حين يسكن الحب التفاصيل - صحافة عربية - بوابة الشروق
الأربعاء 9 يوليه 2025 4:06 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

من أفضل فريق عربي في دور المجموعات بمونديال الأندية؟

حين يسكن الحب التفاصيل

نشر فى : الثلاثاء 8 يوليه 2025 - 9:00 م | آخر تحديث : الثلاثاء 8 يوليه 2025 - 9:00 م

نشرت جريدة الرياض السعودية مقالا للكاتبة أريج الجهنى، تدعو فيه إلى إعادة تعريف الزواج كعلاقة إنسانية عميقة تُبنى على الشراكة والحميمية والتفاصيل اليومية، فى مواجهة التحولات السريعة والسطحية فى الوعى المجتمعى تجاه العلاقات، والتى تهدد جوهر الحب والاستقرار العاطفى.. نعرض من المقال ما يلى:

«الحب لا يعنى أن ننظر إلى بعضنا البعض، بل أن ننظر معًا فى الاتجاه نفسه»، هكذا قال سانت إكزوبيرى. فى ظل تصاعد حدة الخطابات فى وسائل التواصل الاجتماعى حول مفاهيم الزواج ومحاولة البعض لاختطاف الوعى المجتمعى بتشويه صورة الرجل أو المرأة، والكثير من التوقعات غير الواقعية.

مهم أن نعيد الأمور لمسارها الصحيح عبر التأكيد على أن الزواج كمنظومة هو كيان خالد بل البيت الآمن والحضن الحقيقى فى وجه عواصف الخيانات والعلاقات العابرة التى لا قيمة لها. ففى المجتمعات التى تمر بتحولات سريعة، يُعاد تعريف العلاقات لا شعوريًا مع كل تغير فى نمط الحياة، كل توسّع فى أدوات التواصل، وكل تبدّل فى أولويات الفرد. والزواج، كعقد اجتماعى وإنسانى، هو إحدى أكثر البُنى حساسية لهذه التغيرات.

نعم، مع هذا الزخم -للأسف- لم تعد العلاقات تُقاس بقدرتها على الاستمرار، بل بقدرتها على الإشباع اللحظى. فى ظل هذه السرعة، يتراجع حضور المفاهيم التى كانت سابقًا من ركائز الارتباط: الصبر، الاحتمال، الصمت النبيل، والوفاء حتى فى اللحظات الرمادية.

ولأننا نعيش اليوم تقاطعًا واضحًا بين الموروث والمحسوس، وبين ما تربّينا عليه وما نطمح إليه، صرنا فى حاجة ماسّة لإعادة تعريف الزواج لا كمؤسسة تقليدية، بل كشراكة إنسانية تُبنى من الداخل: من الحميمية، من التفهّم، من التفاصيل.

الحب فى جوهره ليس عاطفة فحسب، بل ممارسة اجتماعية مستمرة. يظهر فى ترتيب مكان مشترك لا يزال يحمل دفء حضور الآخر، فى سؤال صادق: «كيف كان يومك؟»، وفى صبرٍ على فتورٍ مؤقت لا يُفسَّر كفشل، بل كجزء من دورة العلاقة الطبيعية.

العديد من حالات الانفصال اليوم لا تعود إلى خيانة أو صدامات عنيفة، بل إلى ما يمكن تسميته بـ«الموت الهادئ للعلاقة» حين تتآكل التفاصيل، ويغيب الانتباه، وتتحول الحياة الزوجية إلى بيت بارد خالٍ من الحميمية.

إنّ إعادة الاعتبار إلى التفاصيل، ليست دعوة للحنين، بل نداء للوعى. ابحث عن ما يولد شعور الانتماء بينك وبين شريكك، الزواج الناجح لا يُبنى على الكمال، بل على الاعتياد الجميل، على ألف تفصيلة تُقال دون صوت.

التعليقات