نشرت صحيفة الجارديان البريطانية مقالا للكاتبة «ستيلا كريسى»، والذى يتناول تأثير السياسات الاقتصادية التقشفية فى بريطانيا على عدم المساواة بين الرجال والنساء، والتى أدت أيضا إلى تفاوت فى الأجور بين الجنسين. من الجدير بالذكر الإشارة إلى أحد مقولات بنجامين فرانكلين ألا وهى «لا يمكن القول بأن أى شىء مؤكد فى هذا العالم سوى الموت والضرائب»، على الرغم من أن هناك حقيقة مفاداها أن عمر المرأة أطول من عمر الرجل إلا أن ــ الكثير من الدول تفرض على النساء ضرائب أكثر من الرجل ــ جيوبهن تضرب بشكل أكبر عندما يتعلق الأمر بالإيرادات العامة. فإذا كانت المسألة الأولى تتعلق بالناحية الفسيولوجية فالأخرى تتعلق بالناحية السياسية. وبدون تحديد كيف ذلك وما هو سبب ذلك؟ لا يمكن معالجة أى منهما.
بعد مرور سبع سنوات على تطبيق السياسة الاقتصادية التقشفية فى بريطانيا، فلقد أدت تلك السياسة إلى عدم المساواة بين الرجل والمرأة وتفاوت كبير فى الضرائب على البدلات الشخصية حيث وصل الحد الأقصى إلى 50000 جنيه استرلينى، وهذا غالبا يكون فى صالح الرجال البيض الأكبر سنا. ومن الجدير بالذكر أن أكثر من 43 % من البالغين لا يجنون أكثر من هذه البدلات فى المقام الأول، فمن بين هذه النسبة نحو 66% من النساء و41% من الأطفال المعالين. كما أن هناك 73% من الرجال يتوقعون ارتفاع الحد الأقصى للضرائب.
هناك اعتراض كبير على ارتفاع رأس المال المدفوع للقطاع العام، حيث تشكل النساء نحو ثلثين من القوة العاملة مما يؤدى ذلك إلى ارتفاع فى معدلات الفقر وزيادة الفجوة فى الأجور بين الجنسين. وبعد مرور 40 عاما من صدور هذا التشريع، فلاتزال النساء لا تتمتع بالمساوة فى الأجور، ومن ثم فهن أكثر اعتمادا على الإعانات التى تقدمها الدولة. فضلا عن أن السياسة الاقتصادية لا تؤثر فقط على نوع الفرد ــ رجل أم امرأةــ بل إنها تؤثر على النساء ذات الأقليات السوداء.
ولقد أوضح مجلس العموم البريطانى أنه ما بين عامى 2010ــ 2017 تحملت النساء نحو 86% من عبء التقشف، كما كانت تكلفتهن العامة نحو 79 مليار جنيه استرلينى منذ 2010 بينما الرجال يتحملون 31 مليار جنيه استرلينى.
يكمن حل مشكلة عدم المساواة والتفاوت فى الأجور فى اتخاذ الحكومة قرارات للعمل على حل المشكلات الكامنة بالإضافة إلى العمل على الموازنة بحيث لا تكون الأمور أسوأ. فلكى يتم اختيار أفضل القرارات فلابد أن يدرك السياسيون الذين يمتلكون البيانات كيفية تأثير هذه القرارات والإجراءات على الشعب.
إن الحكومة البريطانية لا تدرك مدى خطورة هذه القرارات وتأثيرها الخطير على الشعب. فهم يتجنبون الدعوات التى تنادى بجمع ونشر الأدلة بخصوص تأثير تلك القرارات على تغيرات سياسة الخزينة العامة للدولة، وذلك بحجة أنه من الصعب توفير الأدلة الخاصة بالسياسات الضريبية حيث يقابلها إنفاق الحكومة على خدمات أخرى مثل رعاية الأطفال.
توضح كلا من لجنة المساواة وحقوق الإنسان ورابطة ميزانية المرأةThe Group Women's Budget ومعهد الدراسات المالية كيفية قياس الأثر الفردى والتراكمى للسياسات الاقتصادية على مختلف فئات المجتمع. وإن الفشل فى جمع مثل هذه الأدلة لا يؤدى فقط إلى سوء صنع السياسة وإنما هو خرق للواجبات القانونية للحكومة، فمنذ عام 2011 اتجه القطاع العام لتطبيق المساواة فى جميع الإدارات واتخاذ العديد من الإجراءات اللازمة.
بعد سنوات من التقشف، اتضح أن النساء هن من يدفعن نتائج هذه القرارات والإجراءات الحكومية لذلك أطلقت حملة «ليدى داتا» على مواقع التواصل الاجتماعى، حيث تقوم بإجراء تقييمات لنتائج وتأثير تنفيذ الميزانيات المقترحة على مختلف فئات المجتمع ونشرها قبل أن يتم سنها من جانب الحكومة. إلا أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى أثبت أن هذه التقييمات المستقبلية ليست الحل. فهى أداة للمساعدة فى تفسير ما يمكن أن يحدث نتيجة لأى إجراء يتم اتخاذه. ما يهم هو ما تفعله عندما قدمت النتائج. لا يوجد حكومة تستطيع أن تدعى بأنها تريد أن تساعد الإدارات الخاصة بها فقط وتتجاهل بعض الإدارات الأخرى بسبب اختلافات فى الجنس أو اللون أو العرق أو المنطقة التى تعيش فيها.
خلال الأيام القادمة فى البرلمان البريطانى، توجد فرصة لإجراء مثل هذه التقييمات كجزء من عملية إعداد الموازنات السنوية، ولكن إذا صوت النواب ضد هذه المقترحات، فإن عدم المساواة بين الجنسين سوف يستمر، ويثبت صحة مقولة بنجامين فرانكلين بخصوص أن الموت والضرائب هما الشيئين الوحيدين الحقيقيين فى الحياة.
النص الأصلى