حين نصف الأحزاب ذات المرجعية الدينية بأنها أحزاب إسلامية، والمنتمون إليها بأنهم إسلاميون، تمييزا لهم عمن سواهم من المنتمين إلى الأحزاب المدنية.

 

 والحقيقة أننا باستخدامنا لهذا الوصف، قدمنا دعما كبيرا لهذه الجماعات، التى نجحت فى تديين السياسى وتسييس الدينى، وحشرت فى نطاق الحلال والحرام ما كان دوما خارجه، فصار من يستفتى على غير هواهم أو يختار مرشحا غير مرشحهم آثما، صاروا هم وحدهم «الإسلاميون»، ومن دونهم خارجين عن الملّة.

 

 سعوا إلى اختطاف شريعة الله، التى هى عبادات ومعاملات وأخلاق من المجتمع، وسلموها لجماعتهم ورئيسهم فى دستور مشوّه، بزعم أنهم يريدون أن يكون الإسلام هو دين الدولة، والحقيقة أنهم يريدون أن يقيموا دولة الاستبداد باسم الدين، دولة «ملالى» جديدة على غرار ما جرى فى إيران، حيث كلمات المرشد الأعلى هى كلمات الله، وأوامره فوق القانون والدستور.

 

كان الخمينى يؤكد دائما ــ كما يقول عطاء الله مهاجرانى وزير الثقافة والإعلام فى حكومة خاتمى ــ أنه ليس سوى رجل دين.. «لكن رويدا رويدا، بدأت المساحة المخصصة للآخر تنكمش، حتى أن آية الله العظمى منتظرى، ظل رهن الإقامة الجبرية لأكثر من خمسة أعوام لأنه انتقد القيادة الإيرانية».

 

هذا ما يحدث عادة عندما يختلط الدين بالسياسة، تختفى الحرية والعدالة والسعادة، ويحل بدلا منها الاستبداد والجهامة والرؤى الأحادية المقدسة، رؤى المرشد وتابعيه، ممن لا ينطقون عن الهوى، فيعم الظلام ويغيب التنوير الذى هو قبل أى شىء منهج فى التفكير، يشجع الحرية الإنسانية والنقد والمساواة، ولهذا أشك كثيرا أن يقيم مرسى وحلفاؤه نهضة من أى نوع، لأنهم لم يعرفوا سوى السمع والطاعة.

 

هم يخدعون البسطاء فيصورون لهم الآخرين من معارضى استبدادهم بوصفهم أعداء للدين والشرع والشريعة، وهذا كذب صريح، وأظن أننا اختبرنا كذبهم بما يكفى طوال الشهور الماضية.

 

 إذا جاز لى أن أنصح بنى وطنى من الأقباط والمسلمين فى هذه اللحظات الصعبة من مسيرة بلادنا، ومع مطلع عام ميلادى جديد، فنصيحتى هى أن تمسكوا بدينكم وعضّوا عليه بالنواجذ.

 

تعاليم ديننا هى حجر الزاوية فى منظومة القيم التى نبنى عليها حياتنا وعيشنا المشترك، ديننا كما نفهمه، يدعو إلى الحب والتسامح والعدل والإخاء والرحمة والمساواة وحفظ الحقوق وصيانة الأمانات والوفاء بالعهود، يحرّم إيذاء النفس التى كرمها الله بالقول أوبالفعل، يحترم العقل ويفجر طاقاته، يدعونا إلى الصدق ويحذّرنا من الكذب والتضليل والضلال، يحثنا على إتقان العمل والسعى على الرزق وإعمار الأرض، وهى الغاية الكبرى التى من أجلها خلق الله الإنسان واستخلفه عليها، تكريما له عن سائر المخلوقات، تلك كانت بشارة عيسى ودعوة محمد، ومن قبلهما كل الأنبياء والرسل عليهم جميعا أزكى صلاة وأطيب سلام.

عماد الغزالي كاتب صحفي
التعليقات