حملة بلير على شعوب الشرق الأوسط - صحافة عالمية - بوابة الشروق
الجمعة 13 ديسمبر 2024 5:45 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حملة بلير على شعوب الشرق الأوسط

نشر فى : الأربعاء 7 مايو 2014 - 8:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 7 مايو 2014 - 10:52 ص

كتب ستيفن بوول مقالا نشر بجريدة الجارديان تناول فيه خطاب بلير الأخير وكيف انه كان مغلفًا بمفردات على قدر من المرونة الغامضة. ففى حديثه وصف مبعوث الرباعية (الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وروسيا) إلى الشرق الأوسط، الحروب فى أفغانستان والعراق التى ساعد فى بدئها بأنها «ارتباطات مؤلمة». لا شك فى أنها كانت مؤلمة للضحايا، لكن الألم بالنسبة لمن شوهوا وقتلوا لم يكن مركز اهتمام بلير. فقد كان يعنى أن تلك «الاشتباكات» «مؤلمة» للجناة الذين كانوا على قدر من الحساسية يجعلهم يشعرون بالسوء بينما يمطرون الآلاف بالموت من على الطرف الآخر من العالم. وقال بلير إنه من المؤسف أن هذه «الاشتباكات» فى العراق وأفغانستان كانت «مؤلمة» لأنه الآن «الرأى العام فى المملكة المتحدة وأماكن أخرى مستاء من فكرة أنه ينبغى علينا الاشتباك مع سياسة الشرق الأوسط وما وراءه».

ويوضح الكاتب أن ما يعنيه بلير بـ«الاشتباك مع سياسة الشرق الأوسط» هو «قصف من لا نحبهم فى الشرق الأوسط». لكنه، أو من كتبوا الخطاب، لم يفقدوا القدرة المثيرة للرعب الخاصة باستعمال التعابير المخففة. ففى هذا الخطاب الذى يوصى بمزيد من «الاشتباكات»، سواء أكانت مؤلمة أو مفرحة بالنسبة لمن يطلقون الأسلحة فائقة التكنولوجيا، أشار كذلك إلى أن «منطقة حظر الطيران» الجاهزة القديمة التى تعنى فى واقع الأمر «منطقة الطيران والقصف»، والإشارة الرمادية القديمة التى تتسم بالرضا عن النفس إلى قيامهم بـ«تغيير الأنظمة الحاكمة» فى أفغانستان والعراق، وكأن بلير وأصدقاءه المقربين كانوا يتحركون فحسب حول تماثيل صغيرة على مقدمة مسلسل Game of Thrones.

●●●

ويشير الكاتب إلى أن بلير مازال مشغولاً بشأن رأى الناس فى تلك الحروب إلى حد أنه جرب الحيلة الرائعة الخاصة بالإشارة إلى أن الوقت مازال مبكرًا للحكم بأنها لم تكن بحال من الأحوال أفكارًا شديدة الروعة. لقد قال بلير بحزن: «ربما يكون الأمر إلى حد كبير هو أنه فى النهاية سوف يرى الناس أثر تلك الاشتباكات على نحو مختلف». وهو لم يقل كم سيستغرق الناس من الوقت كى يغيروا رأيهم. غير أنه يجب علينا جميعا الموافقة على أنه من حيث المبدأ من الممكن إلى حد كبير أنه خلال مليون عام سوف ينظر الإنسان الآلى الذى يحل محل البشر بإعجاب إلى القدرة على القتل المنظم لدى الكائنات التى من لحم ودم فى أوائل القرن الحادى والعشرين.

ربما كان المصطلح المرن الأكثر غموضًا هو كلمة «تدخل» التى تبدو بريئة. فقد كان بلير يحث العالم على «التدخل» بشكل أكبر فى الشرق الأوسط، تمامًا كما «تدخل» هو وبوش فى العراق. لكن ما الذى «تدخلا» فيه حينذاك؟ لم تكن هناك حرب أهلية فى العراق فى أوائل عام 2003. ويبدو بوضوح شديد أن الاشتقاق اللاتينى لكلمة «تدخل» intervention يتطلب وجود طرفين على خلاف يضع المتدخل نفسه بينهما باعتباره مصلحًا. لكن الحرب فى العراق كان مجرد غزو. وفى نموذج محزن لما يمكن أن نسميه متلازمة ستوكهلم البلاغية الخاصة بالإعلام، أشارت كذلك صحف عديدة كتبت عن خطاب بلير بكلماتها إلى «تدخل» بلير فى العراق، وبالتالى ساعدته على تبريره بأثر رجعى.

ينقل نشر كلمة «تدخل» المسئولية الأدبية إلى طرف ثالث متخيل. لكن الكلمة مازالت تؤدى قدرا كبيرا من العمل المُقْنِع حتى عندما يكون هناك صراع قائم بالفعل. واقتراح أن «نتدخل» فى الحرب فى سوريا، على سبيل المثال، ينقل مرة أخرى واقع إسقاط القنابل وحتمًا قتل أعداد كبيرة من غير المقاتلين. وهو يتخذ موقف الحكمة الأخلاقية التى تتسم بالكمال ويصور القوى الغربية المعنية التى تلقى القنابل على أنها معلمون حكماء يقضون على عصبة من الأطفال المتشاجرين على أرض الملعب.

●●●

ويرى الكاتب أن بلير يستغل كذلك دلائل «التدخل» باعتباره شيئًا مفيدًا لك حتى إذا كنت لا تريده. كتدخل أصدقاء وأفراد أسرة شخص ما يفرط فى شرب الخمر، أو التدخل الطبى الذى سوف يؤلم لكنه ينقذ حياتك. ورفض هذا التدخل من جانب الطبيب الحكيم سيكون أسوأ من المعاناة منه. وبهذه الطريقة وجد بلير نفسه قادرًا على أن يقول، بعد رسم صورة ثنائية للعالم باعتباره منقسمًا بين الديمقراطية الليبرالية المستنيرة والثيوقراطية الإسلاموية: «هذا ما يجعل التدخل مشحونا إلى حد بعيد غير أنه ليس هناك تدخل على هذا النحو».

ويختتم بوول مقاله قائلا: من ناحية جرى التأكيد بسعادة على التساوى الأخلاقى بين قصف أعداد كبير من البشر، من ناحية، وعدم قصف أعداد كبيرة من البشر، من ناحية أخرى، إذا كان لا يبدو مرجحًا إلى حد كبير أنه يجعل الأمور أفضل للجميع (ما عدا الأشخاص الذين قصفتهم للتو). ربما يكون بلير الآن هو المرشح الأول لأن يتدخل بنفسه للتدخل باستعمال القسوة على من يحب من أجل مصلحتهم.

التعليقات