المعركة العسكرية التى يخطط لها الجيش «مركبات جدعون»، فى حال تم تطبيقها كاملة، يمكن أن تضع الرهائن الأحياء فى خطر، لكنها تهدف إلى تقليل هذا الخطر إلى أقل قدر ممكن.
عمليا، «مركبات جدعون» هى معركة عسكرية – مدنية - سياسية، غايتها تحقيق هدفين: الأول، دفع «حماس» والجهاد الإسلامى إلى الموافقة على صفقة تبادُل كبيرة بشروط مقبولة من إسرائيل؛ والثانى، إلحاق ضرر كبير بقوة حماس القتالية وبناها التحتية، للسماح بتسوية فى القطاع فى «اليوم التالى». وفى إطار هذه الترتيبات، سيتم نزع سلاح التنظيم، ولن تستطيع قيادته فى غزة السيطرة على مجموعات «المخربين» الموزعين فى القطاع، لكن يمكنهم إدارة حرب عصابات ضد الجيش.
من المفترض تنفيذ الحملة على ثلاث مراحل: الأولى التجهيزات والتجنيد، إذ ستستمر مرحلة التجهيزات 7 أيام إضافية تقريبا، حتى ينهى الرئيس الأمريكى زيارته للشرق الأوسط يوم 15 مايو الجارى، ويمكن أن تستمر أكثر من ذلك. فى هذه المرحلة، سيجرى تجهيز المنطقة، وهو ما يحدث فعلا فى رفح، لكى يبقى فيها نحو مليونى شخص سيصلون إليها فى المرحلة الثانية. أمّا المناطق الواقعة فى جنوب - غرب القطاع، وتحديدا بين محور «موراغ» ومحور «فيلادلفيا» فى منطقة رفح، فهى مناطق فارغة من الناس، والمبانى فيها مدمرة، ويعتقد الجيش أيضا أن الأنفاق هناك، فى أغلبيتها، غير صالحة للاستعمال من طرف حماس.
فى هذه المرحلة، ستبنى إسرائيل، وبمشاركة شركة أمريكية، مراكز لوجيستية، حيث ستقوم الشركة هناك بتوزيع الغذاء والأدوية والماء وتأمين حاجات سكان القطاع. ستصل هذه المساعدات إلى معبر كرم أبو سالم، وتخضع للتفتيش الذى سيُجريه الجيش، ويرافقها فى طريق قصيرة إلى المناطق الآمنة، وأيضا المراكز اللوجيستية التابعة للشركة الأمريكية. سيُقيم الجيش، وبالتعاون مع جهاز الأمن العام «الشاباك»، نقاط تفتيش فى المحاور الرئيسية التى سيسير فيها سكان غزة إلى المناطق المخصصة لهم. يجب أن يكون دور هذه الممرات منع عناصر حماس والجهاد الإسلامى من الهروب من مناطق القتال التى سيدخلها الجيش واستعمال العزل كـ«دروع بشرية» وتجنيد مقاتلين منهم. الهدف أيضا من هذه المراكز هو منع حماس من سرقة المساعدات من أجل تمويل نشاطاتها.
خلال مرحلة التجهيزات، سيكون هناك تجنيد محدود لجنود الاحتياط. وستحلّ وحدات الاحتياط التى جرى تجنيدها، محلّ النظاميين الموجودين على الحدود مع سوريا ولبنان، حيث سيتم تحويلهم إلى القطاع مع بدء مرحلة المناورة، وبالتدريج، لاحتلاله.
حتى نهاية زيارة ترامب للمنطقة، يُفترض أن تخلق الأيام «خطوة سياسية» تلغى المناورة العسكرية. تتوقع إسرائيل أن يؤثر ترامب فى الجانب القطرى لكى يعودوا إلى الوساطة الفعالة وممارسة الضغط على حماس لإبداء مزيد من الليونة، والموافقة على تفكيك سلاح الحركة.
خلال أسبوعين من الاستعدادات، تنوى إسرائيل السماح لقيادات حماس، وأساسا محمد السنوار، بإعادة النظر فى مواقفها بشأن تحرير الرهائن، وربما الموافقة على مقترح ويتكوف، والذى يُحرَّر بموجبه جزء من الرهائن (بين 5 و11) على دفعتين، فى مقابل وقف إطلاق نار يستمر شهرا، أو أكثر، ومنع إسرائيل من المضى فى خطة «مركبات جدعون».
• • •
فى المرحلة الثانية، سيبدأ الجيش الإسرائيلى بتكثيف النيران التمهيدية، ويطالب سكان غزة فى المناطق التى لم يعمل فيها الجيش سابقا، بالتحرك نحو المناطق الآمنة. ستقوم نقاط التفتيش بعملية ترشيح للعابرين جنوبا إلى رفح، لمنع انتقال عناصر حماس إلى المناطق الآمنة. هكذا يستطيع الجيش قتال الذين سيبقون فى القطاع، من دون خوف من إلحاق الضرر بالعزل.
هناك هدفان لهذه المرحلة: أولا، الضغط على «حماس» لكى تتوقف عن القتال؛ وتقريب كثيرين من الغزيين إلى المناطق الحدودية مع مصر وإسرائيل وشاطئ البحر، لتشجيعهم على المغادرة بإرادتهم. وفى الوقت نفسه، تدير إسرائيل مفاوضات مع بعض الدول التى يمكن أن تستقبل سكان غزة الذين يريدون المغادرة. كما سيبدأ توزيع المساعدات الإنسانية فى غزة فى هذه المرحلة، وسيتم إخلاء المرضى والمصابين إلى خارج القطاع.
• • •
فى المرحلة الثالثة، سيناور الجيش فى المناطق المُخلاة. سيتم تنفيذ المهمات تحت الأرض. أمّا الهدف، فهو قطع التواصل ما بين الكتائب والألوية التابعة لحماس والجهاد الإسلامى والتعامل معها بواسطة قوات ستبقى فى الميدان وقتا طويلا.
ستستمر مرحلة السيطرة التدريجية على مناطق من القطاع بضعة أشهر، وبعدها، ستبقى القوات فى الميدان لمنع حماس من الخروج فوق سطح الأرض، وستقاتل الذين ما زالوا يقاتلون، وخصوصا فى شبكة الأنفاق والمبانى التى يستعملونها.
• • •
توجد لدى «حماس» محطة خروج بعد نهاية كل مرحلة فى المعركة، أو خلالها. فى مرحلة الاستعدادات، يمكن أن توافق حماس على تحرير الرهائن، وتمنع إسرائيل من تنفيذ مرحلة تحريك السكان. محطة الخروج الثانية ستسبق المناورة البرية التى سينفّذها الجيش لاحتلال القطاع والبقاء فيه، أو خلالها. أمّا نقطة الخروج الثالثة، فستكون قبل نهاية المعركة، وقبل أن تبدأ إسرائيل بتجنيد الاحتياط بشكل واسع، واحتلال القطاع.
تستعمل الخطة 5 أدوات ضغط على حماس: الأولى هى احتلال مناطق والبقاء فيها، وذلك عبر قطع التواصل مع بقايا حماس وهدم البنى القتالية لديهم. هذه الأداة تتضمن توسيع المناطق العازلة فى هوامش القطاع وتقسيمه كأداة لزيادة أمن بلدات الغلاف؛ أمّا الأداة الثانية، فهى نقل السكان إلى مناطق لا توجد فيها علاقة مباشرة بين المجتمع وبين ما تبقى من بنى حماس. والأداة الثالثة التى تُقلق حماس كثيرا هى منع سرقة المساعدات الإنسانية. والأداة الرابعة هى الفصل ما بين حماس والسكان فى كثير من المناطق.
رون بن يشاى
يديعوت أحرونوت
مؤسسة الدراسات الفلسطينية