نشرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية مقالا للكاتب وأستاذ السياسة الدولية فى جامعة تافتس دانيال دريزنر يتحدث عن الخطر الذى تمثله داعش على الولايات المتحدة. منذ نجحت قوات داعش فى إخراج الحكومة العراقية من المناطق التى يسيطر عليها السنة فى العراق، ركزت وسائل الإعلام تغطيتها للسياسة العالمية على منطقة الشرق الأوسط. وقد لاحظ حتى المساهمين فى فوكس نيوز أن وسائل الإعلام اضطرت إدارة أوباما لتوجيه المزيد من الاهتمام لمنطقة الشرق الأوسط بدلا من شرق آسيا.
•••
وأشار الكاتب إلى تفكك وحدة الأراضى العراقية. حيث تقوم داعش بإنشاء قاعدة للعمليات فى جميع أنحاء سوريا والعراق، وتشير تقارير الاستخبارات إلى أنها قد ترغب فى استخدام هذه القاعدة لمهاجمة الولايات المتحدة. وفى وست بوينت، شدد الرئيس أوباما على أهمية مواجهة التهديدات الإرهابية باعتبارها أهم أولويات الأمن القومى، وللأسف تميل السياسة الخارجية الأمريكية إلى ملاحقة أسوأ المشكلات حيثما كانت. أو، كما ذكر جيريمى بريسمان، فى تغريدة على تويتر: «ولكن، هل تشكل داعش، أو عدم الاستقرار فى الشرق الأوسط بشكل عام، حقا أكبر تهديد للولايات المتحدة بشكل عام؟». وقبل بضعة أيام لجأ فرانسيس فوكوياما إلى صفحات الفاينانشيال تايمز ليقول إن الإجابة: «لا». ويقول: «كان خطاب السياسة الخارجية للرئيس الأمريكى باراك أوباما فى أكاديمية وست بوينت العسكرية مايو خاطئا. فقد طرح معايير مختلفة مجردة عن استخدام القوة (يجب أن تكون الإجراءات «متناسبة وفعالة وعادلة»؛ وعندما لا يكون هناك تهديد مباشر لمصالح الولايات المتحدة، «يجب أن يكون المدخل للقيام بعمل عسكرى مرتفعا»). فمن الصعب أن نختلف. ولكنه واصل القول بأن التهديد المباشر الوحيد الذى نواجهه هو الإرهاب. ولم يقل شيئا تقريبا عن المواجهات طويلة الأجل لاثنين من التحديات الكبرى الأخرى للنظام العالمي: روسيا والصين. وقد كانت هناك ضجة كبيرة حول «محور» الولايات المتحدة نحو آسيا - إحدى أهم المبادرات فى ولاية أوباما الأولى - لكنه لم يذكر كلمة واحدة.
•••
ويرى الكاتب أنه على الرغم من النجاحات التى حققتها مؤخرا «الدولة الإسلامية فى العراق وبلاد الشام» المعروفة باسم (داعش)، إلا أن الإرهاب فى الواقع أقل التحديات التى تواجه مصالح الولايات المتحدة الأساسية، تماسكا. فما نشهده فى العراق وسوريا انتشار بطيء للحرب بين السنة والشيعة، حيث تعمل القوى المحلية بالوكالة عن المملكة العربية السعودية وإيران. إنها أزمة إنسانية تتشكل. ويستطرد دريزنر «مع ذلك، فإننا لم نستطع احتواء الأحقاد الطائفية عندما كنا نحتل العراق بمائة وخمسين ألف جندي؛ فمن الصعب معرفة كيف يمكن التصرف بشكل حاسم الآن....»
•••
وأوضح دريزنر، أن الإستراتيجية هى تحديد الأولويات، واعتبار أن بعض الأمور أكثر أهمية من غيرها، وشرح أسباب ذلك. وليس من الإستراتيجية اعتبار أنه لا يوجد مكان لا يستحق اهتمام الولايات المتحدة. وقد طرح أوباما فى خطابه الأولوية الخاطئة، وواصل الخطأ الأصلى لسلفه، المتمثل فى المبالغة فى تقدير حجم التحدى الإرهابى.
•••
وفى نهاية المقال أكد دريزنر قائلا أنه أكثر اقتناعا بحجة فوكوياما من اقتناعه برأى لوبى الخبراء فى شئون الشرق الأوسط. وسوف تنشغل داعش بمجرد محاولة الحفاظ على ما تسيطر عليه الآن. ففى آخر مرة حاولت فعلا أن تحكم مساحة فى العراق، أثارت تمرد السنة. وهناك جهات فاعلة أخرى فى الشرق الأوسط ذات مصلحة فى مكافحة هذه الجماعة. ومن ناحية أخرى، هناك روسيا والصين، القوتان العظميان بما لهما فعليا من طموحات إقليمية معدلة، وحوافز محلية، تدفعهما للتركيز على الأعداء الخارجيين. وهو مزيج سام فى المدى المتوسط.
ومع ذلك، يخشى الكاتب من أن فوكوياما يخوض معركة خاسرة. ويوضح ذلك قائلا «فنحن نعرف أمرين حول سياسة أوباما الخارجية فى ولايته الثانية: إنها سوف تتبع الرأى العام الأمريكى. والشيء الوحيد الذى يهم الرأى العام الأمريكى، هو مكافحة الإرهاب. كما أن الرئيس يمتلك حقا قدرا كبيرا من حرية الحركة فى ميدانى السياسة الخارجية والاستراتيجية الكبرى، وأنه اختار فحسب عدم ممارسة هذا الحق». ويطرح فوكوياما الأسئلة الصحيحة ــ ما هو أكبر تهديد للولايات المتحدة؟ ما هى أفضل طريقة لمكافحة هذا التهديد؟ ــ ولكن، بينما تصيغ الإدارة أحدث إستراتيجية للأمن الوطنى، من الواضح أن البيت الأبيض لا يرغب فى تقديم أى إجابات