اقتراحات للتعامل مع  مخطط  ترامب - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 11 فبراير 2025 7:50 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

اقتراحات للتعامل مع  مخطط  ترامب

نشر فى : الأحد 9 فبراير 2025 - 7:15 م | آخر تحديث : الأحد 9 فبراير 2025 - 7:15 م

قبل دخول دونالد ترامب البيت الأبيض بحوالى أسبوعين، دعانى مركز بحثى مصرى مرموق إلى جلسة مصغرة مع عدد قليل من الباحثين والخبراء، وكان موضوعها، ماذا سيفعل ترامب مع مصر، وكيف ينبغى لنا أن نتعامل معه؟

النقطة الجوهرية الأولى التى أثرتها يومها كانت سؤال: ماذا سنفعل إذا طلب منا ترامب تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء أو عموم مصر، وقلت أيضا  إن علينا أن نكون مستعدين وجاهزين بخطط وسيناريوهات للتعامل مع مثل هذا الأمر.

ما قلته يومها لم يكن رجما بالغيب بل مجرد توقع مبنى على رؤيتى لشخصية الرئيس الأمريكى وتصرفاته وسياساته فى سنوات ولايته الأولى وتصريحاته فى حملته الانتخابية الثانية.

ورغم ذلك فلم يشطح خيالى وتصوراتى وأفكارى إلى ما قاله الرئيس ترامب خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ليلة الثلاثاء قبل الماضى فى واشنطن، بأن أمريكا ستقوم بالسيطرة العسكرية على غزة و«تملك» القطاع، ونقل سكانه وأهله الفلسطينيين إلى أماكن خارج القطاع.

السؤال الذى ينبغى أن يشغل كل مصرى وأردنى وفلسطينى وعربى، وأى شخص سوى وعاقل فى العالم لديه ضمير إنسانى هو: كيف يمكن مواجهة هذا الموقف الأمريكى الإسرائيلى؟!

من حقنا جميعا أن نغضب ونشجب وندين ونستنكر.

لكن فى السياسية الدولية الراهنة، فإن ذلك وحده لا يكفى للأسف الشديد فى عالم لا يعترف إلا بحقائق القوة المجردة أو الشاملة.

هل يعنى ذلك أن ندخل فى حرب عنترية جوفاء مع الولايات المتحدة؟!

الإجابة هى لا قاطعة، لأننا كعرب جربنا الحروب العنترية كثيرا وانهزمنا فيها جميعا ولم ننتصر إلا حينما تعاملنا بواقعية وعلم مع الأمور.

إذن السؤال مرة أخرى: ما الخطوات والسيناريوهات التى يفترض أن نتبعها حتى نواجه هذا الموقف شديد الصعوبة الذى فاجأ الجميع تقريبا ليس فقط فى المنطقة العربية بل حتى داخل الإدارة الأمريكية نفسها، وداخل إسرائيل، لدرجة أن المخابرات العسكرية الإسرائيلية اعتبرته يقود إلى تفجير الأوضاع فى الأرض المحتلة، وفى المنطقة عموما؟

ظنى، بل يقينى أن الدولة المصرية بكل أجهزتها ومؤسساتها جاهزة لكل الاحتمالات والسيناريوهات بما فيها الأسوأ على الإطلاق. وظنى أيضا أننا قادرون بعون الله إذا تعاملنا مع الأمر بحكمة وواقعية وخطط مدروسة، سوف نفشل هذا المخطط شديد الخطورة.

وفى السطور التالية مجموعة من الأفكار التى قد تساعد فى هذا الأمر.

الخطوة الأولى هى الفهم الكامل والحقيقى والتفصيلى لشخصية ترامب من جميع جوانبها، والتعامل معها على هذا الأساس.

الخطورة الثانية وربما الأولى مكرر هى مواصلة كل الجهد الدبلوماسى والسياسى على كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية ويرتبط بهذا الجهد حشد أكبر قدر ممكن من التأييد العربى الحقيقى وليس الشكلى واللفظى. جيد أن تصدر الدول العربية الكبرى والمؤثرة رسائل واضحة فى هذا الصدد، وجيد أكثر أن تلتئم قمة عربية عاجلة فى القاهرة  يوم ٢٧ فبراير الجارى لإيصال رسالة لا لبس فيها إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، والأهم أن  تنتج عنها قرارات واجبة التنفيذ وليس لسد ورفع العتب.

أقصد هنا أن تكون الرسالة واضحة بأن تنفيذ قرار التهجير الأمريكى القسرى لسكان غزة سيعنى تأثر العلاقات العربية الأمريكية بصورة واضحة على  كل المستويات خصوصا الاقتصادية والعسكرية.

وسيعنى أن المصالح الأمريكية فى المنطقة ستصبح مهددة من قبل الشعوب والجماعات الغاضبة، وأن اقتراح ترامب هو أفضل هدية يمكن أن تتلقاها الجماعات المتطرفة فى المنطقة.

لكن وبعد كل هذا الجهد السياسى والدبلوماسى اقترح أن تكون الرسالة واضحة لأمريكا وهى: «شكرا لكم على خوفكم على سكان غزة، لكن اتركوا لنا نحن العرب مهمة إعادة إعمار غزة وأهلها داخلها. فقط كفوا عنا أذى إسرائيل، لدينا خبرة فى إعمار كل ما دمرته إسرائيل سابقا فى غزة ابتداء من عام ١٩٥٥ وحتى سنوات قليلة مضت».

ظنى الشخصى أن ترامب يدرك أن اقتراحه غير قابل للتنفيذ على أرض الواقع، وهناك قطاعات قليلة عاقلة فى المجتمع الإسرائيلى تدرك ذلك.

وأخشى أن يكون هذا الاقتراح هو مجرد اقتراح مبالغ فيه للحصول على أثمان ومكاسب أخرى مثل طرد المقاومة من غزة بالكامل، وتهويد الضفة الغربية أو أن تتحمل الدول العربية تكلفة إعادة الإعمار.

وهو أمر أرجو أن أعود إليه فى وقت لاحق.

علينا أن نكون مستعدين لأسوأ أنواع السيناريوهات حتى لا نتفاجأ بأى شىء.

كان الله فى عون مصر والمصريين حكومة وقيادة شعبا فى هذه الأوقات العصيبة.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي