السيارات غريبة.. هل يمثلون أفضل طريقة لتحقيق هذه المهمة؟ - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الأحد 15 ديسمبر 2024 5:29 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

السيارات غريبة.. هل يمثلون أفضل طريقة لتحقيق هذه المهمة؟

نشر فى : السبت 13 أبريل 2019 - 10:15 م | آخر تحديث : الأحد 14 أبريل 2019 - 10:45 ص
ابتهال أحمد عبدالغني

نشرت مجلة «Current Affairs» مقالا للكاتب «ناثان روبنسون» طرح فيها نظرته إلى استخدامنا للسيارات فى حياتنا اليومية؛ حيث يرى أن السيارات تم اختراعها لحل مشكلة لم تكن موجودة فى الأساس، وأنها تمثل قيدا على حرية الفرد وضررا على البيئة. ويقترح الكاتب ــ من وجهة نظره ــ الدراجات على أنها أفضل وسيلة للتنقل لما لها من منافع على حياة الأفراد وعلى البيئة.
يستهل الكاتب حديثه بالتعبير عما يراه من تناقض فى مفهوم السيارة. فهى تبدو كما أن هناك مجتمعا قام ببناء حجرة معيشة، ومن أجل أن يتنقل من مكان إلى آخر يجب عليه أخذ الحجرة بأكملها. وبالتالى فإن السيارة تمثل الكثير من الأشياء لحملها من مكان إلى آخر. وبالتالى يصبح من المؤكد وجود طريقة أخرى للتنقل بدون هذا العبء الضخم، طريقة ما مثل أقدامنا أو حاوية تنقل عددا كبيرا من الأشخاص بدلا من شخص واحد أو دراجة.
ويقول الكاتب إنه بدأ يستخدم فقط الدراجة منذ بضع سنوات. وهو بالفعل يمتلك سيارة فولكس فاجن بيتل 1974 ويستخدمها مرة واحدة كل ستة أشهر تقريبا. ولا ينكر الكاتب الشعور بالسرور والحرية الذى تجلبه القيادة على الطرق السريعة والإحساس الصغير بالإنجاز الذى يأتى مع تغيير السرعات. فهذا يجعله يشعر كأنه جايمس بوند، يشعر كأنه شخص رائع فى سيارة.
وعلى الرغم من هذا: السيارات ما زالت غريبة.. السيارات غريبة نظرا لأن المواصلات بشكل خاص ينتج عنها أكثر من ربع حجم انبعاثات غازات الصوبة الزجاجية، والسيارات «الملاكى»، وما تنتجه من انبعاثات تمثل نصف هذه النسبة. وبالنظر إلى أن أزمة التغير المناخى ستخلق مئات الملايين من اللاجئين وتغرق مدينة «ميامى» تحت المياه، تمثل السيارات نوعا من السرقة، حيث يتم التضحية بمصالح من لا يقومون بقيادة السيارات لأن من يقودون السيارات قرروا التنقل بغرفة معيشة كاملة من مكان إلى آخر.
ومع ذلك، فيقول الكاتب إنه لا يؤيد نهج المسئولية الشخصية تجاه تغير المناخ، من حيث تشجيع الناس واحدا تلو الآخر على تبنى أسلوب حياة بسيط لحل هذه الأزمة العالمية. هذه ليست مشكلة الاختيار الفردى للأفراد، فمن رأى مدينة لوس أنجلوس لا يمكن أن يعتقد هذا. ويقول الكاتب إن تجربته فى السير على أقدامه فى شوارع لوس أنجلوس كانت مرعبة. ولم يجرب استخدام الدراجة لأن الفكرة كانت أكثر رعبا. الناس لا يختارون الجلوس فى سياراتهم لساعات لأنهم كسالى أو أنانيون، ولكن لأن مدينتهم فشلت فى التخطيط.
إذا قمنا بتصميم مدينة من الصفر، فمن الممكن أن نتخلص من الحاجة للسيارات بشكل شبه كامل. ولكن نظرا لأن الرأسمالية تقيس القيمة من حيث السعر، وتنسى إدراج أشياء مثل «إضاعة أوقات الجميع» و«تدمير الأرض بأكملها»، فهى تخلق لنا أماكن يكون استخدام السيارات فيها لا مفر منه. ويقول الكاتب إنه على الصعيد الشخصى، هذه الأماكن تصيبه بالاكتئاب: فإذا أراد أن يذهب إلى أى متجر يجب عليه أن يستخدم المواصلات. ويقول إنه ليس أول شخص يلاحظ أن استخدام السيارات يجعل الفرد يشعر بالوحدة، بوضعه فى صندوق مغلق بدلا من وضعه مع أشخاص آخرين. الكاتب الآن يركب الدراجة كل يوم، ويقوم الناس بالإشارة إليه بالترحاب، ويستطيع أن يرى الرسامين والموسيقيين فى الشوارع، يستطيع أن يتنفس الهواء وأن يشعر بأنه جزء من الحى.
من المرجح أن يكون بإمكاننا صناعة سيارات لا تعمل على تدمير الكوكب. ولكن ستظل السيارات غريبة، فهى تبدو كشيء تم تصميمه لحل مشكلة لم تكن موجودة فى الأساس. وبالنسبة للكاتب الدراجة تعد تقنية مثالية لا ينتج عنها انبعاثات ضارة وتعطى القدرة على الذهاب لأى مكان باستخدام قدر قليل من الجهد. وبالنسبة للكاتب فهو يقول إنه لا يفضل الحافلات حيث إنه يفلت كل يوم مرة على الأقل من دهسها له ويجد مترو الأنفاق مرعبا بسبب الأنفاق.
لقد قرأ الكاتب مقالا فى جريدة «وال ستريت» تقول إن اليساريين يحبون القطارات لأنهم مستبدون ويكرهون السيارات لأن السيارة تعبر عن حرية الفرد. وعد ذلك كمثال تام لماذا يعد المفهوم الليبرالى للحرية رخيصا وكاذبا. السيارات هى الحرية فى أن تكون وحيدا وعالقا فى زحام المرور. القطارات هى تحرر من الاضطرار إلى امتلاك حاوية نقل خاصة بالفرد. فإذا كنت تريد أن تتذوق الوعود الرأسمالية للمستقبل، فلتجلس فى سيارة لمدة خمس ساعات ولا تتحرك.
فى كل مرة يجد فيها الكاتب نفسه فى زحام مرورى، والذى يحاول تفاديه بقدر الإمكان لأن وقتنا فى الحياة محدود، وبالتالى الوقت له قيمة عالية، تأتى له نفس الفكرة «كم استنفدنا من موارد الطبيعة لصنع هذه الأشياء؟ ما هى حجم الموارد التى مازالت موجودة؟ هل نحن فى حاجة إلى كل هذه السيارات؟ هل هى شيء معقول لأن نمتلكه؟».. ولا يعتقد الـكاتب أن هناك من استطاع ألا يفكر فى هذه الأسئلة. وما زال الكاتب فى الأخير لا يستطيع أن يفكر إلا بأن: السيارات غريبة.

لقراءة النص الأصلي:

CARS ARE WEIRD

 

التعليقات